نشر في أصوات عربية

هل نشعر بالأمان على متن الحافلات العامة؟ رواية شهود عيان في مدينة الكويت

الصفحة متوفرة باللغة:
????? ?? ?????? ??? ?????? ??? ??? ???? ?????? "???? ???" ??????? ?? ??????. أربعة من الركاب وهم يصعدون على متن إحدى حافلات "سيتي باص" الحمراء في الكويت.

زرنا الكويت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي لاستكشاف مجالات التعاون المحتملة مع مؤسساتها الحكومية في قطاع النقل. وكنّا أول وفد فني من البنك الدولي يزور الكويت بعد 18 شهرًا من فرض قيود السفر بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). ولكي يتسنى لنا رسم صورة حية عن جودة النقل العام في الكويت، فقد خضنا رحلة بالحافلة ذهابًا وإيابًا مع كويت كوميوت، وهي منظمة مجتمع مدني نشطت في مجالات التنقل والسلامة على الطرق خلال العقد الماضي. قفزنا على متن حافلتين تابعتين لشركتين من الشركات الثلاث العاملة في دولة الكويت.

ضع في اعتبارك السيناريو التالي عند ركوبك إحدى الحافلات العامة في الصباح: تندفع بسرعة خارج المنزل وتسرع الخطى إلى أحد الطرق السريعة، حيث تلوح بذراعك لتوقف حافلة عامة بالطريقة نفسها التي تستخدمها لإيقاف سيارة أجرة، ثم تحاول الصعود لكن السيارة لا تتوقف من أجلك، مما يجبرك على مطاردتها حتى تتمكن من القفز على متنها وهي في وضع الحركة. وبمجرد جلوسك، يندفع سائق الحافلة عبر الشوارع، وكثيراً ما يضغط على المكابح بكل ما أوتي من قوة مما يؤدي إلى هز الركاب وتحريكهم من مقاعدهم. هذا هو الواقع اليومي لمن يضطرون إلى استخدام المواصلات العامة في الكويت.

تُعد الكويت من بين العواصم الرئيسية التي تنبض بالحياة حيث تحتضن أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، كما تتمتع ببيئة قوية لممارسة الأعمال والأنشطة التجارية. وفي ظل ما تمتلكه المدينة من شبكة طرق ممتازة، أصبح استخدام السيارات الخاصة هو الوضع المفضل لدى الأفراد للتنقل للذهاب إلى العمل أو اصطحاب أطفالهم إلى المدرسة أو زيارة عائلاتهم وأصدقائهم أو الترفيه أو أداء أي مهمة تطرأ على حياتهم الروتينية اليومية.

ومن الواضح أن هذا الأمر يؤدي إلى الازدحام والانتظار لفترات طويلة عند إشارات المرور وصعوبات في العثور على أماكن انتظار السيارات في الشوارع مما أدى إلى زيادة كبيرة في انبعاثات غازات الدفيئة. وأدى التزايد المستمر في أعداد المركبات الخاصة إلى إنتاج متوسط مواد جسيمية من فئة PM2.5)) يبلغ قطرها 38.30 مغ/ م3، مما جعل الكويت تحتل المرتبة الثالثة عشرة عالميًا من حيث كونها غير صحية للأشخاص الذين يعانون من الحساسية لتلوث الهواء. وبناءً عليه، بدأت الكويت في الترويج لاستخدام النقل العام والتركيز عليه بصفته إحدى وسائل التخفيف من الحركة المرورية وتحسين جودة الهواء، لكن السكان يترددون في استخدام هذه الوسيلة البديلة.

والنقل العام ليس وافدًا جديدًا على مدينة الكويت؛ فقد تأسست شركة الحافلات العامة الأولى في عام 1962. وتمتلك شركة النقل العام الكويتية أكثر من 600 حافلة نقل عام ويعمل عليها أكثر من 1000 سائق مما يمكنها من العمل على أكثر من 35 مساراً تقطع الكويت من أقصاها إلى أقصاها. ومع ازدياد الطلب على استخدام وسائل النقل العام، دخلت شركات أخرى السوق الكويتي، وكانت من بينها شركة "سيتي باص"، التي تأسست عام 2002 كأول مزود لخدمات النقل العام يمتلكه القطاع الخاص. وتمتلك شركة "سيتي باص" وتشغل أسطولًا مكونًا من أكثر من 500 حافلة نقل عام، منها 80 حافلة ذات انبعاثات كربونية منخفضة. وفي عام 2006، دخلت شركة رابطة الكويت والخليج للنقل (كي جي إل) السوق بأسطول مكون من بضع مئات من الحافلات أيضًا. وتوفر الشركات الثلاث حافلات مكيفة الهواء لحماية الركاب من الحرارة الشديدة، كما أنها نظيفة وتتوفر بداخلها لافتات مناسبة تعرض معلومات عن المسارات. وعلى الرغم من ذلك، كان هناك انخفاض في عدد الركاب.

