في البلدان مرتفعة الدخل، يقبل رواد الأعمال من عملائهم الدفع الإلكتروني تلقائيا ويدفعون للموردين وإدارات الضرائب والجهات الأخرى إلكترونيا. ولكن في البلدان النامية، حيث يفيد أكثر من ثلث البالغين بأنهم يعملون لحسابهم الخاص، فإن انتشار استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني مازال محدودا - وهي أداة تجارية يمكن أن توفر منافع كبيرة لرواد الأعمال والمجتمع على السواء من خلال دمج المزيد من الأفراد في النظام المالي الرسمي. ومع النمو السريع في امتلاك الهواتف المحمولة لتيسير عمليات الدفع الرقمي في البلدان النامية، يدر التحول من الدفع النقدي إلى الدفع الرقمي مكاسب كبيرة على رواد الأعمال في جميع أنحاء العالم. ويظهر تقرير جديد كيف يمكن لعمليات الدفع الرقمي أن تفيد رواد الأعمال.
رفع الكفاءة وزيادة الأرباح
تتعدد مزايا الدفع الرقمي، سواء بالنسبة لأحد صغار بائعي الفاكهة أو لمدير مصنع كبير الحجم.فعندما يستطيع أحد رواد الأعمال أن يتتبع بسهولة مبيعاته اليومية من خلال الدفع الرقمي، فإن هذا الشخص يمكنه أن يدير مخزوناته وهوامش ربحه بشكل أفضل. ويمكن للمشاركة في التجارة الإلكترونية من خلال الدفع الرقمي أيضا أن توسع قاعدة المتعاملين مع رواد الأعمال وأن تزيد من التعريف بهم، مما يفسح المجال أمام نمو أنشطتهم ليتجاوز مجرد تغطية التكلفة.
بالنسبة لكبار رواد الأعمال، فإن التطبيقات الرقمية، كالحفظ الإلكتروني للملفات والدفع الإلكتروني لرسوم التراخيص، يمكن أن تخفض التكلفة الباهظة للامتثال الضريبي في البلدان النامية. ويمكن لهذا أيضا أن يشجع على إضفاء الصبغة الرسمية على مؤسسات الأعمال وعلى توسيع القاعدة الضريبية للحكومات. وعلاوة على ذلك، فإيداع الأجور إلكترونيا في حسابات الموظفين، أصبح بوسع رواد الأعمال الاطمئنان إلى دقة وأمان مرتبات عمالهم، مما يفيد الموظفين وأرباب العمل على السواء.
تمكين رائدات الأعمال من أسباب القوة
يمكن لرائدات الأعمال بشكل خاص الاستفادة من الدفع الإلكتروني. فعلى سبيل المثال، كثيرا ما تحول الأعراف الاجتماعية والمسؤوليات الأسرية دون سفر المرأة إلى الموردين الموجودين على مسافات بعيدة أو الانتقال إلى فروع البنوك. ويحسن الدفع الرقمي سبل دخول المرأة السوق- فلا تحتاج، على سبيل المثال، إلى السفر بعيدا لإيداع الأموال- ممن يحد من هذه العقبات التي تعوق الحركة. بالمثل، يمكن للأعراف الاجتماعية أيضا أن تغل يد رائدات الأعمال في الاحتفاظ بأموالهن. لكن الدفع الإلكتروني يضمن خصوصية وأمان أموال المرأة ، مما يحد من إمكانية مطالبة أفراد الأسرة أو غيرهم بجزء من مالها. وتظهر الدراسات أن الأسرة كلها تستفيد عندما يوضع الدخل بين يدي المرأة بدلا من الرجل: إذ تستثمر المرأة أكثر في تغذية وصحة أطفالها.
المجتمع يفوز: انخفاض في عدد غير المتعاملين مع البنوك، وتحسين سبل الحصول على الائتمان
لا يفيد الدفع الإلكتروني الأفراد فقط، بل المجتمع برمته، من خلال إدراج المزيد من الأفراد في النظام المالي الرسمي بامتلاك حسابات بنكية. فعلى الصعيد العالمي، لا يزال هناك أكثر من ملياري بالغ من غير المتعاملين مع البنوك - ربعهم تقريبا من البالغين العاملين لحسابهم الخاص في البلدان النامية. وتمنح أنظمة الدفع التجارية الإلكتروني أصحاب منشآت الأعمال حافزا قويا لإجراء معاملات مالية رسمية، ومن ثم تزيد من الشفافية المالية وتحد من الفساد الذي يتجلى في شكل رشى وأنشطة أخرى غير مشروعة.
