خلال مناقشة جرت مع بعض النساء ممن يعملن في قطاع الطاقة لمعرفة المزيد عن تجاربهن في عَمَّان بالأردن، قالت امرأة تدعى "مليكة"، وهي مهندسة كهرباء ورائدة أعمال: "لقد واجهت صعوبة في البحث عن وظيفة. وعلى الرغم من أن لدي سجلاً أكاديمياً قوياً، لم يكن لدي أي خبرة عملية. ولم تكن مؤهلاتي الفنية في مجال الهندسة جيدة حيث لم يكن لدينا أي معدات ليتم تدريبنا عليها في الجامعة. وكوني امرأة لم يسعفني أيضاً في هذا الأمر."
وليست قصة "مليكة" فريدة من نوعها، فلا يزال قطاع الطاقة مجالاً يهيمن عليه الرجال في مختلف أنحاء العالم، ولا يختلف هذا الأمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فالنساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديهن بالفعل معدل مشاركة منخفض بصفة عامة في القوى العاملة، إذ لا تزيد نسبة العاملات أو الساعيات إلى الحصول على عمل عن 20% (أقل من نصف المتوسط العالمي) . وهذا الرقم في قطاع الطاقة أقل من ذلك، على الرغم من أن 50% من خريجات المنطقة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ويظهر تقييمنا الأخير للبنك الدولي بعنوان "نحو خلق وظائف أكثر وأفضل للنساء في مجال الطاقة" أن النساء في العديد من بلدان المنطقة يمثلن أقل من 5% من القوى العاملة في مجال الطاقة، كما يمثلن 10% في المتوسط في المجالات الفنية أو في مجال الإدارة. وفي حالات مثل تونس، حيث تشكل الإناث 27% من القوى العاملة (وفقاً للمسح التتبعي لسوق العمل في تونس 2014)، يظهر المزيد من البحث أن الجميع يعملن في مناصب كتابية أو في خدمات متدنية المهارات، وهو ما يمكن أن يُعزى إلى مجموعة من العوامل مثل الأعراف المقيدة، والحواجز القانونية التي تعزز القوالب النمطية للجنسين، والفصل بين المهن. وعلى الرغم من أن الأرقام تبدو أعلى في مجال الطاقة المتجددة، فإن هناك فروقاً طفيفة فقط. ففي الأردن ومصر، على سبيل المثال، يبلغ الفرق بين النساء في مجال الطاقة المتجددة مقابل قطاع الطاقة الكلي 1% فقط.
ويُكبد استبعاد المرأة الاقتصاد الكلي تكلفة معتبرة، حيث تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معالجة الفجوات بين الجنسين يمكن أن تزيد 20% إلى إجمالي الناتج المحلي للمنطقة، وهو أمر صحي أيضاً لأنشطة الأعمال، فالشركات التي لديها مجالس إدارة متنوعة بين الجنسين أكثر إنتاجية وربحية : فهناك تقارير تشير إلى أن الشركات التي تشغل النساء نسبة 30% من مناصبها القيادية يرجح أن تنجح في القطاعات ذات الصلة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أكثر بكثير من الشركات التي تفتقر إلى تمثيل النساء.
وفي هذا السياق، ينبغي توظيف الوعود بتحقيق المساواة بين الجنسين في القوى العاملة في مجال الطاقة كضرورة ملحة. ومن المرجح أن تؤدي القوى الدافعة إلى التحول في مجال الطاقة وتنمية الطاقة النظيفة في بلدان المنطقة إلى خلق المزيد من أنواع الوظائف المختلفة مع وجود أغلبية في سوق الطاقة المتجددة. وتشير التقديرات إلى أن سوق الطاقة العالمية ستنمو بنسبة 44% بحلول عام 2050 - مع توفير 80% من هذه الوظائف في مجال الطاقة المتجددة مقابل 11% في الوقود الأحفوري، و5% في مجال الطاقة النووية . فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة حديثة للبنك الدولي أنه من السيناريوهات الأدنى إلى الأعلى، سيخلق الأثر من 1.4 مليون إلى 3.8 ملايين فرصة عمل صافية في مصر وحدها خلال الفترة من 2020 إلى 2050.
فما عسانا أن نفعل؟
يبشر "برنامج البنك الدولي للطاقة والمساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" بالتغيير في أسواق العمل في إطار نهج التنمية الخضراء والقادرة على الصمود والشاملة للجميع. ويهدف البرنامج، الذي يستفيد من الشبكات التي تساند النساء في مجال الطاقة في البلدان حول العالم، إلى إطلاق شبكة إقليمية في مجال الطاقة من أجل المرأة - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذا البرنامج في زيادة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي عبر سلسلة القيمة في قطاع الطاقة، وبشكل أكثر تحديداً في الوظائف الانتقالية في مجال الطاقة النظيفة. ويهدف هذا البرنامج إلى تشجيع تحسين أوضاع أماكن العمل في القطاعين الخاص والعام، ومكافحة القوالب النمطية الجنسانية الشائعة عن دور المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإبراز دور المرأة بصورة أكبر في هذا القطاع. وسيقوم البرنامج بعمل ذلك من خلال تنفيذ أنشطة محددة في إطار الركائز التالية: (1) تيسير انتقال المرأة من التعليم إلى العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ (2) النهوض بتوظيف المرأة واستبقاء الموظفات وترقيتهن؛ (3) تشجيع ريادة الأعمال والشمول المالي للمرأة.
لمعرفة المزيد عن مبادرتنا "الشبكة الإقليمية في مجال الطاقة من أجل المرأة - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، يمكنك إعادة مشاهدة فعالية تدشينها التي تمت مؤخراً والتسجيل هنا!
انضم إلى النقاش