سمر المزغني كاتبة تونسية، دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية مرتيْن كأصغر كاتبة في العالم في عام 2000 والأكثر انتاجية في عام 2002. وقد صنفتها مجلة الأعمال العربية كإحدى أهم القادة الشباب في العالم العربي. تعكف سمر حاليا على إتمام دراساتها العليا في بريطانيا.وتعد هذه المشاركة الثانية لسمر في هذه المدونة .
يحتفل الشباب في شتى أركان المعمورة بهذا العام على وجه الخصوص بشكل غير مألوف. وفي اليوم العالمي للشباب، أقف متأملة للأحداث التي تفجرت بأيدي الشباب ومن أجلهم.
ومن المفارقات أن فكرة إقامة يوم عام عالمي للشباب جاءت باقتراح من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي أجبر على التنحي تحت ضغط مطالب وتحركات الشباب. وبصفتي فتاة تونسية تبلغ من العمر اثنين وعشرين عاما وشاركت في أحداث عديدة للشباب داخل تونس وخارجها، اعتقدت بأن العام العالمي للشباب سيمتلئ كعادته بحلقات الدرس والاجتماعات والمؤتمرات، وسيشهد المزيد من الأمثلة على مدى اهتمام الحكومات بقضايا الشباب وتجاوبها معها. وقد توقعت أن أسمع المزيد من القرارات والوعود، وأن أشهد المزيد من احتفالات الشباب وأن أظل متفائلة كما كنت دائما وكما كان يطلب مني أن أكون على الدوام.
لكنني في هذا العام، وعلى النقيض من السنوات السابقة، اعترتني الدهشة؛ فقد حدث شيء مختلف،فحين كان من المتوقع أن يعبر الشباب عن أنفسهم بوسائل بيروقراطية تعالج قضاياهم على نحوٍ منضبط، ويرفعون أصواتهم في بيئة منظمة، كالأنشطة الحكومية، أصيب الناس في مختلف أنحاء العالم بالذهول وبالإعجاب بهذا التعبير المفاجئ والحقيقي عن النفس؛ إذ كانت المظاهرات التي امتدت من شوارع تونس إلى مختلف أنحاء العام العربي أقوى بكثير من كل الاجتماعات الشبابية العالية المستوى التي تم تنظيمها حتى الآن، وأشد أثرا من العام العالمي للشباب أو اليوم العالمي للشباب، وأكثر أهمية من الاحتفالات الشبابية العالمية التقليدية. وبعد كل الوعود بالتغيير والدعوات إلى تمكين الشباب، والخطب العصماء عن الأحلام والمستقبل المشرق، جاء التغيير بالفعل من الشباب الذين استطاعوا تمكين أنفسهم وتحقيق أحلامهم بطريقتهم الخاصة وبوسائل غير تقليدية بعد أن انتظروا طويلا من أجل التغيير الموعود.
والآن - وأنا أعيش في بيرمنغهام بإنجلترا، حيث يعبر المزيد من الشباب عن شعورهم بالغضب والإحباط، وإن كان بطريقة مختلفة - أدركت كم هي عالمية قضايا الشباب: من البطالة والتهميش إلى الفقر والحرمان من المشاركة السياسية. بيد أن العالم ما زال خاضعا لحكم الجيل الأكبر سنا وما زال يحكم بالطرق القديمة وبالرؤى القديمة والوعود القديمة. ومع بزوغ شمس كل يوم، تظهر قصص جديدة لشباب أكثر نجاحا وأكثر تسلحا بالجديد من الأفكار، والمزيد من الأسباب لتمكين أنفسهم، بدلا من مجرد الاحتفال بفكرة العام العالمي للشباب.
أما اليوم العالمي للشباب فلا يعني شيئا بالنسبة لي ولا للشباب في بلدي ومنطقتي، لأننا – في هذا العام - جعلنا من كل يوم احتفالا بتعبير الشباب عن أنفسهم وقوتهم وتحررهم. وفيما يتعلق بكبار السن، فإنني آمل أن يكون هذا اليوم مناسبة لهم للتأمل في "عام الشباب" الجديد، وأن يواجهوا الحقيقة وهي أنه في عالم ما بعد الحداثة، بكل تغيراته وديناميكيته هذه، يمثل كل عام عاما عالميا للشباب ويشكل كل يوم يوما عالميا للشباب.
انضم إلى النقاش