الجسور هي وصلات مهمة في شبكات النقل. في مواقعها عبر الممرات المائية، تتعرض الجسور للتأثيرات الكاملة للفيضانات والانهيارات الأرضية، وفي كثير من الأحيان تكون الجسور أول أجزاء البنية التحتية التي تتعرض للضرر الناتج عن وقوع كارثة ما. كما أن إصلاحها يحتاج لأسابيع وربما شهور. إلى جانب إلحاق أضرار مُكلفة بالبنية التحتية نفسها، فأن أي تعطل في خدمات الربط له تأثيرات كبيرة أيضا على الانتاجية الاقتصادية وقدرة الناس على الوصول إلى الخدمات الأساسية. وبينما تشير التوقعات إلى أن كثيرا من الأماكن سيشهد هطول أمطار أكثر تكرارا وشدة بسبب تغير المناخ، ستتفاقم المخاطر التي تواجهها الجسور. سيؤدي هطول المزيد من الأمطار إلى تدفق أكبر لمياه الأنهار وإلحاق المزيد من الأضرار بالجسور، لا سيما ما هو مصمم لمواجهة عواصف أصغر.
عند نهاية كل جسر يوجد هيكل يدعم جسم الجسر. وتعرف هذه باسم الدعائم، وهي أول جزء ينهار من الجسر في الغالب. يمكن أن يدفع انسداد القناة الرئيسية بالحطام المياه للبحث عن مسار أقل مقاومة عند جانبي الجسور، وهو ما يعرض الدعائم للخطر.
تشمل عملية بناء الجسور التقليدية تركيب أعمدة لأساسات الدعائم-وهي عملية طويلة ومكلفة تتطلب مواد متخصصة، ومهارات ومعدات معينة.
لكن هناك حلا واعدا آخر: دعائم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية. يتيح ذلك عملية بناء سريعة ومرنة لدعائم الجسور باستخدام المواد المتاحة محليا، دون حاجة إلى معدات متخصصة. باستخدام هذه التقنية، يمكن بناء الجسور في مدة لا تتجاوز خمسة أيام (فون هاندورف، 2013) وبتكلفة تقل 30-50% عن تكلفة الأساليب التقليدية (تونكين وتايلور، 2016).
تعتمد دعائم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية على ‘الشبكات الجيولوجية‘ وهي شبكة عالية الكثافة مصنوعة من البولي إثيلين (بلاستيك). يتم المزج بين طبقات التربة والشبكة الجيولوجية لإقامة أساس متين لجسم الجسر. ويمكن استكمال عملية البناء بالاستعانة بالمعدات الأساسية للحفر ورص التربة، ومجموعة من مواد الملء المحلية تحت إشراف اختصاصيين في الهندسة الجيوتقنية.
هذا الفيديو هو عرض ممتاز لكيفية تعزيز الشبكات الجيولوجية قوة التربة تعزيزا ملموسا. عند وضعه بين طبقات التربة المضغوطة بعناية، يحسن نظام التعزيز هذا خصائص التربة بحيث يمكن أن تتحمل حمولة جسم الجسر.
وبهذا الأسلوب، يمكن بناء الدعائم بسرعة، بتكلفة منخفضة جدا ودون الحاجة إلى وصلة مرصوفة للحفاظ عليها. ومن المزايا الإضافية أن هذا النهج يتمتع بمستوى مرتفع من مقاومة الزلازل. ومثل أي دعامة، تحظى الحماية من تعرية التربة بفعل المياه (التي تعرف باسم التحات) بأهمية كبيرة، لكن مع وجود الحماية جيدة التصميم من التحات (مثل مصدات الصخور) ستتمتع دعائم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية بنفس القدرة على مقاومة التحات كما في الجسور المبنية على دعائم.
ومؤخرا، بحث خبراء النقل وإدارة مخاطر الكوارث في البنك الدولي تقديم تكنولوجيا بناء الجسور بدعائم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية إلى سري لانكا، حيث يعاني أكثر من 50% من الجسور من تدهور كبير. وجدنا أن الركام المسحوق محليا مثالي لحشو دعائم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية إذ أنه منخفض المخاطر والتكلفة ومتاح بسهولة. استكمل الفريق تصميم المفاهيم لعينة من أربعة جسور، وخلص إلى أن هذه التقنية قد توفر من 30% إلى 50% من التكلفة، فضلا عن خفض مدة البناء وزيادة مقاومة الجسور (تونكين وتايلور، 2016). تم تقديم طلب للحصول على تمويل لتجريب البناء بهذه الطريقة.
وبينما تجني هذه التكنولوجيا ثمارها في سري لانكا، يمكن أن تستفيد أماكن أخرى من هذه التقنية وتحصل على مزايا مماثلة، ولا يسعني إلا تشجيع الحكومات، والمانحين، والمهندسين على أخذ هذه التقنية بعين الاعتبار عند التفكير في بناء جسر أو استبداله.
ونظرا لأن الجسور حلقات مهمة في شبكات النقل البري، يمكن أن تقدم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية حلا مرنا وفعالا لحماية واصلاح خدمات الربط. وتمثل دعائم التربة المثبتة بهذه التقنية نموذجا مشجعا للتكنولوجيا منخفضة التكلفة، بالغة الأثر إذ يبين كيف يمكن أن يتضافر الابتكار الهندسي مع التفكير خارج الصندوق في الذهاب بعيدا في حماية البنية التحتية والاقتصاد في مواجهة التأثيرات المدمرة لتغير المناخ.
تم وضع الدراسة التي أجراها البنك الدولي مؤخرا عن استخدام دعائم التربة المثبتة بالمواد الاصطناعية الجيولوجية في بناء الجسور في سري لانكا بدعم من الصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها.
انضم إلى النقاش