نشر في أصوات عربية

ضمان ألا تضل إصلاحات الحوكمة بالمغرب طريقها

الصفحة متوفرة باللغة:
شارك في كتابة هذه المدونة  فابيان سايردر و ليدا بتيديني

رياح التغيير تهب عبر شوارع المغرب.

عWorld Bank | Arne Hoel - ضمان ألا تضل إصلاحات الحوكمة بالمغرب طريقها ملية تحول ديمقراطي واجتماعي تجري في أعقاب مظاهرات ألهمها "الربيع العربي" مطالبةً بالمزيد من الديمقراطية وتقاسم ثمار الرخاء.من أبرز سمات هذا التحول تدعيم إطار الحوكمة أو ما يُعرف أيضا بالحكامة في المغرب، وهو ما أسفر حتى الآن عن تعديل الدستور وإجراء انتخابات جديدة.وقد رفع الدستور الجديد من شأن ما كان مطلباً للجماهير من مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة، واستحدث حقوقاً جديدة لتعزيز نسق حوكمة أكثر انفتاحاً، مثل حق الاطلاع على المعلومات والمشاورات الشعبية.

وبالتعاون مع البنك الدولي، تم إعداد مشروع للمساعدة في ترجمة هذه الحقوق الدستورية إلى واقع على الأرض. ويدعم هذا المشروع انتهاج وتطبيق سياسات وقوانين تتيح لأبناء الشعب المشاركة بشكل أفضل في الشؤون الحكومية؛ وزيادة الكفاءة والمساءلة في استخدام المال العام؛ مع تحسين لامركزية الموازنة والإدارة الذاتية للحكومات المحلية.

ويجري حاليا تمويل "مشروع مساندة تطبيق إطار الحوكمة الجديد بالمغرب" من خلال منحة قدرها 4.5 مليون دولار أمريكي مقدَمة من صندوق التحول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي المنحة التي تمت الموافقة عليها في 20 فبراير/شباط 2013. وكانت شراكة دوفيل المنبثقة عن مجموعة الثماني قد أعلنت عن تدشين صندوق التحول خلال الاجتماعات السنوية الأخيرة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في طوكيو، وذلك بغرض دعم عملية التحول الديمقراطي في أنحاء المنطقة.وسوف يستثمر هذا الصندوق أمواله في جهود الإصلاح المنفردة من خلال توفير التمويل لمشروعات التحول عبر المؤسسات المالية الدولية. وقد التزم الصندوق بمساندة إصلاحات الحوكمة بالمغرب خلال الاجتماع الثاني للجنته التوجيهية الذي عُقد في الرباط في أواخر فبراير/شباط. ويتمثل هدف المشروع في تدعيم أسس الحكم الرشيد على المستويين المركزي والمحلي.وفي مجال المشاركة الجماهيرية، سوف يسهم وضع إطار قانوني وسياسي أقوى في إفساح المجال أمام نهوض قطاع عام أكثر تعاونية، واستدامة، واشتمالاً.كما سيعمل على إيجاد بيئة مواتية لزيادة مشاركة المواطنين في الشؤون الحكومية.وعبر إنشائها لهياكل للحوكمة القائمة على المشاركة التي لم يكن لها من قبل وجود، اللهم إلا القليل، فإن هذه الإصلاحات لن تسهم فحسب في بناء جسور الثقة بين الإدارة العمومية والمواطنين، لكنها ستستجيب أيضاً بشكل مباشر للمطالب الشعبية المنادية بالمزيد من الشفافية الحكومية والمساءلة الاجتماعية.

وسوف يسهم استحداث نظام ربط مخصصات الموازنة بالأداء في تدعيم نتائج تطبيق السياسات.كما سيؤدي ذلك إلى تحسين المساءلة الداخلية والخارجية للحكومة بشأن تطبيق السياسات العمومية واستخدام الموارد بما يتلاءم معها. وسيسهم النهج الجديد لإدارة الموازنة، عبر تعزيز المساءلة والمرونة الإدارية داخل الإدارات العمومية، في رفع مستوى الكفاءة الكلية من خلال تخويل الإدارات صلاحية تخصيص الموارد بما يتفق والاحتياجات الراهنة. وسيؤدي الأسلوب الجديد لعرض برامج الموازنة أيضا إلى تحسين درجة خضوع الحكومة للمساءلة من خلال زيادة الشفافية المالية، فضلاً عن تدعيم الصلة بين أولويات السياسات ومخصصات الموازنة.

علاوة على ذلك، سيكون لتدعيم اللامركزية المالية ارتباط مهم بالأبعاد الأخرى للمشروع.وهذا القول يصدق بوجه خاص على إصلاح إدارة الموازنة والإدارة العمومية، وهو ما سيكون له أثره الملموس على الإدارة المالية المحلية، وكذلك فيما يتعلق بإصلاحات الحوكمة المنفتحة التي تشجع المشاركة الجماهيرية في مختلف مناحي القطاع العام. فمن خلال تخويل الصلاحيات المباشرة للحكومات المحلية المنتخبة، سيكون للإصلاحات في هذا المجال تأثير ملحوظ على الإدارة العمومية للشؤون المحلية، كما ستسهم في تحفيز المشاركة وتحسين المساءلة على المستوى المحلي. وبالنظر إلى موقع الحكومات المحلية على الخط الأمامي لتقديم الخدمات العمومية للمواطنين، فسوف تشجعها هذه الإصلاحات على الارتقاء بقدراتها على تقديم الخدمات العمومية التي تلبي الاحتياجات المحلية.

وفي حال النجاح في تطبيقها، سيكون من شأن هذه الإصلاحات الثلاثة مجتمعةً أن ترتقي بمستوى فعالية السياسات والبرامج العمومية في المغرب.وسوف تسهم في معالجة التحديات المزمنة التي تواجهها جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.فحتى في ظل ما يتم ضخه من استثمارات عمومية مهمة واستدامة النمو الاقتصادي، لا يزال أكثر من 49 في المائة من شباب المغرب متعطلين، لا هم يدرسون ولا هم يعملون. وبالمثل، فإن معدل محو أمية الكبار لم يكن يتجاوز حتى عام 2010 نسبة 56 في المائة فقط بالنسبة للرجال، وأقل من ذلك بكثير بالنسبة للنساء.وفي المناطق الريفية، لا تتجاوز نسبة من يكملون فعلا السنوات الست للتعليم الابتدائي 40 إلى 50 في المائة، وتقل هذه النسبة كثيراً بين الفتيات.وقد أدى هذا الوضع، مع ضعف نتائج السياسات الإنمائية فيما مضى، إلى تغذية الشعور السائد بالحرمان والإحباط، وهو ما عبر عنه الناس بقوة في شوارع المغرب.ومن ثم، فإن نجاح عملية التحول سيتوقف على مدى كفاءة عملية الإصلاح الجارية في معالجة الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي المستمر، والاستجابة للطموحات المشروعة في تحسين الأوضاع المعيشية، وأن تكون للناس كلمتهم المؤثرة في صنع مستقبل بلدهم.


بقلم

فابيان سيدرير

خبير أول في إدارة القطاع العام

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000