إن القضاء على إساءة استغلال السلطة من قبل النخبة الحاكمة هو أحد المطالب الرئيسية للجماهير التي خرجت إلى الشوارع في مظاهرات الربيع العربي. وتكشف
الورقة البحثية الجديدة التي أعددناها المدى الذي بلغه هذا الاستغلال. فهي توثق الأدلة التي تشير إلى أن الشركات التي كان يمتلكها الرئيس السابق بن علي وأسرته قد تهربت على الأرجح من سداد الرسوم الجمركية على الواردات أثناء حكمه، وتملصت على ما يبدو من دفع ما يقدر بنحو 1.2 مليار دولار من الضرائب بين عامي 2002 و2009 استنادا إلى علاقاتها السياسية. و منذ ثورة الياسمين انحسرت ظاهرة عدم الإقرار بالضرائب المستحقة على الشركات التي كان بن علي يمتلكها في السابق، إلا أن التهرب الضريبي زاد بشكل عام.
كيف نعرف ذلك؟
من المعروف أن التحقق من الإقرارات الضريبية أمر صعب. ومع هذا، ففي حالة الضرائب المفروضة على البضائع المستوردة، يمكن استخدام الإقرارات المماثلة التي بحوزة المصدرين الذين ليس لديهم أي دافع للكذب بشأن ما قاموا بتصديره للخارج، وذلك لرصد أي عمليات محتملة للتحايل الضريبي.
إذا كانت الإقرارات عن الواردات صحيحة، ينبغي عندئذ أن تتطابق تقريبا مع الصادرات المسجلة في البلدان التي ترسل البضائع إلى تونس. ومع هذا، إذا كان هناك تلاعب في بيان الواردات، أو كان قد تلاشى تماما- عندئذ يظهر ما يسمى "بالفجوة الضريبية". تقاس هذه الفجوات بالتباين بين الصادرات المسجلة في البلدان المصدرة للبضائع لتونس والواردات من نفس هذه البضائع المسجلة في تونس. كلما اتسع هذا الفارق/ كلما كان الوارد "المفقود" أعلى وكانت الإيرادات التي تجمعها الجمارك التونسية أقل. مثل هذه الفجوات الناجمة عن التهرب تكون في العادة أكبر بالنسبة للبضائع الخاضعة لرسوم جمركية أعلى، والتي يدر التهرب من دفعها أعلى مستوى من الربحية، وقد باتت مقياسا مرجعيا للتهرب الضريبي.
في تونس، كانت الفجوات أكبر بالنسبة لواردات الشركات المملوكة لبن علي، وكانت أضخم في حالة خضوعها لرسوم جمركية عالية. هذه الفجوات تعود إلى التلاعب في خفض أسعار هذه السلع. وتوضح الأدلة أن الجناة الرئيسيين هم أصحاب مشاريع يتمتعون بنفوذ في الدولة . فقد اعتادت شركات بن علي وضع أسعار بخسة بالمقارنة بمنافسيها من مستوردي نفس البضائع من نفس البلدان المصدرة (ومن ثم كانت تدفع رسوما أقل على هذه البضائع) وتباينت الفجوة بين أسعار واردات بن علي وأسعار واردات الشركات الأخرى بمعدلات الرسوم المفروضة.
وعلاوة على ذلك، فإن الشركات التي تم تخصيصها بدأت في تخفيض أسعار وارداتها بدرجة كبيرة بعد بيعها لأسرة بن علي، بينما لم تتغير أسعار السلع في بيانات الشركات التي بيعت لرجال أعمال لا يتمتعون بعلاقات مع السلطة.
لماذا نهتم؟
المشكلة لا تكمن فقط في الظلم وفي الخسائر التي تتكبدها المالية العامة، بل أيضا في انعدام الكفاءة حيث يمنح التهرب الضريبي للجناة ميزة في تكلفة المنتج عن الملتزمين بالقوانين دون أي تفوق في الأداء.
