نشر في أصوات

الثقة في المؤسسات: خمس نقاط رئيسية مستمدة من المسوح التي أجريت في المغرب

الصفحة متوفرة باللغة:
الثقة في المؤسسات: خمس نقاط رئيسية مستمدة من المسوح التي أجريت في المغرب حقوق الصورة: Canva. Elena Studios

تعليق المحرر: هذه المدونة هي الثانية في سلسلة من ثلاث مدونات نقدم فيها مفهوم الثقة وكيفية قياسها، كما نقدم فيها بعض الحقائق المثيرة للاهتمام من المغرب، ونتناول فيها بناء الثقة كمسألة في غاية الأهمية. وهذه النتائج مأخوذة من تقرير صدر مؤخراً، والبيانات متاحة للجمهور. اضغط هنا لقراءة المدونة الأولى.

في مقالنا الأول من هذه السلسلة، ناقشنا أهمية الثقة كعامل حيوي في تحقيق التنمية، غير أن المعلومات المتاحة عن دورها ومدى تأثيره في البلدان النامية تعُد محدودة للغاية. فمن يثق في المؤسسات؟ وما هي المؤسسات العامة التي تحوز أكبر قدر من الثقة؟ وما الذي يدفع إلى الثقة؟

لقد أصبح تحليل هذه التساؤلات ذا أهمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أدى التباطؤ الاقتصادي بعد الجائحة، والصدمات التضخمية، وانعدام الأمن الغذائي نتيجة للحرب في أوكرانيا إلى إجهاد الثقة في المؤسسات.

في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2021، أجري مسح هاتفي واسع النطاق شمل نحو 6 آلاف مشارك في جميع أنحاء المغرب، باستخدام طريقة أخذ العينات بالحصص، حيث احتوت كل منطقة وفئة عمرية ونوع جنس ومجموعة دخل على مستوى مرتفع نسبياً من المشاركين. وفيما يلي خمس نقاط رئيسية:

1- تختلف مستويات الثقة اختلافاً كبيراً بين الأفراد، فالمواطنون بعيدون كل البعد عن التجانس فيما يتعلق بالثقة في المؤسسات، وهو أمر يجب أن يدركه واضعو السياسات. وتظهر البياناتُ القيمةَ المضافة للتحليل دون الوطني، حيث تم تحديد وجود تفاوت كبير في مستويات الثقة في المؤسسات بين المناطق وداخلها، وهو ما يتسق مع دراسة تحليلية سابقة للبنك الدولي تبرز أهمية التباينات المكانية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما أن الفروق الاجتماعية الديموغرافية لها أهمية كبيرة على النحو الآتي:

وفي الواقع العملي، فإن احتمال ثقة الذكور ذوي الدخل المرتفع ممن تتراوح أعمارهم بين 51 و54 عاماً في الحكومة يبلغ 81%، مقابل 46% للإناث ذوات الدخل المنخفض ممن تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاماً.

2- لا تستفيد جميع المؤسسات من نفس مستويات الثقة، حيث تتمتع المؤسسات المكلفة بضمان سيادة القانون والنظام (القضاء والشرطة والجيش) بمستويات أعلى من الثقة مقارنة بالمؤسسات التنفيذية أو التشريعية. وعلى الترتيب، يثق 97% من المشاركين في مؤسسات الجيش و73% في الشرطة، في حين تحظى السلطة التنفيذية المنتخبة بثقة 55% والسلطة التشريعية بثقة 39% من المغاربة. ومن الملاحظ أن هذه الديناميكيات المتعلقة بالثقة منتشرة في معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الثقة في المؤسسات

الشكل 1: لأغراض المقارنة بين بلدان المنطقة، يتم استخدام بيانات من الموجة الخامسة من تقارير الباروميتر الأفريقي، وهو ما يتفق مع نتائج المسح الذي أجريناه.

