نشر في أصوات عربية

لبنان: دروس مستفادة من أنظمة توفير الحماية الاجتماعية أثناء جائحة كورونا

الصفحة متوفرة باللغة:
سوق في طرابلس، لبنان. (Shutterstock.com/ bakr alazzawi) سوق في طرابلس، لبنان. (Shutterstock.com/ bakr alazzawi)

تتبع بلدان مختلفة أساليب مختلفة بشأن أنظمة تقديم الحماية الاجتماعية. فبعض البلدان يبدأ بإنشاء سجل اجتماعي، ليكون بمثابة نظلم يدعم جهود التغطية والتواصل، وجمع المعلومات والبيانات من السكان وتسجيلها، فضلاً عن تقييم الاحتياجات والظروف التي تستوجب تقديم المساعدات. فيما تعمد بلدان أخرى بداية إلى إنشاء سجل للمستفيدين ثم تقوم بعد ذلك بدمج النظامين معاً. ويتمثل الخيار الثالث في تبني نهج أكثر ابتكاراً وإنشاء نظام موحد هو نظام معلومات الحماية الاجتماعية، مع تطبيق جميع الوظائف الأساسية لسلسلة تقديم هذه الخدمات (لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على دليل أسس أنظمة تقديم الحماية الاجتماعية ). والحقيقة أنه لا يوجد حل سحري، حيث يشكل السياق الخاص بالبلد المعني والبنية التحتية القائمة عوامل رئيسية يجب أخذها في الاعتبار. وتتمثل الخطوة الأولى في إجراء تقييم شامل لتكنولوجيا المعلومات لفهم ما هو قائم، وبعد ذلك يتم وضع خارطة طريق مناسبة.

ماذا حققت أنظمة تقديم الحماية الاجتماعية أثناء جائحة كورونا؟

من خلال تحليل استجابات بلدان مختلفة لجائحة كورونا تبرز 3 عوامل رئيسية: (1) القدرة على التوسع بوتيرة سريعة، (2) اعتماد طرق تسجيل مبتكرة، و(3) استخدام المدفوعات الرقمية.

1) تمكنت البلدان التي لديها أنظمة متقدمة لتقديم الخدمات من توسيع نطاق تدابير مكافحة فيروس كورونا بوتيرة سريعة وتغطية نسبة كبيرة من سكانها. وقد تلقى حولي1.7 مليار شخص في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تحويلات نقدية ومساعدات اجتماعية لمواجهة الجائحة من خلال ما مجموعه 3800 تدبير وإجراء في 223 اقتصادا. ومن المثير للاهتمام أن أكثر من نصف  هؤلاء المستفيدين كانوا مستفيدين جدد (الشكل 1). 

الشكل 1. نسبة السكان الذين تغطيهم برامج المساعدات الاجتماعية في مواجهة جائحة كورونا حسب المنطقة

الشكل 1. نسبة السكان الذين تغطيهم برامج المساعدات الاجتماعية في مواجهة جائحة كورونا حسب المنطقة

المصدر: إطار أنظمة تقديم الحماية الاجتماعية: الدروس المستفادة من جائحة كورونا

2) وضعت بلدان عديدة تدابير مبتكرة لتحديد وتسجيل مستفيدين جدد، لا سيما من يعملون في القطاع غير الرسمي. وقدمت تركيا والأردن ومصر أمثلة رائعة على ذلك. فقد فتحت بشكل أساسي قناة تسجيل عبر الإنترنت وخففت بعض شروط البرنامج للسماح لملايين الأشخاص بالتسجيل. 

3) كانت المدفوعات الرقمية أحد العوامل الرئيسية التي سمحت بالتوزيع الآمن والسريع لاستحقاقات المساعدات الاجتماعية أثناء الجائحة. وتمكنت البلدان التي استثمرت في البنى التحتية الرقمية، وأنظمة بطاقات الهوية والأوراق الثبوتية الأصلية، وبوابات المدفوعات الرقمية من الحكومة إلى الأفراد (G2P)، وآليات تبادل البيانات في فترة ما قبل الجائحة من الاستجابة بسهولة في مواجهة الجائحة، كما تمكنت من الوصول إلى نسبة كبيرة من سكانها من خارج القطاع الرسمي. ويتناول تقرير البنك الدولي الصادر مؤخراً عن "دور التكنولوجيا الرقمية في الاستجابة وتقديم المساعدة الاجتماعية لمواجهة جائحة كورونا" كيف استفادت الحكومات من البنية التحتية الرقمية القائمة لتوسيع نطاق التدابير المتعلقة بالجائحة.

