نشر في أصوات عربية

الأردن الآن: تجربة عشوائية تستهدف تعزيز مشاركة المرأة في قوة العمل

الصفحة متوفرة باللغة:
World Bank يشعر المحللون بالحيرة منذ بعض الوقت لانخفاض معدلات مشاركة المرأة في العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهي أدنى من أي منطقة أخرى من مناطق العالم. وقد تحدد عدد الأسباب المتعارضة التي تتراوح من الإسلام والجغرافيا إلى الثروة في الموارد الطبيعية وطبيعة مؤسسات المنطقة. ومع ذلك فإن المحور الاساسي الذي لم يتم التطرق له حتى الآن هو تحليل القيود أمام الاقتصاد الكلي والتي تعوق انضمام النساء إلى سوق العمل. والأ برز، هو غياب واضح للتحليلات عن المطلوب عمله ريثما يتوفر لنساء المنطقة المزيد من فرص العمل.

في هذا الإطار، يسعى برنامج "الأردن الآن" التجريبي إلى سدّ هذه الثغرات،  وذلك عبر التقييم الدقيق لبطاقات دعم الأجور وبرنامج تدريبي عن المهارات الحياتية يستهدف خريجات الكليات المتوسطة.وفي يوليو/تموز 2010، شاركت 1350 فتاة من ثماني كليات حكومية متوسطة في مختلف أنحاء الأردن، في قرعة منحت الفائزات "بطاقات" لدعم الأجور وفرصة لحضور التدريب.وحصلت الفتيات المشاركات إما على "بطاقة الدعم" أو "الفرصة التدريبية" أو على الكوبون والفرصة معا، فيمالم يحصل بعضهن على أي شيء.وقد تابعنا الفتيات اللاتي شاركن في تلك التجربة العشوائية، بصرف النظر عما حصلت عليه، وذلك من خلال حوارات هاتفية.  

يستعرض تقرير بعنوان "المهارات الحياتية أم النقود؟ ما الذي ينجح في توظيف المرأة بالأردن" هذا المشروع بمزيد من التفصيل ويقدم تحليلا لتأثيراته على عملية التوظيف.أرجو أن تطلع عليه، إذ لن أتطرق إلى النتائج هنا!

وباعتباري من خريجات 2010 أنا أيضا، فقد انضممت إلى هذا المشروع بسياق فريد،و بدأت منذ فترة قصيرة العمل في أول وظيفة في حين أن الكثير من صديقاتي مازلن يبحثن عن عمل.ومن خلال مناقشاتي مع العديد من المشاركات، صدمني في الواقع شيئين:الأول، تحدثت الفتيات اللاتي شاركن في الدورة التدريبية بحماس عنها، حيث وضعنها في ترتيب مرتفع في الاستبيان وقال لي عدد قليل منهن أن المواد التي تعلمنها ساعدتهن على أن "يفهمن بصورة أفضل كيفية التفاعل مع الآخرين" و"الإقبال على الحياة بمزيد من التفاؤل" (هذه العبارات التي استخدمنها)).وبالتالي، فإن التدريب كان له تأثير، وهو ليس التأثير الذي يفكر فيه الاقتصاديون عادة أو يقيسونه.ألكن ما صدمني هو"ثقافة العار" المتجذرة في الأردن، فالمرأة ترفض العمل في أي وظيفة مبيعات حتى لو عرضت عليها بأجرِ أعلى مما هو سائد في السوق، وذلك لأنها لا تُعتبر من الوظائف التي تحظى باحترام كافٍ لخريجات الكليات المتوسطة أو الجامعات.في حين أنه في الولايات المتحدة، عمل الكثير من صديقاتي وزميلات الدراسة في أعمال مؤقتة مثل الخدمة في المطاعم أو كمساعدة إدارية مع العمل في الوقت نفسه في عمل تدريبي غير مدفوع الأجر أو البحث عن وظيفة أفضل بأجر؛ أما في الأردن، فالأغلبية العظمى من الخريجات (والخريجين أيضا) يرفضن العمل في أي مجال يختلف عن تخصص الدراسة.ومثلهم مثل المتدربين على العمل في الولايات المتحدة، يفضل خريجو الكليات المتوسطة الخبرة الوظيفية على الراتبإلا أن الفارق هو أن المتدربين في الأردن قليلو العدد وتتباعد بينهم المسافات، ولذا فإن العرف السائد بين الخريجات هو أنه إما يقبلن بوظيفة في مجال التخصص الدراسي أو يستسلمن كمقابل لتراكم الخبرات في وظائف أقل احتراما.

وساعد مكوّن بطاقات دعم الأجر ببرنامج الأردن الآن على سدّ هذا الفراغ في مجال التدرب الوظيفي: كثير من الخريجات ممن يحملن البطاقات، اتفقن مع شركات على خلق وظائف ما كانت لتتوفر لولا وجود هذه البطاقات.وكما هو الحال في التدريب الوظيفي، فليس بالضرورة أن تستمر الوظيفة للأبد لكنها على الأقل ساعدت الكثيرات على وضع أقدامهن على الطريق.هل نجحنا في تحقيق هدفنا؟يكمن جزء من الإجابة في فهم كيف يفكر الشباب في الأردن ويتصلون بسوق العمل.فبدلا من الحد الأدنى للأجر، يعيش الشباب الأردني على الحد الأدنى لقيمة الوظيفة.والفرصة الضائعة لا تقاس بالدولار أو الدينار، بل تقاس بمدى الاحترام، فالكثيرون يرون أن البقاء في المنزل أكثر احتراما من قبول العمل في وظيفة غير محترمة خارج اختصاص الشاب.ويتعذر تغيير هذه المعتقدات، وهذا الأسلوب في التفكير، مما يؤدي إلى عقبات ملموسة أمام توظيف الشباب في الأردن وخاصة الفتيات منهم.


بقلم

ماتيو جروه

استشاري في القطاع المالي والقطاع الخاص

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000