نشر في أصوات

إطلاق العنان لقوة البيانات: بناء منظومات تحليلية حكومية في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي

الصفحة متوفرة باللغة:
إطلاق العنان لقوة البيانات: بناء منظومات تحليلية حكومية في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي تُظهر لوحة بيانات مزيفة على شاشة جهاز كمبيوتر أنه على الرغم من جمع البيانات أكثر من أي وقت مضى، فإن الحكومات في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي لا تستخدم البيانات بصورة كافية لأغراض التحليل. فعلى سبيل المثال، تبقى البيانات المتعلقة بأسعار السلع التي يتم شراؤها محفوظة على خادم البيانات، بدلاً من تحليلها بصورة جدية من أجل تقدير وتحديد الأسعار في المناقصات. ويتطلب تمكين التحليلات الحكومية، واستخدام البيانات لإثراء عملية وضع السياسات وتحسين أداء الحكومة، نهجاً مؤسسياً.

تسهم البيانات بدور حيوي في الارتقاء بأنظمة الحوكمة، مما يضمن حصول واضعي السياسات والمواطنين على شواهد وأدلة دقيقة وآنية لوضع السياسات وتنفيذها (روجر وشوستر 2023). وإدراكاً من الحكومات في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي للإمكانات التي توفرها البيانات، فقد قامت بالاستثمار في أنظمة معلومات الإدارة التي تجمع بيانات عن الأعمال والخدمات الحكومية الأساسية (انظر الشكل 1).

الشكل 1: حققت الحكومات في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي تغطية شبه شاملة لنظم معلومات الإدارة الأساسية.

 

المصدر: تقرير "البيانات من أجل تحسين الحوكمة: بناء منظومات تحليلية حكومية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي."

وعلى الرغم من جمع البيانات أكثر من أي وقت مضى، فإن الحكومات في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي لا تستخدم البيانات بصورة كافية لأغراض التحليل. فعلى سبيل المثال، تبقى البيانات المتعلقة بأسعار السلع التي يتم شراؤها محفوظة على خادم البيانات، بدلاً من تحليلها بصورة جدية من أجل تقدير وتحديد الأسعار في المناقصات. ويتطلب تمكين التحليلات الحكومية، واستخدام البيانات لإثراء عملية وضع السياسات وتحسين أداء الحكومة، نهجاً مؤسسياً. 

ويرى تقرير أصدره البنك الدولي مؤخراً وجاء بعنوان: "البيانات من أجل تحسين الحوكمة: بناء منظومات تحليلية حكومية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي" أن التحليلات الحكومية جزء من منظومة - وهو تشبيه يبرز الترابط بين الدراسات التحليلية وعاملين من عوامل التمكين، وهما: القدرات التحليلية والبنية التحتية للبيانات. ويعرض التقرير شواهد وأدلة جديدة على واقع منظومات التحليلات الحكومية في المنطقة، استناداً إلى مسح استقصائي أصلي شمل 20 بلداً وردود أكثر من 100 مسؤول حكومي. 

تحويل البيانات الإدارية إلى إجراءات فعالة

تقوم الحكومات في أنحاء المنطقة بتحليل البيانات الإدارية، لكن هناك تفاوتات في استخدامها (انظر الشكل 2). ووفقاً للمسح الاستقصائي الذي أجريناه، فإن 96% من بيانات نظام معلومات الإدارة تُستخدم لأغراض التحليل الوصفي، بينما يُستخدم نصفها فقط للأغراض التشخيصية أو التنبؤية. وتتيح التحليلات التشخيصية والتنبؤية استخلاص رؤى عملية قابلة للتنفيذ وتسهم في التأهب للمستقبل. ومع ذلك، تقتصر التحليلات التنبؤية، مثل أنظمة الإنذار المبكر لحالات التسرب من المدارس، في الغالب على أنظمة مثل نظام معلومات الإدارة الضريبية ونظام معلومات الإدارة الصحية. 

 

الشكل 2: أنواع التحليلات حسب نوع نظام معلومات الإدارة

المصدر: تقرير "البيانات من أجل تحسين الحوكمة: بناء منظومات تحليلية حكومية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي."

هناك تباين شاسع في استخدام الدراسات التحليلية في الإدارة العامة. فبعض قطاعات العمل الحكومي - مثل الضرائب والتعليم - تستخدم هذه التحليلات بشكل إستراتيجي من أجل إثراء عملية اتخاذ القرار. وتميل قطاعات عمل أخرى، لا سيما إدارة الموارد البشرية، إلى تحليل البيانات للامتثال للمتطلبات الإدارية فقط.