ماذا فعل لبنان على صعيد نظام تقديم الحماية الاجتماعية؟

تبنى لبنان نهجاً متميزاً حيث شرع في تطوير نظام لتقديم الخدمات وهو في خضم الجائحة. شهد لبنان في الآونة الأخيرة أزمة متعددة الجوانب هي الأكثر تدميراً في تاريخه الحديث، حيث تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمالية في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بسبب التأثير الاقتصادي المزدوج لتفشي جائحة كورونا والانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020. وازداد معدل الفقر أكثر من 3 أضعاف خلال العقد الماضي (الشكل 2).  وفي هذا السياق الهش، أنشأت الحكومة اللبنانية، في إطار المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي / برنامج أمان، الذي يدعمه البنك الدولي، منصة "دعم" وهي سجل اجتماعي للحماية الاجتماعية، وسجلت نصف السكان في غضون شهرين فقط من إطلاقها. وتم تطوير هذا النظام باستخدام تقنيات مفتوحة المصدر بالكامل (بدون التقيد بمشغلين)، وجرى استضافته ضمن مركز البيانات التابع للهيئة الوطنية للاتصالات حيث تتاح معايير TIER 3 الخاصة بتوفير السعة الإضافية وإجراء أعمال التحديث والصيانة مع المرونة دون التأثير على الخدمة، وتم إطلاق لوحة بيانات مباشرة من اليوم الأول لمتابعة إجراءات تقديم الطلبات. 

الشكل 2. اتجاهات الفقر في لبنان The World Bank

المصدر: تقرير تقييم أوضاع الفقر والإنصاف في لبنان 2024 من بيانات مسح الأسر المعيشية

 

بذلت الحكومة جهوداً كبيرة لاستكمال نقل البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً في لبنان(NPTP)  الذي يموله مانحون إلى المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وقد غطى هذا البرنامج 75 ألف أسرة من الأسر فقيرة والأكثر احتياجاً، لكن التمويل المخصص له قد نفذ بحلول يونيو/حزيران 2024. ومع الانتقال إلى المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي، وصل برنامج التحويلات النقدية الرئيسي “أمان” في لبنان إلى 168 ألف أسرة فقيرة تمثل 17% من السكان و50% من الفقراء، وتم تيسير عملية التنفيذ من خلال منصة “دعم” التي تعتبر أول سجل اجتماعي وطني رقمي في لبنان. 

واعتمد السجل الاجتماعي لمنصة "دعم" تدابير قوية للرصد والمتابعة بهدف تحقيق الشفافية. واستعانت الحكومة بجهة خارجية مستقلة للقيام باختبارات منتظمة للأمن السيبراني ومواطن الضعف للاسترشاد بها في تطوير البرمجيات واستضافتها لمنع أي شكل من أشكال الهجمات السيبرانية وتحسين قدرة النظام على صد هذه الهجمات. وبالإضافة إلى ذلك ، يقتصر الوصول إلى المنصة من خلال برمجيات أو أنظمة آلية دون تدخل بشري. وبناء على التقدم المحرز، سيستمر المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي في دعم تطوير السجل الاجتماعي لمنصة "دعم" في إطار نظام معلومات الحماية الاجتماعية للمنصة حسب احتياجات الحكومة (الشكل 3)

 

الشكل 3. تطوير وحدات منصة "دعم" التي تمثل ركائز نظام معلومات الحماية الاجتماعية للمنصة

السجل الاجتماعي لمنصة "دعم" للحماية الاجتماعية

من السجل الاجتماعي لشبكة "دعم" إلى نظام معلومات الحماية الاجتماعية لشبكة "دعم" 

الشكل 3. تطوير وحدات منصة "دعم" التي تمثل ركائز نظام معلومات الحماية الاجتماعية للمنصة

 

ويعتمد نجاح تطوير منصة "دعم" للسجل الاجتماعي، كما هو الحال بالنسبة لأي نظام تقديم خدمات، على 3 عوامل رئيسية: (1) إجراء تقييم شامل لتكنولوجيا المعلومات يتضمن العناصر التي تحقق النجاح في بيئة البلد المعني، (2) اعتماد تصميم واضح وخارطة طريق للتطور، و(3) التزام قوي من جانب الحكومة مع وجود رؤية واضحة للنهوض بتطوير النظام.


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000