نشر في أصوات عربية

تفسير ضعف التحصيل الدراسي للفتيان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: دروس من السعودية

الصفحة متوفرة باللغة:
??? ???? ???? ?????????. (Rido/Shutterstock.com) صبي يجلس أمام الكمبيوتر. (Rido/Shutterstock.com)

تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكبر فجوة بين الجنسين في فقر التعلم بين المناطق التي تتوفر بيانات عنها.  ويُعرف فقر التعلم بأنه يمثل نسبة الأطفال الذين لا يتمكنون من قراءة وفهم نص يناسب أعمارهم عند بلوغ سن العاشرة.  ويختلف حجم الفجوة بين الفتيان والفتيات من بلد إلى آخر  في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتعتبر المملكة العربية السعودية من بين أكبر بلدان العالم التي لديها فجوة بين الجنسين في مستوى تحصيل الطلاب، حيث تعكس البيانات المتاحة أن أداء الفتيان في المملكة يقل وباستمرار عن أداء الفتيات في مختلف الصفوف والمواد الدراسية. على سبيل المثال، أوردت دراسة الاتجاهات الدولية في الرياضيات والعلوم لعام 2019 أن نسبة 53% من الفتيان بالصف الرابع قد أخفقوا في إنجاز الحد الأدنى من الكفاءة في الرياضيات، مما يعني الافتقار لمعرفة أساسيات الرياضيات من الأعداد الصحيحة والرسوم البيانية ، مقارنة بنسبة 45% من الفتيات. ونجد في الصف الثامن أن نسبة 58% من الفتيان لم يحققوا الحد الأدنى من الكفاءة في الرياضيات مقارنة بنسبة 49% من الفتيات اللائي تَمَكَّنَّ من ذلك.  ولعل هذه الفجوة القائمة في المؤشرات الوطنية للتحصيل التعليمي نجدها أيضاً في مؤشرات التقويم الوطني لمخرجات التعليم في المملكة العربية السعودية والاختبارات الموحدة للقبول بالجامعات.

تستكشف ورقة عمل جديدة جاءت تحت عنوان "ما هي أسباب تدني التحصيل التعليمي للفتيان في المملكة العربية السعودية؟" العوامل التي تسهم في حدوث الفجوة بين الجنسين في التحصيل الطلابي في المملكة مستخدمة بيانات أوردتها دراسة الاتجاهات الدولية في الرياضيات والعلوم لعام 2019 والتقويم الوطني لمخرجات التعليم لعام 2018. ففي الوقت الذي جُمِعت فيه هذه البيانات نجد أن الفتيان والفتيات يحضرون مدارس منفصلة بشكل عام في المملكة ابتداءً من الصف الأول، إذ يتلقون تعليمهم من معلمين ومعلمات على نحوٍ منفصل لكل من الذكور والإناث على التوالي.  وفي عام 2019 أعلنت المملكة العربية السعودية أن الفتيان في الصفوف من الأول حتى الثالث سيخضعون للتدريس من معلمات، وهناك مدارس قليلة للفتيات حالياً تقدم دروساً للفتيان من قِبل معلمات، مع استهداف زيادة هذا العدد.

تشير نتائج هذه الدراسة الجديدة أن البيئة المدرسية، ومهارات القراءة والكتابة والحساب، وغياب الطلاب في المدارس الابتدائية تساهم في حدوث الفجوة الملحوظة في الفوارق بين الجنسين في أداء الطلاب في المملكة العربية السعودية.  فالبيئة التعليمية الآمنة والمنتظمة ترتبط ارتباطاً قوياً بالتحسن في مستوى التحصيل التعليمي بين الفتيان في الرياضيات والعلوم أكثر من ارتباطها بتحصيل الفتيات. وتشير النتائج إلى أنه رغم ارتباط الاستعداد في القراءة والرياضيات بالتحسن في مستوى التحصيل في العلوم بين كل من الفتيان والفتيات، إلا أن الفتيان يستفيدون نسبياً بشكل أكبر من هذا الاستعداد مقارنةً بالفتيات. علاوةً على ذلك، ينخفض أداء الفتيان في الرياضيات بشكل أكبر مقارنة بأداء الفتيات في ظل استمرار الغياب المتكرر للطلاب. أما في المرحلة لمتوسطة، فالعلاقات بين التحصيل الطلابي وثقة الطلاب بأدائهم في العلوم، ومستوى تركيز المدارس على النجاح الأكاديمي، وعمر المعلمين تختلف عند الفتيان مقارنة بوضع الفتيات.

