نشر في أصوات

التعلم من اليابان:الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل قدرة البنية التحتية على الصمود

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
Image
MediaFOTO/PIXTA


في مارس / آذار 2011، ضرب اليابان زلزال ’شرق اليابان العظيم’، مما تسبب في كارثة تسونامي التي أسفرت عن وفاة أو فقدان 20 ألف شخص. وقد تأثرت بالكارثة الكبيرة مدينة سنداي، وهي عاصمة ولاية مياجي ومركز اقتصادي إقليمي. وفقد حوالي 500 ألف شخص من سكان المدينة إمكانية الوصول إلى المياه، وغمرت موجات تسونامي بالكامل المحطة الرئيسية لمعالجة المياه التي تستخدمها المدينة. كما دمرت 325 كيلومترا من السكك الحديدية الساحلية وأغرقت حوالي 100 كيلومتر من الطريق السريع الوطني في منطقة توهوكو، مما أدى على الفور إلى توقف النقل البري إلى المدن المدمرة التي تحتاج إلى المساعدة.

وبعد أربع سنوات، في الوقت الذي كانت فيه جهود التعافي من الزلزال وموجات تسونامي مازالت جارية، وقع تحالف من شركات القطاع الخاص على امتياز لمدة 30 عاما لتشغيل مطار سنداي، مما جعله أول مطار مملوك للدولة في اليابان يديره القطاع الخاص. وقد حظي هذا النجاح، فيما يعد مفاجأة، بالترحيب من جانب واضعي السياسات وممارسي الشراكات بين القطاعين العام والخاص – إذ كيف يمكن لمشغل خاص أن يتخذ قرارا بشأن استثمارات طويلة الأجل في مثل هذه المنطقة المعرضة للكوارث؟

وعلى الصعيد العالمي، أصبحت آثار الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية المتطرفة واضحة بشكل متزايد على مدى العقود القليلة الماضية. ومنذ عام 2000، وقعت 341 كارثة سنويا في المتوسط من الكوارث المتصلة بالمناخ (وخاصة الفيضانات والعواصف)، أي بزيادة قدرها 44% عن متوسط الفترة 1994-2000، وأكثر من ضعفي متوسط الفترة 1980-1989. ومع تزايد تأثيرات تغير المناخ، ستزداد الحاجة إلى البنية التحتية القادرة على الصمود أمام الكوارث والتغيرات المناخية.

ومن خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمكن للحكومات أن تجتذب شركاء من القطاع الخاص يمكنهم توفير التمويل للاستثمار في البنية التحتية، والمهارات الإدارية، والخبرات اللازمة للتصدي لتحديات الكوارث الطبيعية.  ومن الأهمية بمكان الاستفادة من التمويل الخاص للبلدان النامية المعرضة للكوارث الطبيعية والتي تعاني من عدم كفاية فرص الوصول إلى البنية التحتية الأساسية – وهو نهج يتماشى تماما مع نهج البنك الدولي بشأن تعظيم التمويل من أجل التنمية.

وقد أصبحت الكوارث والمخاطر المناخية جزءا متأصلا في مشاريع البنية التحتية وتحتاج إلى معالجتها وأخذها في الاعتبار عند اجتذاب الاستثمار الخاص. وتقدم تجربة اليابان أفكارا عن كيفية إدارة مخاطر الكوارث وزيادة الاستعداد للكوارث والتصدي لها من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص . على سبيل المثال، تعالج مدينة سينداي بشكل مبتكر مخاطر الكوارث والقدرة على الصمود عند إجراء تحليل للقيمة مقابل المال بمقارنة سيناريوهين: (1) حيثما يتم التعامل مع المشروع من قبل مشغل من القطاع العام، و (2) حيثما يقوم مشغل خاص ببناء وتشغيل المرفق، بما في ذلك التصدي للطوارئ بموجب نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية. وخلصت مدينة سينداي إلى أن نموذج البناء والتشغيل ونقل الملكية سيكون له مزايا أكثر من الأشغال العامة التقليدية لوحدات الإدارة البلدية، من حيث موظفي البلدية وتوفير وقت التصدي للكارثة الطبيعية.