تُعد السيارات والوقود في متناول الجميع في الكويت، ولهذا يمتلك هذا البلد أعلى المعدلات المسجلة لملكية السيارات للفرد في العالم. من جهتها، لا تساعد شركات الحافلات العامة في حل هذه المسألة حيث تقوم بتخطيط مساراتها دون التنسيق مع باقي الشركات. وتعمل هذه الشركات في الأماكن التي توفر كثافة وطلباً أعلى من الركاب وذلك لمضاعفة الإيرادات. ويخوض سائقوها مناورات غير آمنة للتنافس على هؤلاء الركاب مما يدفعهم إلى القيام بأعمال خطيرة منها الانحراف داخل وخارج مضمار حركة السير، وزيادة السرعة، بل والتجمع في محطات التوقف المزدحمة وتجاوز المحطات الأقل كثافة، أو التحرك من المحطات أثناء صعود الركاب على متن الحافلات.

هناك ندرة في البيانات المتعلقة بسلامة المرأة في وسائل النقل العام في الكويت، حيث لا تخضع للرقابة إلى حد كبير، لذلك تفتقر السلطات إلى إمكانية الوصول الفوري إلى اللقطات المصورة عبر أنظمة المراقبة، مما يمنع النساء من تقديم الشكاوى أو التماس الإنصاف العاجل. لكنه وعلى الرغم من قلة الإحصائيات الخاصة بأنماط تنقل النساء، فإن الحوامل، وفقاً لما يقوله مؤسس منظمة "كويت كوميوت" السيد جاسم العوضي، هن الأكثر تضررًا عندما تسير الحافلات عبر المحطات دون التوقف كما ينبغي. وقلما نجد محطات آمنة للحافلات تتوفر فيها أماكن لجلوس الركاب والانتظار.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن محطات الحافلات تفتقر إلى عدة أمور نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: توفير الغطاء اللازم (المظلات) لحماية الركاب من حرارة الصيف الحارقة، وتوفير الإضاءة الكافية أثناء الليل لتحقيق عنصر السلامة والأمان ، وكذلك تركيب اللافتات الواضحة. ويؤدي عدم الوضوح في محطات توقف الحافلات إلى ارتباك الركاب عندما يفترض بهم الركوب أو النزول؛ ولذلك نجدهم يلوحون للحافلات من الرصيف للصعود والتفاوض مع السائق لإنزالهم في المكان الذي يرغبون فيه، مما يؤدي إلى توقف الحافلات بين المحطات. وعند وجود مساحة خالية في المحطة تسمح بالدخول، فإن أصحاب السيارات يوقفون سياراتهم حيث لا يوجد ما يثير قلقهم من ناحية تسجيل المخالفات أو دفع الغرامات.

يعد إصلاح النقل العام أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لمدينة الكويت وسكانها، لا سيما لردع الجرائم التي تمر مرور الكرام بسبب ضعف الرقابة. أولاً، من الضروري تركيب أنظمة مراقبة آلية يتم ربطها مباشرة بالسلطات وتكون لها القدرة على الاستجابة السريعة للشكاوى. ثانياً، من الضروري أيضاً إعادة تنظيم وترتيب نظام الحافلات العامة في الكويت بحيث تلتزم هذه الحافلات بجدول زمني حقيقي وقابل للتطبيق. وثالثًا، يؤدي اللجوء إلى نظام البطاقة الذكية وتفعيله إلى تحديث الاستخدام من خلال تطبيق ذكي لتحديد المسارات والسماح للمستخدمين من الركاب بتعبئة بطاقاتهم عبر الإنترنت وربطها بجدول الحافلات.

يُعد النقل ثاني أكبر العوامل المساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة في الكويت التي تواجه مشكلات أخرى جراء تغير المناخ. وفي حين تبنت الكويت مبادرات معتبرة للتخفيف من الآثار الناجمة عن تغير المناخ، إلا إن الباب لا يزال مفتوحًا أمام المزيد منها؛ فتحويل فكر الأشخاص من استخدام سياراتهم الخاصة إلى وسائل النقل العام يعد تحولًا تاريخيًا في حد ذاته إلا إنه أمر ضروري ولا غنى عنه. غير أن هناك بصيص من الأمل في أن أبناء الكويت حريصون بل ومتحمسون لحمل لواء التغيير فيما يخص هذه القضية. وإنه لأمر رائع أيضاً أن نرى منظمة مثل "كويت كوميوت" تعمل كتفًا بكتف مع الحكومة الكويتية لاستكشاف طرق لإصلاح النقل العام وطرح الحلول واقتراح إقامة شراكات مع القطاع الخاص. وبفضل تلك الجهود المشتركة، قد تكون دولة الكويت ماضية في طريقها صوب وسائل نقل عام أكثر أمانًا وفعالية وشمولًا.

 

مواضيع ذات صلة

البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا


بقلم

إبراهيم دجاني

مدير قطاع النقل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هشام فؤاد

أخصائي أول في مجال النقل

عبير المطوع

محللة عمليات في مجال التنمية البشرية والتمكين الاقتصادي للمرأة

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000