أهمية البيئة المدرسية

تشير نتائج الدراسة بوجهٍ عام إلى أهمية البيئة المدرسية في إدراك أبعاد مسألة ضعف التحصيل الدراسي لدى الفتيان في المملكة العربية السعودية.  ينبغي اتخاذ خطوات فاعلة لبناء بيئة إيجابية في المدارس وداخل الفصول الدراسية والمحافظة عليها حتى يشعر الطلاب بالأمان والتواصل والدافع الإيجابي للتعلم والتفكير، خاصة بين الفتيان الذين ربما يتطلبون مستوىً أعلى من الدعم والتوجيه السلوكي من الكبار للمشاركة الكاملة في العمل المدرسي في السياق الدراسي المنتظم. وعندما يقل هذا الدعم والتوجيه يبدو أن أداء الفتيان يتأخر ويصبح عُرضةً لخطر التدهور بشكل أكبر مقارنةً بأداء الفتيات اللائي يَدْرُسن في بيئة مدرسية مماثلة.   

بيئة التعلم المنزلي

تعتبر البيئة المدرسية الداعمة لها أهميتها المعتبرة في تعلم الفتيان، بيد أن الدعم للتعلم المنزلي يحظى بالأهمية نفسها، ففي الوقت الذي يبدأ فيه الطلاب في الالتحاق بالدراسة،  فإنهم يفعلون ذلك وهم قد شهدوا بالفعل نمواً وتطوراً وتعلماً في المنزل وفي المجتمع أثناء السنوات العديدة التي قضوها قبل التحاقهم بها. وتعكس دراسة الاتجاهات الدولية في الرياضيات والعلوم لعام 2019 أن الفتيان في المملكة العربية السعودية يبدأون الدراسة بمهارات متدنية في القراءة والكتابة والحساب مقارنة بالفتيات. فضلاً عن ذلك، تشير النتائج إلى أن التحصيل التعليمي للفتيان في العلوم يرتبط ارتباطاً قوياً بالمهارات المبكرة في القراءة والكتابة والحساب التي يتحصلون عليها مقارنة بالفتيات. بعبارة أخرى، فإن الفتيان الذين يكونون أقل حظاً في التعلم في عمر مبكر مقارنة بأقرانهم الآخرين يصبحون أكثر تعثراً مع تقدمهم في نظام التعليم ويبدو أنهم أكثر عرضة لخطر التدهور مقارنة بالفتيات اللائي يَبْدَأْن الدراسة بنفس القدر من المهارات الضعيفة. 

الغياب وفقدان وقت الدراسة

يتصف الغياب في المدارس السعودية بالتكرار، حيث إن الطلاب الذين يتغيبون باستمرار دائماً ما يكونون أضعف أداءً على الأقل في مجالين أساسيين من مجالات الدراسة (الرياضيات والعلوم) في كلٍ من المدارس الابتدائية والمتوسطة.  ويشير معدل الغياب بين الطلاب في المملكة العربية السعودية وأثره السلبي على التعلم إلى أن واضعي السياسات في المملكة بحاجة إلى استكشاف ممارسات فاعلة في مجابهة هذه المشكلة وتصميم أُطُر عملية تنسجم مع السياق المحلي لتثني الطلاب عن الغياب من المدارس.


بقلم

محمود السيد

محمود عبده علي السيد، خبير اقتصادي، البنك الدولي

أيدن كلاركن

زميل باحث بمعهد بحوث التعليم في آيرلندا ومستشار في البنك الدولي

فاسيليكي بيتسيا

باحثة بمعهد بحوث التعليم في آيرلندا ومستشارة في البنك الدولي

نيّاف الجابري

المدير العام للبحوث وإدارة البيانات، بهيئة تقويم التعليم والتدريب، المملكة العربية السعودية

خليل الحربي

 مدير إدارة تحليل البينات والبحوث، بهيئة تقويم التعليم والتدريب، المملكة العربية السعودية

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000