المنصة الالكترونية للقاحات المضادة لكوفيد-19 في لبنان تعزز الشفافية والثقة

أدّت الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يشهدها لبنان، إلى جانب حالة القلق في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، إلى تراجع ثقة الناس في قدرة الحكومة على تقديم الخدمات. وأثارت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تحديات إضافية أمام نظام الرعاية الصحية الذي كان في الأساس بدأ يعاني من الضعف. قدّم البنك الدولي الدعم للحكومة في توفير اللقاح المضاد لفيروس كورونا في إطار مشروع تعزيز النظام الصحي في لبنان؛ وقد أثمر هذا الاستثمار خلال العام عن إطلاق حملة التلقيح الوطنية في 14 فبراير/شباط 2021، وهي حملة اتّسمت بالشفافية والإنصاف والكفاءة، وساهمت في الحد من حالات الاستشفاء داخل المستشفيات ومن عدد الوفيات بسبب الفيروس. واعتمدت الحملة على نهج مبتكر لشفافية البيانات يستند إلى رقمنة بيانات التلقيح، مما عزز ثقة الناس في برنامج التلقيح بصورة كبيرة. ويستخدم هذا النهج منصة رقمية هي منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة (IMPACT).

ما هي منصة IMPACT؟

IMPACT منصة حكومية الكترونية يدعمها جهاز التفتيش المركزي في لبنان. بدايةً، تم إنشاء المنصة  بهدف رقمنة عملية التدقيق الحكومي، حيث تزوّد المنصة مفتشي جهاز التفتيش المركزي بالبيانات المتعلقة بإدارات التفتيش الإدارية والمالية والهندسية والتعليمية والصحية والزراعية والبيئية. وبغية دعم استجابة الحكومة للجائحة، تم إضافة وحدات قطاعية على المنصة، بما في ذلك وحدة التلقيح الوطنية. وتقوم هذه الوحدة بتخزين كل البيانات المتعلقة بعملية التلقيح على خوادم مخصصة وفقاً للوائح حماية البيانات وتحت إشراف جهاز التفتيش المركزي، فيما يقتصر حق الوصول إليها على إداريين وموظفين معتمدين في وزارة الصحة.  

وتضم منصة التلقيح الوطنية IMPACT عدة صفحات ووحدات، وهي:

•  وحدة التسجيل، التي تتعرف على المستخدم، تدعم التسجيل الذاتي والتسجيل من خلال المساعدة. وتُستخدم الوحدة نفسها للإبلاغ عن أي آثار جانبية بعد تلقي اللقاح، وكذلك لعرض شهادات التلقيح وطباعتها.
• وحدة التلقيح - لا يتاح الوصول إليها إلا لموظفي مراكز التطعيم- تسمح لمواقع التلقيح بإدخال معلومات عمّن تلقوا اللقاحات، بما في ذلك التقييم السابق لعملية التلقيح، ونوع اللقاح المُستخدم ورقم التعريف المتسلسل الخاص به. كما أنها تصدر شهادات التلقيح الإلكترونية التي يمكن الاطلاع عليها من خلال وحدة التسجيل.
•  صفحة الإدارة - يقتصر الوصول إليها على المسؤولين المعتمدين- تدعم عملية التلقيح من خلال المتابعة الموحدة لمراكز التلقيح وإعداد قائمة يومية بالمرضى الذين سيحصلون على اللقاح.  
• مركز تلقي الإتصالات يساعد في إعادة جدولة المواعيد وإعادة إرسالها وغيرها من العمليات المتعلقة بالتلقيح.