واستنادا إلى الدروس المستفادة من الكوارث التي وقعت في السابق، وضعت مدينة سينداي أحكاما أكثر وضوحا للقوة القاهرة عن طريق إدخال معايير رقمية (على سبيل المثال، الزلزال بشدة 6.5 أو أعلى التي تتسبب في حادث قوة قاهرة). وقد سهل ذلك على المشغل الخاص ما يلي: افتراض مستوى أقل من عدم اليقين في مسؤوليات إدارة مخاطر الكوارث، ودراسة تدابير إدارة مخاطر الكوارث أثناء مرحلة التخطيط، وتنفيذ الاستجابات العاجلة لحالات الطوارئ في وقت وقوع الكوارث.

وعلاوة على ذلك، ولتحفيز استثمار القطاع الخاص في مجال إدارة مخاطر الكوارث، وضعت مدينة سينداي سياسة للحد من مبلغ التعاقد مع المشغل الخاص في حالة وجود عيوب في المرافق لا تستوفي مواصفات ومعايير الأداء استنادا إلى الدروس المستفادة من زلزال مياجي لعام 2005.

وقد تم عرض هذه الدروس المستفادة في دراسة حالة، بعنوان الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية القادرة على الصمود: العقود والمشتريات، التي نشرها البنك الدولي مؤخرا. یغطي التقریر مجموعة واسعة من الموضوعات المهمة، بما في ذلك أطر السياسات والقوانين، وهيكلة المشاريع، والمشتريات ودور التمويل والتأمين، ویتناول التقرير أیضا التحدیات الرئيسية في تشکیل الشراكات بین القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية القادرة على الصمود:

  • تحديد وتوزيع المخاطر بشكل فعال بين القطاعين العام والخاص

 

  • إدارة عقود الشراكات بين القطاعين العام والخاص طويلة الأجل في ظل ظروف عدم اليقين
  • ضمان الجدوى التجارية والمالیة في ضوء آثار التكاليف المترتبة علی الاستثمار في مجال القدرة علی الصمود

قاد دراسة الحالة الصندوق العالمي للبنية التحتية ومركز طوكيو لإدارة مخاطر الكوارث بمساندة من برنامج اليابان والبنك الدولي لتعميم مفهوم إدارة مخاطر الكوارث في البلدان النامية وبرنامج التسهيلات الاستشارية للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية.

ويتعين على الحكومات التي تشرف على جهود إدارة مخاطر الكوارث وتطوير البنية التحتية تنسيق وإيجاد سبل لتوفير حوافز للقطاع الخاص للاستثمار في القدرة على الصمود التي تكون قابلة للتنفيذ من الناحيتين الفنية والتجارية. وبالتعاون مع مركز طوكيو لإدارة مخاطر الكوارث والصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها، فإن البرنامج العالمي للبنية التحتية، الذي يعمل كمنبر يتيح التواصل الفعال بين الحكومات والقطاع الخاص والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف وأصحاب المصلحة الآخرين، يتمتع بوضع أمثل يسمح له بتقديم المساعدة اللازمة للحوار الفعال بشأن تكوين وتنفيذ الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية المرنة.

مقالات ذات صلة:

2018: هل نحن مستعدون للالتزام ببناء بنية تحتية قادرة على الصمود؟

تخطيط طريقتنا للتصدي للكوارث - وعد البنية التحتية القادرة على الصمود

كيف يمكننا استيعاب وإدراج المخاطر المتعلقة بالمناخ في إنشاء البنية التحتية؟


بقلم

سناء ساساموري

خبير أول في تمويل البنية التحتية، البنك الدولي

ناهو شيبويا

أخصائي إدارة مخاطر الكوارث، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000