نشر في أصوات

عندما لا يمكن للمساعدة أن تنتظر: الاستقرار والتعافي في شمال شرق نيجيريا

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
????? ?? ???? ???????? ?? ?????: ????????? ???????? ?? ???? ??? ???????


يعيش عمر (وهذا ليس اسمه الحقيقي) مع والديه وإخوته الستة الأصغر منه في مخيم للنازحين داخلياً في شمال شرق نيجيريا. ويراودهم حلم العودة إلى دارهم التي هجروها عندما هاجم مقاتلو جماعة بوكو حرام قريتهم.

وعمر وأسرته ليسوا الوحيدين في هذا الوضع، فقد أحدث ما تقوم به جماعة بوكو حرام دماراً تعجز الكلمات عن وصفه. فمنذ عام 2009، تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ما يربو على مليوني شخص آخرين. وفي شمال شرق نيجيريا، حيث يعتمد 80 في المائة من السكان على الزراعة لتوفير قوت يومهم، كان التأثير على الاقتصاد قاسياً إذ اضطر المزارعون إلى هجر أراضيهم، ونفقت الماشية، وحال استمرار انعدام الأمن دون العودة الآمنة إلى كثير من المناطق.

في منطقة عانت الكثير، كيف يتسنى للمجتمع الدولي دعم التعافي؟

كخطوة أولى، طلبت الحكومة النيجيرية في أغسطس/آب 2015 المساعدة من البنك الدولي في تقييم الأضرار التي لحقت بشمال شرق البلاد والاحتياجات التي ترتبت عليها. ومن الأهمية بمكان توافر قاعدة لأدلة عملية وبيانات يعول عليها من أجل عملية اتخاذ القرار تقوم على معرفة جميع أبعاد الموقف، فيما تمضي الحكومة قدماً ليس فقط لإصلاح الأضرار بل أيضاً من أجل مداواة تلك القلوب والعقول التي عانت آثار العنف.

واستجابة لذلك، أطلق فريق مشترك من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، يعمل عن كثب تحت قيادة الحكومة النيجيرية، تقييم التعافي وبناء السلام في شمال شرق نيجيريا، وهو تحليل شامل للأضرار والاحتياجات التقديرية من جراء الأزمة التي تسببت فيها جماعة بوكو حرام. وبدأ الفريق العمل بإجراء تحليل شامل للصراع شكل أساساً للتقييم، بما في ذلك العوامل الدافعة الرئيسية لتوفير نهج متكامل لعمليتي بناء السلام والتعافي.

وشمل هذا التقييم الولايات الست الأكثر تضرراً في شمال شرق نيجيريا: أداماوا، وبوتشي، وبورنو، وغومبي، وتارابا، ويوبي. وكان جمع البيانات في ست ولايات عبر عشرين قطاعاً أمراً ينطوي على تحديات، لاسيما بالنظر إلى عدم الاستقرار الأمني الذي يسود في بعض المناطق. وعند ندرة المعلومات أو صعوبة الوصول إلى المناطق المطلوبة، فقد اعتمدنا على تكنولوجيا الاستشعار عن بعد، والتصوير بالأقمار الصناعية، ومحللي وسائل التواصل الاجتماعي، والمعلومات الواردة من الشبكات التابعة لشركائنا. وتمثلت إحدى السمات الأخرى لهذا التقييم في أنه تم إجراؤه في حين كان العنف جارياً في أجزاء من المنطقة. وبالنظر إلى الاحتياجات الملحة على أرض الواقع، تم إجراء التحليل في ثلاثة أشهر. ومثًّل ذلك التحليل تجربة مثمرة للعمل مع الشركاء – الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والحكومات المحلية – نحو تحقيق هدف مشترك. وفي وقت سابق، ساعدت المشاركة المنسقة والسريعة من جانب الشركاء على سد الفجوة بين المساعدة الإنسانية العاجلة لإنقاذ الحياة والحلول المستدامة لمواجهة آثار الصراع والنزوح القسري.

وستستخدم الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والحكومات المحلية وأيضاً المنظمات الشريكة النتائج من أجل وضع خطط للاستقرار والتعافي. ونظراً لتعقد السياق، تُعد عملية ترتيب تسلسل تدخلات التعافي وبناء السلام ضرورية من أجل ضمان استجابة واقعية للأزمة.

وقد قامت الحكومة النيجيرية في الشهر الماضي بعرض النتائج أمام القمة الثانية للأمن الإقليمي في أبوجا، التي عقدت تضامناً مع البلدان الأعضاء في لجنة حوض بحيرة تشاد، وبنين.

وكان من المشجع رؤية الرئيس النيجيري محمد بخاري وهو يبرز أهمية التعافي والمصالحة في مرحلة ما بعد النزاع. وقد حث البيان الختامي للقمة على إنشاء "آلية للتنسيق من أجل إعادة التأهيل والتنمية في مرحلة ما بعد النزاع في منطقة شمال شرق نيجيريا على أساس نتائج تقييم التعافي وبناء السلام" وذلك بمساعدة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.

وعلى المستوى الاتحادي، أعلنت الحكومة النيجيرية التزامها بوضع خطة عمل لترتيب أولوية الإجراءات التدخلية للاستقرار والتعافي وتسلسلها . وتضع الولايات أيضاً خطط عمل تفصيلية استناداً إلى سياقاتها وأولوياتها المتفردة.

ويعطي تقييم التعافي وبناء السلام في شمال شرق نيجيريا شكلاً لاستثمارات البنك الدولي في شمال شرق نيجيريا، التي تشمل بصفة مبدئية 575 مليون دولار، بالإضافة إلى توفير التمويل لدعم بعض المجالات ذات الأولوية التي تم تحديدها في أربعة مجالات: الزراعة، والحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم.

لا شك في أن الطريق إلى التعافي سينطوي على تحديات، غير أنه بالعمل الوثيق مع الحكومة والشركاء، فإن التقييم الذي يجري في الوقت المناسب يمكن أن يساعد على تحقيق وضوح الغرض وتحديد الإجراءات. وإننا نأمل أنه بالعمل معاً، ستساعد هذه الجهود نيجيريا على مواصلة العمل في هذه الأوقات المضطربة ومساعدة عمر وعائلته على الاقتراب من تحقيق حلمهم بالعودة إلى دارهم سالمين.


بقلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000