نشر في أصوات

الوضع الصحي للمرأة وتمكينها في صلب عملية التنمية

الصفحة متوفرة باللغة:
© دومينيك تشافيز / البنك الدولي


في اليوم العالمي للسكان الذي حل الأسبوع الماضي، كنت أفكر في البهجة التي يجلبها الأطفال وفي حق المرأة في أن تقرر توقيت إنجابهم. فهذا الأمر يهم المرأة بقدر مايهم المجتمع كله. لايمكن أن تكون هناك تنمية مستدامة بدون تمكين المرأة، ولايمكن أن تمكن المرأة دون حصولها على الخدمات الإنجابية والصحية الشاملة ورعاية الأمومة. تنظيم الأسرة جزء من هذه الخدمات.

في قمة تنظيم الأسرة التي عقدت بلندن، اجتمع أكثر من 60 شريكا وتعهدوا بتقديم أكثر من ملياري دولار لضمان حصول أكثر من 120 مليون امرأة وفتاة أخرى على خدمات تنظيم الأسرة التطوعية بحلول عام 2020. هذا هو الشيء الصحيح، والشيء الذكي الذي ينبغي عمله أيضا. فاقتصاد المستقبل يتطلب المشاركة الكاملة للمرأة. إن إنجاب الأطفال وتوقيت الإنجاب وعدد الأطفال الذين ستنجبهم هو من القرارات الجوهرية التي يمكن أن تتخذها المرأة، كما أنها تقرر كيف يمكن أن تشارك بشكل فعال في الحياة الاقتصادية لمجتمعها. وجدت إحدى الدراسات في بنغلاديش أن المجتمعات التي تتوفر بها برامج تنظيم الأسرة تقل فيها وفيات الأطفال بنسبة 30 في المائة، وتزيد فيها أجور النساء بنسبة 40 في المائة، كما تزيد بها الأصول المادية للبالغ الواحد بنسبة 25 في المائة عن المجتمعات التي لاتوجد بها برامج لتنظيم الأسرة.

ورغم الاحتياج وحقيقة أن من المنطق الاقتصادي الاستثمار في تنظيم الأسرة، فإن استثمارات القطاع العام في تنظيم الأسرة بالفئة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل تصل إلى 17 في المائة فقط. يدفع المستخدمون من جيوبهم الخاصة 54 في المائة من تكلفة موانع الحمل، وهو مايعني أن المرأة تدفع ثمن رعايتها بنفسها. كما يتحمل شركاء التنمية الذين لم يقدموا التزامات مستدامة لهذه القضية المسؤولية عن الفجوة الكبيرة والمتنامية في التمويل. هذا غير مقبول وغير مستدام.

وهذا هو السبب في أنني سعيد بشكل خاص لسماع، ليس فقط وزراء الصحة، بل أيضا وزراء المالية من نيجيريا وباكستان وأفغانستان وسيراليون وملاوي وأوغندة وبنغلادش يقرون بأن تنظيم الأسرة أمر مهم لنجاح اقتصاداتهم ومجتمعاتهم على المدى الطويل. إن تنظيم الأسرة هو بكل المقاييس "بيع رابح" للتنمية.

البنك الدولي يستثمر في تنظيم الأسرة ضمن خدمات شاملة للصحة الإنجابية وصحة الأم على مدى عقود. في الدورة الأخيرة من تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، ذراع البنك الدولي المعني بمساعدة البلدان الأشد فقرا، استثمرنا مايقرب من مليار دولار في الصحة الإنجابية وصحة الأم، وأربعة مليارات لتعزيز أنظمة الصحة الضرورية لتطوير جميع الخدمات ذات الأولوية، التي تشمل تنظيم الأسرة. هناك مبادرة إقليمية أطلقناها عام 2015 تسمى تمكين المرأة في منطقة الساحل ومساهمتها الديموغرافية SWEDD، تعمل مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في ستة بلدان بمنطقة الساحل الأفريقي، وتشمل الصحة والخدمات الإنجابية والتغذية والتعليم وتزويد الفتيات بالمهارات، وشبكات الحماية الاجتماعية القوية، والتدخلات لتغيير السلوكيات المتوطنة في المجتمع والدفاع على أعلى مستوى.

منذ عام 2015، قمنا على تأمين إنشاء برنامج التمويل العالمي GFF الذي يستضيفه البنك الدولي والذي يمثل ذراع التمويل الرئيسي لمبادرة "كل امرأة وكل طفل"التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة لتحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة المتعلقة بصحة الأم والمولود والطفل وتنظيم الأسرة. الصندوق يعتمد على حالات الاستثمار القطري لسحب التمويل بشكل متماسك من المصادر المحلية، وشركاء التنمية والقطاع الخاص. كل دولار من هذا الصندوق الاستئماني لبرنامج التمويل العالمي هو محفز يجلب أربعة دولارات من التمويل الميسر الذي تقدمه مؤسسة التمويل الدولية.

النموذج الناجح لبرنامج التمويل العالمي، ونطاق التجديد الثامن عشر لموارد المؤسسة الدولية للتنمية، يتيح لنا جميعا فرصة كبرى الآن للوفاء بوعد التمويل المستدام لصحة الطفل والمرأة. ويصدق هذا بشكل خاص في البلدان ذات الاحتياجات الكبيرة، وفي المناطق الهشة والمتأثرة بالصراعات، حيث تواجه النساء والفتيات عقبات أكبر في الحصول على الخدمات الصحية الأساسية. لقد عدت من لندن وكلي ثقة في أن الوقت قد حان لمزج الطموح بالابتكار وبتوسيع نطاق هذا الأمر.


بقلم

كريستالينا جورجيفا

الرئيسة التنفيذية السابقة للبنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000