الحروب الأهلية ليست مأساة إنسانية للبلدان التي تعاني منها فحسب، ولكن لهيبها يمكن أن يمتد أيضا إلى دول الجوار. هذا هو واقع الحال بالنسبة للحرب الأهلية المدمرة التي تدور رحاها في سوريا - وهي إحدى الحروب الأكثر عنفا في السنوات الأخيرة. لقد تسببت هذه الحرب في دمار واسع ومئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتشريد أكثر من ستة ملايين سوري، وإجبار ثلاثة ملايين آخرين على الفرار من البلاد كلاجئين.
وبالإضافة إلى المآسي الإنسانية، فقد أدى الصراع إلى تعطيل عمل الاقتصاد، وتدمير البنية التحتية، ومنع الأطفال من الذهاب إلى المدارس، وإغلاق المصانع، وردع الاستثمارات والتجارة. كما تجاوزت الآثار الاقتصادية للحرب حدود البلاد.
في تقرير أعددناه مؤخرا (E)، نقوم بدراسة تأثير إحدى القنوات الرئيسية التي تنتقل من خلالها آثار الحرب الأهلية في سوريا إلى دول الجوار. وبحثنا حالة لبنان - البلد المجاور الذي يرتبط بأقوى الصلات مع سورياوالتي تمتلك أطول حدود معه، وتمثل القناة الاقتصادية الرئيسية للبنان إلى العالم الخارجي. وفضلا عن ذلك، ثمة روابط تاريخية واجتماعية وسياسية وطبيعية من شأنها تمتين وتقوية العلاقة بين البلدين.
يكشف تحليل للبيانات المتاحة حتى النصف الثاني من عام 2014 أن للحرب السورية حتى الآن آثارا متباينة على التجارة اللبنانية.
ووجدنا أن الحرب فيما يبدو لم تؤثر إجمالا على صادرات لبنان من السلع أو الخدمات. وفي الوقت نفسه، شهدت الواردات السلعية استقرارا طوال وقت الأزمة. وربما يرجع ذلك إلى زيادة الطلب الناتج عن تدفق اللاجئين، والذي قابله ارتفاع تكاليف المرور عبر سوريا وتراجع الإنتاج السوري. وتشير البيانات أيضا إلى أن حركة التجارة اللبنانية لم تتأثر سلبا على ما يبدو نتيجة للحرب السورية، مقارنة بدول الجوار الأخرى.
ويؤكد التحليل الذي استخدم جميع معاملات التصدير في المنافذ الجمركية هذه النتيجة ( من قاعدة بيانات البنك الدولي الخاصة بحركة المصدّرين (E)). وفي المتوسط، انخفضت صادرات مصدّري السلع المتعاملين مع سوريا قبل الحرب بما يعادل 90 ألف دولار بحلول عام 2012، أي تقريبا ربع متوسط صادراته قبل الأزمة. وفي حين تُعد هذه الآثار كبيرة، فإنها أقل بكثير من آثار الحرب على المصدّرين الأردنيين الذين شهدوا في المتوسط انخفاضا قدره 340 ألف دولار، أو ما يعادل ثلاثة أرباع متوسط صادراتهم إلى سوريا في عام 2010.
غير أن الحرب السورية أتاحت أيضا فرصا للمصدّرين اللبنانيين ليعوضوا الخسارة في الإنتاج السوري في السوق السورية. وبدأت شركات لبنانية كثيرة لم تكن تصدّر إلى السوق السورية في عام 2010 في التصدير إليها بحلول عام 2012. وتشير نتائجنا إلى أن هذا الأثر الإحلالي أو التعويضي (Replacement effect) يبدو كبيرا بدرجة تكفي للتعويض عن الأثر السلبي للحرب على المصدّرين المتعاملين مع سوريا قبل الأزمة، لكنه كان أصغر بكثير بالنسبة للمصدّرين الأردنيين.
