تنتشر الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم، وقد توصل باحثون إلى أن إرسال رسالة نصية للتذكير يمكن أن تساعد الناس على مواصلة أعمالهم حتى النهاية، ما يزيد من نجاح الإجراءات التدخلية في التنمية.
"الناس بحاجة إلى تذكيرهم بشكل أكبر مما يحتاجون إلى توجيههم."
هذه هي الكلمات الحكيمة لصامويل جونسون، وهو مؤلف إنجليزي وناقد ومعد قواميس. ورغم أنه عاش قبل 200 عام فإن الإجراءات التدخلية الدولية في مجال التنمية تثبت صحتها كل يوم.
تذكير بالملاريا
من المعروف على نطاق واسع أن عدم الالتزام بكورس علاجي كامل بالمضادات الحيوية يؤدي إلى فشل العلاج ويمكن أن يقوي من مقاومة البكتيريا لهذه المضادات الحيوية ما يهدد قدرة العقاقير الحالية على العلاج. ولهذا أهمية بالغة في علاج الملاريا، التي تصيب – حسب منظمة الصحة العالمية – 198 مليون شخص كل عام وتتسبب في وفاة 584 ألفا منهم. والعبء شديد بشكل كبير في أفريقيا حيث يقع حوالي 90 في المائة من الوفيات بالملاريا وبين الأطفال دون الخامسة الذين يشكلون 78 في المائة من جميع الوفيات. فقد أدى انخفاض معدلات الالتزام بالعلاج بالعقاقير المركبة المستندة إلى مادة الأرتيميسينين إلى انتشار الملاريا المقاومة للمضادات الحيوية في كثير من مناطق العالم وخاصة في أفريقيا. ومن أقوى وأبسط الأسباب لعدم امتثال المصابين بالعلاج الكامل هو النسيان.
وفي محاولة لحل مشكلة نسيان المرضى العلاج، قام باحثون في منظمة العمل المبتكر من أجل مكافحة الفقر، وهي منظمة غير ساعية للربح، وجامعة هارفارد باختبار أثر الرسائل النصية التذكيرية في الالتزام بالعلاج بالعقاقير المركبة المستندة إلى مادة الأرتيميسينين.وعمل الباحثون مع موظفي المنظمة في غانا للاستعانة بحوالي 1140 شخص أمام الصيدليات ومراكز الرعاية الصحية. وتم ضم نصف المشاركين في التجربة إلى مجموعة الضبط والنصف الآخر في مجموعة استخدام الإجراء التدخلي. وتم تقسيم المشاركين في المجموعة الثانية إلى مجموعتين فرعيتين تلقت إحداهما رسالة نصية لتناول علاج الملاريا وتلقت الأخرى رسالة نصية إضافة إلى جملة إضافية عن الالتزام بفترة 12 ساعة بين كل جرعة. ولم تتلق مجموعة الضبط أي رسائل نصية. وتابع موظفون محليون المشاركين بعد عدة أيام في منازلهم لمعرفة عدد الحبوب التي تم تناولها. وكان احتمال أن يكمل من استقبلوا رسائل نصية كمية الحبوب أكبر كثيرا. ومن بين المشاركين في مجموعة الضبط، أبلغ 61.5 في المائة بأنهم أكملوا العلاج في حين أن 66.4 في المائة في مجموعة الإجراء التدخلي أبلغوا باستكمال العلاج. ووجد الباحثون أيضا أن الرسائل النصية القصيرة كانت أكثر فعالية من الرسائل الطويلة. فكانت الرسالة القصيرة التي تكتفي بالقول "رجاء تناول علاج الملاريا!" أكثر فعالية في تشجيع المرضى على الالتزام بالعلاج الكامل من الرسالة الطويلة التي تقول "حتى إذا شعرت أنك أفضل يجب أن تتناول جميع الحبوب لتقتل الملاريا".
