لقد أظهر تفشي فيروس الإيبولا في غرب أفريقيا أن أهمية الحد من التفاوت وعدم المساواة لا يمكن أن تكون أكثر وضوحا. فجهود مكافحة هذا الفيروس هي معركة على العديد من الجبهات- في طليعتها حياة البشر وصحتهم.
ولكن مكافحة الإيبولا هي أيضا معركة ضد عدم المساواة. والمعارف والبنية التحتية اللازمة لمعالجة المرضى واحتواء انتشار الفيروس موجودة في البلدان مرتفعة الدخل والبلدان متوسطة الدخل. غير أننا على مدى سنوات طويلة فشلنا في تيسير الحصول على هذه الأشياء لذوي الدخل المحدود في غينيا وليبريا وسيراليون. ولذلك، فإن الآلاف من الناس في هذه البلدان يموتون الآن، لأنهم وُلِدوا في المكان الخطأ دون اختيار منهم.
وإذا لم نوقف تفشي الإيبولا الآن، فإن الوباء سينتشر ويمتد إلى بلدان أخرى، بل وحتى إلى قارات أخرى، وذلك كما شهدنا مع ظهور أول حالة إصابة بالإيبولا في الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي. ويُظهِر هذا الوباء التكاليف الباهظة لعدم المساواة في الحصول على الخدمات الأساسية وعواقب فشلنا في معالجة هذه المشكلة.
إن هذا الفيروس آخذ في الانتشار والخروج عن نطاق السيطرة في غينيا وليبريا وسيراليون. ونتيجةً لذلك، فإن قدرتنا على تعزيز الرخاء المشترك في غرب أفريقيا، وربما في القارة كلها، قد تتلاشى بسرعة.
وطبقاً للسيناريو الذي يتوقع البنك حدوثه في أفضل الأحوال، فإن الإيبولا سيتسبب في خسارة مئات الملايين من الدولارات من النمو الاقتصادي في البلدان المتضررة. وتلك مسألة خطيرة للغاية. فهذه الدول تتعافي من آثار سنوات من الحروب الأهلية والصراعات التي أسهمت في تدني مستويات نصيب الفرد من الدخل فيها. ولذلك، فإن النمو ضروري لتخفيف حدة الأوضاع الرهيبة التي يعيش فيها ملايين من مواطنيها. وإذا واصل الوباء الانتقال إلى بلدان أخرى، فإن خسائر ضياع النمو قد تقفز إلى عشرات المليارات من الدولارات أو أكثر. وعليه، فإننا إذا لم نوقف انتشار هذا الوباء الآن، فلن يوجد رخاء يمكن تقاسمه، ناهيك عن عدد من سيعجزون على تقاسم منافع ما يتبقى.
إن استجابة العالم حتى الآن ليست كافية، وإنه لأمر مأساوي ومؤلم أن نرى تكرار إخفاقات قديمة من أوبئة سابقة. ومع مطلع القرن الحالي، كان عدد من أصيبوا بفيروس الإيدز في أفريقيا قد بلغ ما يُقدَّر بنحو 24 مليون شخص. ومع أنه كانت هناك سبل علاج فعالة للفيروس للأغنياء، فإن منخفضي الدخل في القارة لم يتح لهم الحصول عليها بسبب قصور الخيال وتدني التطلعات فيما يتعلق بالفقراء. وظنَّ بعض خبراء الصحة العالميين أن توفير علاج فعال من فيروس الإيدز للمجتمعات المحلية منخفضة الدخل أمر بالغ الصعوبة وتكاليفه لا تطاق. ولكن اليوم يتلقَّى أكثر من 10 ملايين من الفقراء في أنحاء العالم العلاج من فيروس الإيدز.
وقد ارتكبنا أخطاء مماثلة فيما يتصل بمكافحة فيروس الإيبولا في غرب أفريقيا، مع أننا تلقينا تحذيرات متكررة من حكومات البلدان المنكوبة وجماعة أطباء بلا حدود، وآخرين. والآن، فإننا نعمل على تعويض ما فاتنا.
ولتحديد كيف يمكننا المساهمة في استجابة مُنسَّقة، اختارت مجموعة البنك الدولي خبراء بالأمراض المعدية لديهم خبرة ميدانية في تنفيذ بروتوكولات معقدة للاحتواء والعلاج في البلدان منخفضة الدخل. ثم أرسلناهم إلى غينيا وليبريا. وعلى أساس مشاهداتهم، أبلغونا أننا إذا قمنا بجهد كبير الآن، فمن الممكن معالجة المرضى واحتواء انتشار الفيروس. فإقامة البنية التحتية التي نحتاج إليها ليست أمرا صعبا، ولدينا برتوكولات للحد من انتشار العدوى. والأهم من ذلك أنهم قالوا لنا إن حدوث أي تأخير آخر من شأنه زيادة صعوبة أي استجابة فعالة.
ونحن نتحرك بسرعة الآن لأداء دورنا. وقد حولت مجموعة البنك الدولي 105 ملايين دولار من التمويل الطارئ إلى غينيا وليبريا وسيراليون، وذلك لضمان توفر الموارد النقدية اللازمة لدى حكومات هذه البلدان لشراء المعدات والخدمات اللازمة لمكافحة الإيبولا. وقد تعهدت مجموعة البنك إجمالا بتقديم 400 مليون دولار لمساندة أنشطة العلاج والاحتواء، وقد خصصنا مواردنا التحليلية المعتبرة لإظهار أن التحرك الآن سينقذ مئات الملايين إن لم يكن عشرات المليارات من الدولارات.
كما يجري حاليا تنفيذ عناصر أخرى من الاستجابة العالمية المنسقة. وفي الأسابيع القليلة الماضية، شهدنا إجراءات مهمة من الرئيس أوباما والولايات المتحدة وعززت حكومتا فرنسا والمملكة المتحدة أيضا من جهودهما.
ونظرا لنطاق الوباء وسرعة انتشاره، فما زال ضروريا إحراز المزيد من التقدم. وإذا صح سيناريو أسوأ الأحوال، فمن الممكن وفقا لتقديرات مراكز مراقبة الأمراض، أن يُصاب ما يصل إلى 1.4 مليون شخص، وسيكون تأثير انتشار الفيروس عالميا حقا.
ويجب أن يطالب المواطنون المعنيون بإرسال موارد مالية وبشرية على الفور إلى البلدان المتضررة. وإلا فإن الآلاف سيتعرضون للموت دون داع، وقد تحل كارثة اقتصادية.
نشرت هذه المدونة في الأصل على موقع هافينغتون بوست.
انضم إلى النقاش