
تخيل سيناريو يواجه فيه بلد ما تدفقاً هائلاً من اللاجئين من بلد مجاور وبشكل مفاجئ. ويستضيف البلد المضيف بعض هؤلاء اللاجئين في مخيمات مبنية على أراض قليلة السكان، بينما يستقر آخرون على أطراف المناطق الحضرية، وهو سيناريو شائع بالنسبة للاجئين. ووفقاً للنظرية الاقتصادية، ماذا ينبغي أن نتوقع حدوثه في مثل هذه الحالة؟ بالإضافة إلى ذلك، هل تدعم الشواهد الحالية التوقعات النظرية؟ وفي هذه المدونة، سنبحث عن إجابات لهذه الأسئلة عن طريق النظر في الآثار الاقتصادية والتوزيعية لأزمة اللاجئين.
فعلى المدى القصير، تشهد المناطق المأهولة التي يسكنها اللاجئون فجأة، مثل مخيمات اللاجئين، نمواً في إجمالي الناتج المحلي لأن اللاجئين يتلقون المعونات ويستهلكون السلع والخدمات في مكان لم يكن له دخل أو استهلاك قبل ذلك. وفي المناطق المأهولة بالسكان بالفعل، مثل المناطق الحضرية، سينمو إجمالي الناتج المحلي أيضاً مع نمو الدخل والاستهلاك مع وصول السكان الجدد. وهذا هو ببساطة أحد المخرجات الإحصائية الناتجة عن حقيقة أن هناك المزيد من الأشخاص (لاجئين وعاملين في مجال المعونة) والمزيد من الأموال (المعونات الدولية والإنفاق الحكومي) في منطقة جغرافية معينة.
وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أيضاً أن نرى نمواً في دخل الأسر المحلية. ومع زيادة عدد السكان وزيادة المعونات والإنفاق الحكومي، سيرتفع مستوى الاستهلاك المحلي، مما يؤدي إلى الزيادة في الإنتاج المحلي ومبيعات السلع والخدمات. ويمكن أن يؤدي التحاق اللاجئين بسوق العمل إلى خفض تكاليف العمالة بالنسبة لأصحاب العمل، لاسيما إذا كان هؤلاء اللاجئين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي. نتيجة لذلك،
وينبغي أن نتوقع أيضاً أن تصاحب هذه الآثار الإيجابية عوامل خارجية سلبية وآثار توزيعية ستؤثر سلباً على الفئات الأكثر ضعفاً بين السكان المضيفين. وعلى المدى القصير، قد تشهد المناطق التي أصبحت فجأة موطناً للاجئين ضغوطاً على مواردها وتدهوراً بيئياً، وهو ما قد يعرقل مسيرة التنمية المحلية بهذه المناطق. وفي المناطق الحضرية، قد يؤدي تدفق اللاجئين إلى نقص إمدادات المياه والكهرباء، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليفهما على اللاجئين والمجتمع المضيف، والتكالب على الخدمات مثل خدمات قطاعي الصحة والتعليم، وزيادة حركة المرور والتلوث، والتنافس على الوظائف والمساكن. ويمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى البطالة، وارتفاع كبير في معدلات التضخم، وخلق التوترات، وزيادة التباينات الاجتماعية والاقتصادية.
وعلى المدى المتوسط، قد تصبح الآثار التوزيعية السلبية واضحة.
ومن المرجح أن تؤثر هذه الآثار السلبية على فئات المجتمع الأكثر احتياجاً، مثل النساء والشباب والعمالة غير الرسمية ذات المهارات المحدودة ومن يعيشون في المناطق التي تعاني التدهور والتهميش.هل تدعم الشواهد والأدلة الناشئة من الدراسات الاقتصادية هذه التوقعات النظرية؟
تتسق البحوث الحديثة التي تناولت الأثر الاقتصادي للاجئين على المجتمعات المضيفة إلى حد كبير مع التوقعات النظرية. وتكشف مراجعة شاملة وتحليل تجميعي للدراسات القائمة حول تأثير اللاجئين على المجتمعات المضيفة شاركتُ في تأليفهما مع كيرستن شوتلر، أن ا
وتَخلُصُ المراجعة أيضاً إلى أن معظم الدراسات تفيد بأنه لا توجد آثار واضحة للنزوح القسري على وظائف المضيفين أو أجورهم ورواتبهم. غير أن الدراسات التي تحدد آثاراً كبيرة وسلبية تُظهر أن الوظائف والأجور والرواتب قد تتراجع على الأرجح بالنسبة لفئات معينة، لاسيما الإناث والشباب والعمال غير المهرة والعمال في الاقتصاد غير الرسمي والأفراد الأقل تعليماً. والعمال الأكثر عرضة للمعاناة هم الأكثر تضرراً من أزمة اللاجئين.

باختصار،
وبالرغم من أن بعض الفئات، مثل مُلاك العقارات ورواد الأعمال وموردي السلع والخدمات، قد تشهد نمواً في الدخل، فإن العمال المعرضين للمعاناة مثل النساء والشباب والعمال ذوي المهارات المتدنية والعمال في الاقتصاد غير الرسمي قد يواجهون آثاراً سلبية على وظائفهم وأجورهم ورواتبهم.وفي نهاية المطاف، يجب على المنظمات الإنسانية والإنمائية إعطاء الأولوية لحماية الفئات الضعيفة ومساعدتها ومساندة الحكومات المضيفة في إدارة مسار مستدام لتحقيق التنمية الاقتصادية. واستناداً إلى ما ورد بورقة المراجعة، فإن أهم الآثار على المجتمعات المضيفة تحدث على المدى القصير، كما أنها تقتصر في معظمها على المناطق التي تستقبل اللاجئين. ولذلك، من الأهمية بمكان قيام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية تستهدف المجتمعات المضيفة، إلى جانب التركيز على الفئات الأكثر ضعفاً للحيلولة دون تحول الأزمات الإنسانية قصيرة الأجل إلى تحديات إنمائية طويلة الأجل.
انضم إلى النقاش