الاستثمار في الناس والمؤسسات: بناء القدرات التحليلية

على الحكومات في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي زيادة الاستثمار في المواهب اللازمة للعمل التحليلي، فلدى 12% فقط من البلدان التي شملها المسح الاستقصائي مسارُ وظيفي مخصص لمحللي البيانات، مما يجعل من الصعب استقطاب الكفاءات المؤهلة واستبقائها (انظر الشكل 3). وقد تكون رواتب موظفي القطاع العام أقل من القطاع الخاص، لكن توفير مسار وظيفي مستقر وهادف يمكن أن يعوض هذه الفجوة في الأجور.

ومن الضروري أيضاً دفع الجهود الموجهة نحو بناء القدرات. ففي حين تقدم 62% من الحكومات تدريباً على العمل التحليلي، فإن 25% منها فقط تقوم بتقييم مهارات الموظفين، مما يتسبب في عدم الاتساق مع الاحتياجات الفعلية. كما تفتقر العديد من برامج التدريب أيضاً إلى أهدافٍ واضحةٍ أو جدوى عملية، مما يحد من تأثيرها.

الشكل 3: المسارات الوظيفية والتدريب والتقييمات في مجال تحليل البيانات

Image المسارات الوظيفية والتدريب والتقييمات في مجال تحليل البيانات

يتطلب إضفاء الطابع المؤسسي على التحليلات إنشاء وحدات دراسات تحليلية متفرغة. ويمكن أن تعمل هذه الوحدات كركائز تخصصية لدفع أجندة الأعمال التحليلية قُدماً واحتضان المواهب المتخصصة. ويمكن لتدفقات مصادر التمويل القوية أن تشجع على تطوير دراسات وأعمال تحليلية حكومية جديدة. ففي الوقت الحالي، لا تقدم سوى 33% من الحكومات تمويلاً داخلياً للعمل التحليلي، ويتركز هذا التمويل في قطاعاتٍ محددة مثل التعليم والصحة.

تدعيم الركيزة الأساسية: البنية التحتية للبيانات

تتطلب المنظومات التحليلية الحكومية استثمارات في جودة وموثوقية البنية التحتية للبيانات، إذ يؤدي عدم اكتمال الرقمنة ومحدودية تغطية البيانات إلى الحد من استخدام البيانات (انظر الشكل 4). فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من رقمنة 71% من نظم معلومات الإدارة الضريبية بالكامل، فإن 8% فقط من نظم معلومات الإدارة الصحية تمت رقمنتها. كما تتفاوت ضوابط جودة البيانات أيضاً، فبالرغم من أن بعض الأنظمة مثل نظم معلومات الإدارة الضريبية والتعليمية تجري فحوصات للجودة بانتظام، فإن نظماً أخرى تعتمد على التنقيح اليدوي وغير المنتظم للبيانات، مما يؤدي إلى ازدواجية البيانات وعدم كفاءتها وتدني موثوقيتها.

الشكل 4: النظم الرقمية الكاملة حسب نوع نظام معلومات الإدارة

Image النظم الرقمية الكاملة

لا يزال الوصول إلى البيانات متفاوتاً بسبب بروتوكولات الوصول غير الرسمية ومحدودية التوثيق. وعلى الرغم من أن 57% من نظام معلومات الإدارة مرتبطة ببروتوكولات وصول رسمية، فإن هذه البروتوكولات متفاوتة في جميع نظم معلومات الإدارة. فنظم معلومات الإدارة في قطاعي الصحة والتعليم تتخلف عن الركب، حيث أفادت 14% و38% فقط من هذين النظامين على الترتيب بوجود بروتوكولات وصول رسمية قائمة. ولا يزال التوثيق يشكل تحدياً، حيث تفتقر العديد من الحكومات إلى الفهرسة الشاملة للبيانات وضوابط الجودة. ولدى 58% فقط من هذه النظم فهرسة شاملة للبيانات، كما تقوم 15% منها فقط بتتبع استخدام البيانات.

دعوة للعمل

تتمتع حكومات أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بوضع جيد يتيح لها الاستفادة من الإمكانات الكاملة لبياناتها الإدارية. وبالرغم من وضع الأسس الرئيسية، فإن تعزيز القدرات التحليلية، والتوسع إلى ما هو أبعد من التحليلات الوصفية، والاستثمار في بنية تحتية عالية الجودة للبيانات تُعد أساساً لبناء منظومات تحليلية حكومية قوية.

ولا يتمثل الهدف في تحسين التحليلات فحسب، بل أيضاً في الارتقاء بمستوى الحوكمة. وعندما تقوم الحكومات باستخدام البيانات بشكل إستراتيجي، يمكنها عندئذٍ صياغة سياسات أكثر ذكاء، وتقديم خدمات أكثر كفاءة، فضلاً عن تعزيز ثقة المواطنين. ويُعد بناء منظومة تحليلية حكومية ضرورة لا غنى عنها، فهو خطوة أساسية نحو إدارة عامة تتسم بارتفاع مستواها في الاستجابة والشفافية والفاعلية.


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000