نشر في أصوات

ما الذي يطلق شرارة التغيير؟ كيف يمكننا القضاء على الفقر؟

الصفحة متوفرة باللغة:

ما Imageالذي يلهم التغيير؟ ما الذي يؤثر على السياسات؟ ما الذي يحفزنا في الواقع على أن نقوم بأعمال اجتماعية خيرية؟

هذه حكاية من الماضي لن أنساها أبدا.

في عام 1987، ساعد كل من د. بول فارمر وأنا وقلة أخرى في إطلاق مجموعة تسمى شركاء في الصحة بهدف توفير فرص الحصول على الرعاية الصحية الجيدة للفقراء. في البداية، تركز الجانب الأكبر من عملنا في هايتي. وبعد هذا بسبع سنوات، تحديدا في عام 1994، أنشأنا برنامجا في كارابيللو، وهي مستوطنة تقع على أطراف ليما، عاصمة بيرو.

وبدأنا برنامجا في بيرو لأن أحد أصدقائنا الطيبين- وهو الأب جاك روسين- قال إننا يجب أن نفعل. وقال إن المنطقة تحتاج نظاما أقوى للرعاية الصحية الأولية، ومن ثم ساعدنا في بناء كادر من موظفي الصحة المحليين. وعملت منظمتنا "شركاء في الصحة" هناك على تحسين الرعاية الصحية للمواطنين في المجتمع المحلي، وعينت 20 من الشباب المحليين، وقامت ببناء صيدلية، ثم أجرت تقييما صحيا للبلدة.
 

ثم ما لبث الأب جاك أن مرض. وبدأ يفقد وزنه. وقد حثثته على العودة إلى موطنه في بوسطن. وحينما فعل ذلك في النهاية، كشفت الفحوص أنه مصاب بالسل الرئوي. ولم يكن نوعا بسيطا من السل. بل كان من النوع المقاوم للعقاقير. كان مرضه مقاوما للعقاقير الأربعة الرئيسية المستخدمة في علاج السل. وبعد فترة قصيرة، مات الأب جاك.

وعدنا إلى كارابيلو ورحنا نحقق في الأمر. لماذا أصيب بالسل المقاوم للعقاقير؟ ووجدنا أن هناك عددا يثير القلق من حالات الإصابة بهذا النوع من السل. وفعلنا شيئين: أولا، بدأنا على الفور البحث عن إمدادات للعقاقير التي يمكن أن تعالج حالات السل التي اكتشفناها. ووزعنا هذه العقاقير على المرضي، وما أراحنا كثيرا هو أننا استطعنا علاج غالبيتهم. ثانيا، بدأنا في الحث على إطلاق برنامج عالمي لعلاج الفقراء الذين يعانون من السل المقاوم للعقاقير في كل مكان.

ناضلنا وناضلنا. واستغرق الأمر سنوات، لكننا نجحنا في النهاية في المساعدة على وضع خطة عالمية لمواجهة السل المقاوم للعقاقير، وأرست منظمة الصحة العالمية مبادئ توجيهية لجميع البلدان بشأن كيفية علاج المصابين بهذا المرض. واليوم، وعلى الرغم من أن السل المقاوم للعقاقير لا يزال على نحو غير معقول يمثل معضلة عالمية تستحق اهتماما أكبر بكثير، فإنه من دواعي اعتزازي أن أقول إن بيرو باتت رائدة على مستوى العالم في مكافحة هذا المرض. كما أن من دواعي فخري أن أقول إن منظمة شركاء في الصحة أصبحت مساهما رئيسيا في الرعاية الصحية للكثير من مواطني بيرو وذلك بعد 18 عاما من انطلاقها.

وقد حدث التغير في هذه الحالة لأن شخصا واحدا، هو الأب جاك، شاهد بنفسه الظلم الاجتماعي وحثنا على العمل. وحدث لأنه ألهمني وألهم كثيرين آخرين من شركاء في الصحة لكي نتحرك. ولا يزال ذلك مصدر إلهام للآخرين. ونحن لم نتوقف. لقد كانت دوافعنا دوما هي قيمنا الأصيلة التي تؤمن بأن لكل شخص الحق في الحصول على الرعاية الصحية.

والآن، وباعتباري رئيسا للبنك الدولي، فإنني وزملائي يدفعنا تحد آخر هائل وهو: القضاء على الفقر المدقع عن طريق العمل مع الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات والأفراد في المجتمعات المحرومة التي تعاني منذ زمن طويل ظروفا قاسية.

لقد قطع العالم شوطا طويلا خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية حيث قلص نسبة من يعيشون في فقر تام بمقدار النصف، لكن بوسعنا أن نفعل أكثر من هذا بكثير. ما هو المطلوب للقضاء على الفقر؟ نود أن نستمع إلى آرائك في هذا الصدد: أرجو أن ترسل إلينا برأيك على تويتر باستخدام # ما المطلوب. إننا بصدد تعميم هذه الجهود عالميا ونود أن تشاطرنا آرائك. فالتغيير- التغيير الهائل- ممكن.


بقلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000