رسائل تذكيرية للإنقاذ
إن الاستخدام الفعال للرسائل التذكيرية لا يقتصر على علاج الملاريا. فقد تم التوصل إلى نتائج مماثلة في الفلبين حين قام بنك فيرست فالي، الذي كان يعمل أيضا مع منظمة العمل المبتكر، بتصميم برنامج للادخار المصرفي. ففي هذا البرنامج حصل العملاء الذين فتحوا حساب مدخرات "الحلم" على صندوق صغير يمكنهم أن يضعوا فيه قطعا نقدية معدنية. ولا يستطيع فتح هذا الصندوق سوى موظفي البنك لإخراج النقود المعدنية وتحويلها إلى حساب مدخرات العميل. وكانت مجموعة فرعية من عملاء هذا الحساب يتلقون رسائل نصية بشكل منتظم. وتلقى نصف مجموعة المشاركين رسائل إيجابية تشدد على أن حلمهم سيتحقق إذا واصلوا الادخار في حين تلقى النصف الآخر رسالة سلبية بأن حلمهم لن يتحقق إذا لم يدخروا. وتلقى أفراد تم اختيارهم عشوائيا من مجموعة المشاركين في التجربة رسائل نصية تذكيرية إذا لم يقوموا بإيداع مبالغ شهرية. ولم تتلق مجموعة الضبط أي رسائل تذكيرية.
وكانت النتائج واضحة: من تلقوا رسالة تذكيرية زادت مدخراتهم 6.3 في المائة وزاد احتمال أن يحققوا هدفهم من الادخار قبل اليوم المستهدف. ولم يكن هناك فارق كبير في معدل المدخرات بين من تلقوا رسالة إيجابية أو رسالة سلبية. ولم يكن هناك فارق كبير في تلقي رسالة تذكيرية متأخرة أو رسالة تذكيرية منتظمة.
علم التذكّر
تساعد الرسائل التذكيرية على التغلب على فشل الذاكرة في تذكر الأعمال المقررة وهو ما يحدث حين ينسى الفرد أداء عمل مقرر. وهناك نوعان من هذه الذاكرة: إحداهما يستند إلى الوقت والأخر يستند إلى الأحداث. وتستفيد الذاكرة المستندة إلى الوقت حين تتلقى رسالة تذكيرية في وقت معين من اليوم بالعمل المطلوب. فعلى سبيل المثال، رؤية غروب الشمس قد يذكر المريض بتناول دوائه. وتستفيد الذاكرة المستندة إلى الأحداث برسالة تذكيرية ظرفية لأداء عمل ما. فعلى سبيل المثال يمكن أن يذكر السير أمام البنك مجموعة من العاملين بإيداع مدخرات. وتقع المشاكل حين تغيب تلك الرسائل التذكيرية أو حين لا ترتبط النية المباشرة بأداء عمل معين بهذه الرسائل. وفي استعراض لعلم تذكر الأعمال المقررة يكشف كي ديسموكيس أنه كي تصبح الرسائل التذكيرية فعالة يجب أت تستثير الفعل الصحيح وأن تكون محددة ومحكمة التوقيت.
ويجب أن تشدد الرسائل التذكيرية على العمل المنشود بوضوح وبساطة. فالناس يواجهون الكثير من المعلومات كل يوم وقد لا يتمكنون من معالجة الرسائل الطويلة أو المربكة بشكل صحيح. ويظهر برنامج الادخار في الفلبين هذا تماما حيث كانت الرسائل الإيجابية والتي كانت أكثر وضوحا كانت أكثر فعالية. واستثارت الرسائل الإيجابية العمل المنشود (الادخار!) في حين استثارت الرسائل السلبية العمل غير المنشود (عدم الادخار).
وبالمثل، يجب أن تكون هذه الرسائل محددة. ولهذا السبب كانت الرسائل الطويلة في دراسة الملاريا غير فعالة. ففي حين أنها قدمت قدرا أكبر من المعلومات فقد كانت أقل تحديدا. أما الرسائل الأكثر وضوحا فقد كانت الاستجابة لها أفضل. في النهاية، يجب أن تكون الرسائل التذكيرية محكمة التوقيت لتحقيق أفضل النتائج. ويتضح هذا في دراسة علاج الإيدز التي أظهرت أن الرسائل النصية التذكيرية كل أسبوع أكثر فعالية من الرسائل اليومية. وفسر الباحثون أن الرسائل اليومية خففت من أثر التذكرة.
ولذا، فعند إعداد برنامج ما من المهم تذكر أن المتابعة والتقييم غير كافيين. فالتذكير لإنهاء العمل المنشود خطوة لازمة لمساعدة الناس على تحقيق أهدافهم.
انضم إلى النقاش