فضلا عن ذلك، فإن عمليات الدفع الإلكتروني للأجور تتيح الفرص أيضا لدمج العمال في نظام الإيداعات التلقائية، والرسائل النصية المنتظمة للتذكير بالادخار، والخيارات الإيجابية التلقائية التي تساعدهم أيضا على الادخار. وتظهر الدراسات أن لهذه "المحفزات" تأثيرا إيجابيا على السلوكيات المالية وغير المالية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الدفع الرقمي إلى تيسير الحصول على الائتمان. فنصف الشركات في العالم تحتاج إلى الاقتراض، إلا أن نسبة لا تتعدى 35% منها هي التي تحصل على قروض أو على تسهيلات ائتمانية مصرفية (الشكل 1). وكثيرا ما يعجز صغار رواد الأعمال منخفضي الدخل، بشكل خاص، عن الحصول على الائتمان بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتشدد في الضمانات المطلوبة. ويمكن أن يساعد الدفع الإلكتروني رواد الأعمال في التغلب على هذه العقبات بتكوين تاريخ ائتماني يؤهلهم للاقتراض لكي يبدؤوا النشاط أو ينموه. ففي الولايات المتحدة، ساعد دمج سجل دفع رسوم المرافق والهواتف بدرجة كبيرة في تقليص نصيب البالغين الذين لم يكن لهم تاريخ "في الدفع"، وخاصة لدى المجتمعات والأقليات منخفضة الدخل. ومن شأن تطبيق هذه الممارسات في البلدان النامية أن ييسر الحصول على الائتمان على نطاق واسع، لاسيما للفئات الضعيفة كالنساء والفقراء.
الشكل 1: نسبة منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي حصلت على قرض أو تسهيل ائتمان
التحديات
رغم مزايا الدفع الإلكتروني، فإن التحديات الكبيرة تحول دون النجاح في تبنيه في البلدان النامية. فمشاكل البنية الأساسية، مثل قصور التغطية لدى شبكات الهواتف المحمولة وانقطاع التيار الكهربائي- لاسيما في المناطق الريفية- يعني تعذر الدفع الرقمي في كثير من الأحوال. وفضلا عن ذلك، فإن أنظمة الدفع الإلكتروني عادة تحتاج إلى بطاقة هوية حكومية رسمية للتسجيل. ومع هذا، ففي البلدان النامية، لا يمتلك الكثير من السكان بطاقات هوية أو يختارون العمل في الاقتصاد غير الرسمي، وخاصة أصحاب مشاريع الأعمال الصغيرة.
وأخيرا، فإن نجاح تطبيق أنظمة الدفع الإلكتروني يتوقف على ما إذا كان هناك اهتمام كاف من جانب كل من رواد الأعمال والعملاء. وتقوم بعض منشآت الأعمال بتجريب برامج ترويجية وأنظمة مكافآت استخدمت بنجاح من قبل مقدمي بطاقات الائتمان وخطوط الطيران وشركات أخرى. لكن ما لم يكن هناك عدد كبير من رواد الأعمال الذين يتقبلون المنتج، لن يهتم العملاء بالاشتراك في هذه البرامج. وبدون عدد كبير من العملاء الذين يودون استخدام وسائل الدفع الرقمي، لن يهتم رواد الأعمال بقبولها.
سد الفجوة: دروس لواضعي السياسات والمؤسسات المالية
للقطاعين العام والخاص دور مهم يتعين عليهما الاضطلاع به للتشجيع على استخدام الدفع الرقمي وتحسين سبل الدخول على النظام المالي الرسمي. وتشكل البيئة التنظيمية الملائمة، والإطار المالي اللائق لحماية المستهلك، والشبكات الرقمية القوية مكونات حيوية لنظام عالي الأداء في الدفع الرقمي. ولتحقيق هذه الأهداف، تستطيع الحكومات أن تصلح سياستها المصرفية وسياستها في مجال الاتصالات لدعم الخدمات المالية الرقمية. ومن جانبهم، يتعين على البنوك ومقدمي الخدمات المالية تطوير منتجاتهم بحيث تلبي احتياجات صغار رواد الأعمال، لاسيما في المناطق الريفية. ويستطيع كلا القطاعين العام والخاص تحسين منظومة الدفع الرقمي وزيادة الفرص أمام رواد الأعمال.
للاطلاع على التقرير كاملا يرجى الضغط هنا
تابعو الوظائف المتاحة لدى مجموعة البنك الدولي على موقع تويتر wbg_jobs@
انضم إلى النقاش