 

3- الثقة مهمة للتفاؤل على المستوى الفردي والجماعي. وتشير بيانات المسح إلى أن 56% فقط من المشاركين يعتقدون أن المغاربة يثقون في بعضهم البعض. كما يظهر أيضاً أن الثقة الشخصية في المغرب تميل بشكل أكبر نحو المجموعات الداخلية، مثل الأسرة والأصدقاء والجيران. ومع ذلك، هناك ارتباط قوي بين الثقة الاجتماعية والسياسية: أفاد 67.7% من المشاركين ممن لديهم اعتقاد قوي أن المغاربة يثقون في بعضهم البعض بثقتهم في المؤسسات السياسية أيضاً، مقارنة بنسبة 40.5% ممن يعتقدون أن المغاربة لا يثقون في بعضهم البعض على الإطلاق - وهي فجوة مقدارها 37 نقطة مئوية.

ترتبط الثقة في المؤسسات أيضاً بالمواقف الإيجابية للمغاربة تجاه مستقبلهم الفردي والجماعي. ومن المرجح أن يعتقد الأفراد الذين يتمتعون بمستويات أعلى من الثقة في الحكومة أنهم يتمتعون بالحرية والسيطرة على حياتهم بنسبة تصل إلى 24 نقطة مئوية مقارنة بالأفراد الذين تنخفض مستويات الثقة لديهم (أي 61.5% مقابل 37.3%)، وأن الناس في بلادهم يمكنهم تغيير المجتمع من خلال خياراتهم وأفعالهم الفردية بنسبة تصل إلى 16 نقطة مئوية (أي 88% مقابل 71.4%)..

4-الثقة مهمة للجمع بين السياسات المراعية للاعتبارات الاجتماعية وزيادة الضرائب. ويغلب على الأفراد الذين يتمتعون بمستويات أعلى من الثقة في المؤسسات الميل بشكل أكبر نحو إعادة توزيع الضرائب. وتنخفض دوافع سداد الضرائب في المغرب بشكل عام، حيث يتخذ المغاربة موقفاً أقل إيجابية تجاه دفع الضرائب من البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع ذلك، فإن استعداد المواطنين لدفع الضرائب يرتبط بشكل قوي بالثقة في المؤسسات التمثيلية. وتظهر بيانات المسح أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الثقة في المؤسسات يكونون على الأرجح أكثر استعداداً لدفع المزيد من ضرائب إعادة التوزيع مقارنة بمن ليست لديهم هذه الثقة: 24.5% فقط من الأشخاص الذين لا يثقون في الحكومة على استعداد لدفع المزيد من ضرائب إعادة التوزيع.

 

الاستعداد لدفع الضرائب المبني على الثقة وعلى التفاؤل الفردي المبني على الثقة

الشكل 2. التوقعات التقديرية مستمدة من انحدار النموذج اللوغاريتمي، على التوالي، على الاستعداد لدفع الضرائب المبني على الثقة وعلى التفاؤل الفردي المبني على الثقة

 

5- الثقة مهمة للامتثال للسياسات العامة. وعندما تتآكل الثقة في المؤسسات، يقل احتمال تعاون المواطنين وتجاوبهم مع سياساتها، فبيانات تقارير البارومتر العربي تظهر أن المواطنين الذين يثقون في مؤسسات بلادهم كانوا أكثر استعداداً للالتزام بالتباعد الاجتماعي من المواطنين الذين لا يثقون في الحكومة (92% مقابل 96.5%). كما أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات أعلى من الثقة في الحكومة كانوا أكثر استعداداً للتطعيم (85% مقابل 92.4%).

ومن خلال فهم أفضل لمشهد الثقة وكيف يؤثر على الأنشطة الإنمائية في المغرب، سيناقش مقالنا القادم كيفية بناء هذه الثقة. وسوف نتناول أيضاً الموضوعات الأكثر أهمية بالنسبة للثقة في المؤسسات، وهل تتعلق بنواتج السياسات أم بالعمليات التي تقوم بها تلك المؤسسات.

 


ماتيو كلوتييه

خبير اقتصادي أول، قطاع الممارسات العالمية للحوكمة

أبيل بوف

خبير أول في مجال الحوكمة

ديان زوفيغيان

استشارية، قطاع الممارسات العالمية للحوكمة

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000