ويتم إنشاء لوحات معلومات إلكترونية من المنصة وإتاحتها للجمهور على موقع البيانات المفتوحة لمنصة IMPACT، ما يتيح لجميع الأطراف المعنية الاطلاع على التقدم الذي تحرزه حملة التلقيح الوطنية بشكل آني. وتعرض لوحات المعلومات العامة بيانات مجمّعة آنياً عن التسجيل والتلقيح، مع تفصيلها وفق خصائص مثل العمر، ونوع الجنس، والمحافظة، والجنسية. وقد ساهمت سهولة الوصول إلى البيانات من خلال لوحات المعلومات هذه في تعزيز شفافية البرنامج، كما لعبت دوراً أساسياً في تعزيز الثقة في حملة التلقيح. وتتّبع منصة IMPACT سياسة للخصوصية ضمن منصة التلقيح الوطنية التابعة لها متوافقة مع القوانين الوطنية، كما اتخذت إجراءات صارمة لضمان أن تظل البيانات آمنة وغير معرضة لتهديدات القرصنة السيبرانية وانتهاكات البيانات والهجمات الضارة بالأجهزة.

التحديات التي تواجه منصة التلقيح الوطنية

لا يزال هناك العديد من التحديات الماثلة أمام تشغيل المنصة. فحتى الآن تم تمويل المنصة من خلال مساهمات المانحين، لكن استمرار توفًر الموارد بما يكفل استدامتها مسألة غير مضمونة. وعلى الرغم من أنه تم معالجة حالات ازدواجية البيانات وبعض الثغرات التي أثًرت في البداية على عمليات التسجيل المسبق وتحديد المواعيد، فإن الطابع المعقًد للمنصة وإضافة سمات جديدة يمكن أن يسبب أخطاء برمجية جديدة سوف يتوجب معالجتها. كما أن القدرة على الاتصال بشبكة الإنترنت لاستخدام المنصة يمكن أن تصعّب الوصول إليها على الفقراء وسكان المناطق النائية ممن يفتقرون لخدمات الإنترنت، ما يعزًز الفجوة الرقمية (وقد تم مؤخراً تجربة نسخة من المنصة غير متصلة بالإنترنت في المناطق النائية).

 الدروس المستفادة من منصة التلقيح ضد كوفيد-19 وفرص تعزيز استخدامها

يتيح نجاح منصة التلقيح ضد كوفيد-19 فرصة لتعزيز ثقافة وطنية من الرقمنة والشفافية وتبادل البيانات ووضع السياسات المستندة إلى الشواهد، بما يتجاوز التصدي لجائحة كورونا. وثمة فرصة في قطاع الصحة لإنشاء مركز بيانات موحّد للربط بين عدة أنظمة للمعلومات من شأنها أن تدعم التغطية الصحية الشاملة، مثل السجلات الطبية الإلكترونية، ونظم مراقبة انتشار الأمراض، والإحالات والإحالات العكسية باستخدام بطاقات الهوية الوطنية كبيانات تعريفية. وإلى جانب قطاع الصحة، يمكن استخدام هذه المنصة، بل ويجري استخدامها، في برامج سكانية أخرى واسعة النطاق. فعلى وجه التحديد، يجري استخدام منصة IMPACT في إطلاق عملية التسجيل على مستوى البلاد للبرنامجين الرئيسيين لشبكة الأمان الاجتماعي في لبنان: المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للإستجابة للأزمة وجائحة كوفيد- 19 في لبنان الممول من البنك الدولي وبرنامج التحويلات النقدية الواسع التغطية اللذان يهدفان لتقديم تحويلات نقدية لأكثر من نصف سكان لبنان.

لكن تحقيق الإمكانات الكاملة للمنصة يتطلب من الحكومة والأطراف المعنية الالتزام بدعمها وتمكينها، لا من خلال تأمين التمويل اللازم لتشغيلها فحسب، بل أيضاً من خلال مناصرة الحوكمة الرشيدة للمنصات الرقمية الصحية، وضمان الامتثال لمبادئ الشفافية والأتمتة وحماية البيانات، ووضع حلول للوصول لسكان المناطق التي تفتقر إلى خدمات الإنترنت، وباستخدام المنصة كمرتكز للإجراءات التدخلية للقطاع الاجتماعي على الصعيد الوطني اللازمة لبناء لبنان الغد.