ماذا حدث بعد الثورة؟
أدت الثورة إلى انحسار التهرب الضريبي وتراجع التلاعب في أسعار خطوط الإنتاج التي كانت أسرة بن علي تنشط بها، لكنها أيضا تسببت في زيادة التهرب بشكل عام. ورغم تقلص نفوذ أسرة بن علي، إذا صح ذلك، ازداد الفساد تفشيا.
ويبقى سؤال مهم: هل أصبح الفساد في تونس ديمقراطيا أكثر بعد الثورة؟
كيف نعرف ذلك؟
من المعروف أن التحقق من الإقرارات الضريبية أمر صعب. ومع هذا، ففي حالة الضرائب المفروضة على البضائع المستوردة، يمكن استخدام الإقرارات المماثلة التي بحوزة المصدرين الذين ليس لديهم أي دافع للكذب بشأن ما قاموا بتصديره للخارج، وذلك لرصد أي عمليات محتملة للتحايل الضريبي.
إذا كانت الإقرارات عن الواردات صحيحة، ينبغي عندئذ أن تتطابق تقريبا مع الصادرات المسجلة في البلدان التي ترسل البضائع إلى تونس. ومع هذا، إذا كان هناك تلاعب في بيان الواردات، أو كان قد تلاشى تماما- عندئذ يظهر ما يسمى "بالفجوة الضريبية". تقاس هذه الفجوات بالتباين بين الصادرات المسجلة في البلدان المصدرة للبضائع لتونس والواردات من نفس هذه البضائع المسجلة في تونس. كلما اتسع هذا الفارق/ كلما كان الوارد "المفقود" أعلى وكانت الإيرادات التي تجمعها الجمارك التونسية أقل. مثل هذه الفجوات الناجمة عن التهرب تكون في العادة أكبر بالنسبة للبضائع الخاضعة لرسوم جمركية أعلى، والتي يدر التهرب من دفعها أعلى مستوى من الربحية، وقد باتت مقياسا مرجعيا للتهرب الضريبي.
في تونس، كانت الفجوات أكبر بالنسبة لواردات الشركات المملوكة لبن علي، وكانت أضخم في حالة خضوعها لرسوم جمركية عالية. هذه الفجوات تعود إلى التلاعب في خفض أسعار هذه السلع. وتوضح الأدلة أن الجناة الرئيسيين هم أصحاب مشاريع يتمتعون بنفوذ في الدولة . فقد اعتادت شركات بن علي وضع أسعار بخسة بالمقارنة بمنافسيها من مستوردي نفس البضائع من نفس البلدان المصدرة (ومن ثم كانت تدفع رسوما أقل على هذه البضائع) وتباينت الفجوة بين أسعار واردات بن علي وأسعار واردات الشركات الأخرى بمعدلات الرسوم المفروضة.
وعلاوة على ذلك، فإن الشركات التي تم تخصيصها بدأت في تخفيض أسعار وارداتها بدرجة كبيرة بعد بيعها لأسرة بن علي، بينما لم تتغير أسعار السلع في بيانات الشركات التي بيعت لرجال أعمال لا يتمتعون بعلاقات مع السلطة.
لماذا نهتم؟
المشكلة لا تكمن فقط في الظلم وفي الخسائر التي تتكبدها المالية العامة، بل أيضا في انعدام الكفاءة حيث يمنح التهرب الضريبي للجناة ميزة في تكلفة المنتج عن الملتزمين بالقوانين دون أي تفوق في الأداء.
ماذا حدث بعد الثورة؟
أدت الثورة إلى انحسار التهرب الضريبي وتراجع التلاعب في أسعار خطوط الإنتاج التي كانت أسرة بن علي تنشط بها، لكنها أيضا تسببت في زيادة التهرب بشكل عام. ورغم تقلص نفوذ أسرة بن علي، إذا صح ذلك، ازداد الفساد تفشيا.
ويبقى سؤال مهم: هل أصبح الفساد في تونس ديمقراطيا أكثر بعد الثورة؟
انضم إلى النقاش