نشر في أصوات عربية

تراجع وفيات الأطفال: قصة نجاح من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الصفحة متوفرة باللغة:
تراجعت معدلات وفيات الأطفال في مختلف أنحاء العالم النامي خلال العقود الأربعة الماضية، وكانت منطقة الشرق الوسط وشمال أفريقيا هي الأفضل أداء في هذا الصدد.
فقد انخفضت هذه المعدلات في المنطقة من 206 وفيات لكل ألف مولود حي عام 1970 إلى 27 فقط عام 2010. وكان هذا أكبر انخفاض مطلق (179 نقطة) بين مناطق العالم وأيضاً أكبر نسبة انخفاض (87 نقطة). بالمقارنة، حققت أميركا اللاتينية وشرق آسيا، اللتان تحلان في المرتبة الثانية من حيث المناطق الأفضل أداء، انخفاضاً بمقدار 81 و80 نقطة على التوالي خلال الفترة ذاتها.
يمكن ملاحظة الانخفاض الأسرع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل واضح في الرسم التوضيحي التالي.
 
Image

ويبين ذلك أن المنطقة هي الوحيدة بين المناطق النامية التي قفزت من بين المجموعة ذات المعدلات الأعلى في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء (عام 1970) والتحقت بمجموعة المعدلات الأدنى التي تضم أمريكا اللاتينية وشرق آسيا (بحلول تسعينات القرن الماضي).
تفصيل أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مستوى البلدان يكشف عن تحقيق بعض الإنجازات الرائعة عندما تصنف البلدان وفقاً لنسبة التراجع في معدلات وفيات الأطفال بين عامي 1970 و2010:
  • حققت سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية المرتبة الثانية والثالثة على التوالي من حيث أفضل معدلات للأداء في العالم.
  • كانت عشرة بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (عمان، السعودية، إيران، الجزائر، الإمارات العربية المتحدة، مصر، تونس، ليبيا، قطر، البحرين) بين أفضل 25 بلداً في صدارة القائمة العالمية من حيث الأداء، والتي تضم 165 بلداً.
  • تجاوزت جميع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا العراق والأردن، متوسط الأداء العالمي
  • حتى اليمن الذي يعاني أعلى معدلات الوفيات بين الأطفال حالياً في العالم العربي، أصبح من بين البلدان التي تتجاوز المتوسطات العالمية في أدائها التاريخي؛ فقد تمكن من تقليص هذه المعدلات من 321 لكل ألف مولود حي عام 1970 إلى 64 لكل ألف مولود حي بحلول عام 2010
ما السبب وراء هذا الأداء الممتاز؟ تشير الأدبيات إلى أن نمو الدخل، وتعليم الإناث، والإنفاق العام على الصحة (خاصة على البرامج الصحية الموجهة للطفل) هي محددات مهمة من الناحية الإحصائية لمعدلات الوفاة بين الأطفال. والمشكلة هي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تكن متميزة في أي من هذه المجالات خلال العقود الأربعة السابقة. كما كان نمو الدخل، وتعليم الإناث، ومستويات الإنفاق على الصحة فيها عند مستوى متوسط بين هذه المعدلات في المناطق النامية الأخرى. ولهذا فإن هذه العوامل في حد ذاتها لا يمكن أن تفسر سبب أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل أفضل من كافة المناطق الأخرى من حيث تخفيض معدلات وفيات الأطفال.
قد يكمن أحد التفسيرات الممكنة في شيوع ممارسات دعم المواد الغذائية الرئيسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإذاً كان مثل هذا الدعم مكلفاً من وجهة النظر المالية وموجهاً بشكل غير فعال، فمن المعروف عامة أن له تأثيراً إيجابياً على مستويات التغذية بين الأسر محدودة الدخل. بالطبع هناك حاجة لإجراء مزيد من البحث للتيقن ما إذا كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متميزة في تقديم هذا الدعم الغذائي حيث أقدمت بلدان في مناطق أخرى على ممارسات مماثلة في تواقيت مختلفة.
ويشير الجدول الزمني لأداء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى بعض المدلولات التي يمكن أن تغيّر المستقبل. على سبيل المثال، لم يكن مؤشر تراجع وفيات الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد عام 1990 مختلفاً عنه في أميركا اللاتينية وشرق آسيا، وكان أقل سرعة عما كان عليه في جنوب آسيا، ولاحقاً في أفريقيا جنوب الصحراء. وقد يعزى هذا في جانب منه إلى حقيقة أنه من الأيسر تخفيض المعدلات من مستويات عالية للغاية، لكن من الأصعب القيام بذلك حينما تكون معدلات الوفاة منخفضة بالفعل. ولذا فسيتعين على المنطقة أن تحاول بجدية أكثر في المستقبل من أجل تحقيق نتائج مماثلة لتلك التي حققتها في الماضي.
ولذا، ففي حين أنه ما زال من الملائم وصف تجربة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع وفيات الأطفال بقصة نجاح تاريخية، فقد يكون من الضروري التأكيد على الجانب التاريخي.

بقلم

فروخ إقبال

رئيس الأخصائيين التقنيين

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000