ويشير التحليل أيضا إلى أن الحرب قد أثرت بشكل خاص على المصدّرين اللبنانيين الذين يستخدمون سوريا كبلد عبور، وهو أثر لم يكن كبيرا بالنسبة للمصدّرين الأردنيين، مما يؤكد أن سوريا ليست بنفس الأهمية كبلد عبور للأردن كما هو الحال للبنان.
وقدمنا أيضا ثروة من البيانات الأخرى بشأن حجم الخدمات المحلية وبشأن الاستثمارات الأجنبية لتقديم شواهد تفيد أن صادرات الخدمات - التي تُعد أكبر بكثير من صادرات السلع إلى لبنان - يبدو أنها قد خففت من آثار الحرب. وكانت السياحة هي الاستثناء؛ إذ تأثرت سلبا نتيجة لزيادة انعدام الأمن والقيود التي فرضتها العديد من البلدان وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي على السفر إلى لبنان نتيجة لهذه الحرب.
وأخيرا، تبرز تحليلات السلاسل الزمنية باستخدام البيانات الشهرية أن الطلب الناشئ عن اللاجئين السوريين في لبنان قد حفز الصادرات الخدمية للبلاد. وتشير نتائجنا إلى أن من شأن زيادة نسبتها 1% في عدد اللاجئين المسجلين أن تحفز صادرات الخدمات بنسبة 1.6% بعد شهرين.
وستعتمد آفاق التجارة المستقبلية للبنان بدرجة كبيرة على عدد من العوامل التي ترتبط ارتباطا رئيسيا بالحرب السورية وبآثارها غير المباشرة على المنطقة: أوضاع الأمن المحلية، وتطور الحرب في سوريا، واستمرار الحرب في العراق، وقدرة اللاجئين السوريين على الاستمرار على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
ويشير التقرير إلى بعض النتائج المؤقتة على صعيد السياسات، منها ضرورة زيادة الدعم للشركات المتضررة كي تنوع أنشطتها بعيدا عن أسواق الشرق الأوسط؛ ومساندة العمال الذين سرحتهم الشركات المتضررة من الصراع (الذين قد يفاقمون بدورهم خطر الصراع الداخلي في لبنان)؛ والمساعدة في إعداد الترتيبات البديلة للتجارة البرية؛ وتسهيل زيادة إدماج اللاجئين السوريين في الاقتصاد اللبناني.
وبالإضافة إلى المآسي الإنسانية، فقد أدى الصراع إلى تعطيل عمل الاقتصاد، وتدمير البنية التحتية، ومنع الأطفال من الذهاب إلى المدارس، وإغلاق المصانع، وردع الاستثمارات والتجارة. كما تجاوزت الآثار الاقتصادية للحرب حدود البلاد.
في تقرير أعددناه مؤخرا (E)، نقوم بدراسة تأثير إحدى القنوات الرئيسية التي تنتقل من خلالها آثار الحرب الأهلية في سوريا إلى دول الجوار. وبحثنا حالة لبنان - البلد المجاور الذي يرتبط بأقوى الصلات مع سورياوالتي تمتلك أطول حدود معه، وتمثل القناة الاقتصادية الرئيسية للبنان إلى العالم الخارجي. وفضلا عن ذلك، ثمة روابط تاريخية واجتماعية وسياسية وطبيعية من شأنها تمتين وتقوية العلاقة بين البلدين.
يكشف تحليل للبيانات المتاحة حتى النصف الثاني من عام 2014 أن للحرب السورية حتى الآن آثارا متباينة على التجارة اللبنانية.
ووجدنا أن الحرب فيما يبدو لم تؤثر إجمالا على صادرات لبنان من السلع أو الخدمات. وفي الوقت نفسه، شهدت الواردات السلعية استقرارا طوال وقت الأزمة. وربما يرجع ذلك إلى زيادة الطلب الناتج عن تدفق اللاجئين، والذي قابله ارتفاع تكاليف المرور عبر سوريا وتراجع الإنتاج السوري. وتشير البيانات أيضا إلى أن حركة التجارة اللبنانية لم تتأثر سلبا على ما يبدو نتيجة للحرب السورية، مقارنة بدول الجوار الأخرى.
ويؤكد التحليل الذي استخدم جميع معاملات التصدير في المنافذ الجمركية هذه النتيجة ( من قاعدة بيانات البنك الدولي الخاصة بحركة المصدّرين (E)). وفي المتوسط، انخفضت صادرات مصدّري السلع المتعاملين مع سوريا قبل الحرب بما يعادل 90 ألف دولار بحلول عام 2012، أي تقريبا ربع متوسط صادراته قبل الأزمة. وفي حين تُعد هذه الآثار كبيرة، فإنها أقل بكثير من آثار الحرب على المصدّرين الأردنيين الذين شهدوا في المتوسط انخفاضا قدره 340 ألف دولار، أو ما يعادل ثلاثة أرباع متوسط صادراتهم إلى سوريا في عام 2010.
غير أن الحرب السورية أتاحت أيضا فرصا للمصدّرين اللبنانيين ليعوضوا الخسارة في الإنتاج السوري في السوق السورية. وبدأت شركات لبنانية كثيرة لم تكن تصدّر إلى السوق السورية في عام 2010 في التصدير إليها بحلول عام 2012. وتشير نتائجنا إلى أن هذا الأثر الإحلالي أو التعويضي (Replacement effect) يبدو كبيرا بدرجة تكفي للتعويض عن الأثر السلبي للحرب على المصدّرين المتعاملين مع سوريا قبل الأزمة، لكنه كان أصغر بكثير بالنسبة للمصدّرين الأردنيين.
ويشير التحليل أيضا إلى أن الحرب قد أثرت بشكل خاص على المصدّرين اللبنانيين الذين يستخدمون سوريا كبلد عبور، وهو أثر لم يكن كبيرا بالنسبة للمصدّرين الأردنيين، مما يؤكد أن سوريا ليست بنفس الأهمية كبلد عبور للأردن كما هو الحال للبنان.
وقدمنا أيضا ثروة من البيانات الأخرى بشأن حجم الخدمات المحلية وبشأن الاستثمارات الأجنبية لتقديم شواهد تفيد أن صادرات الخدمات - التي تُعد أكبر بكثير من صادرات السلع إلى لبنان - يبدو أنها قد خففت من آثار الحرب. وكانت السياحة هي الاستثناء؛ إذ تأثرت سلبا نتيجة لزيادة انعدام الأمن والقيود التي فرضتها العديد من البلدان وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي على السفر إلى لبنان نتيجة لهذه الحرب.
وأخيرا، تبرز تحليلات السلاسل الزمنية باستخدام البيانات الشهرية أن الطلب الناشئ عن اللاجئين السوريين في لبنان قد حفز الصادرات الخدمية للبلاد. وتشير نتائجنا إلى أن من شأن زيادة نسبتها 1% في عدد اللاجئين المسجلين أن تحفز صادرات الخدمات بنسبة 1.6% بعد شهرين.
وستعتمد آفاق التجارة المستقبلية للبنان بدرجة كبيرة على عدد من العوامل التي ترتبط ارتباطا رئيسيا بالحرب السورية وبآثارها غير المباشرة على المنطقة: أوضاع الأمن المحلية، وتطور الحرب في سوريا، واستمرار الحرب في العراق، وقدرة اللاجئين السوريين على الاستمرار على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
ويشير التقرير إلى بعض النتائج المؤقتة على صعيد السياسات، منها ضرورة زيادة الدعم للشركات المتضررة كي تنوع أنشطتها بعيدا عن أسواق الشرق الأوسط؛ ومساندة العمال الذين سرحتهم الشركات المتضررة من الصراع (الذين قد يفاقمون بدورهم خطر الصراع الداخلي في لبنان)؛ والمساعدة في إعداد الترتيبات البديلة للتجارة البرية؛ وتسهيل زيادة إدماج اللاجئين السوريين في الاقتصاد اللبناني.
انضم إلى النقاش