نشر في أصوات عربية

الكوارث الطبيعية في العالم العربي: خطة اليوم تحمي من عواصف الغد

الصفحة متوفرة باللغة:
الكوارث الطبيعية في العالم العربي: خطة اليوم تحمي من عواصف الغدخلال مؤتمر عقد على هامش اجتماعات الربيع الأخيرة، وهي ملتقى نصف سنوي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية يستضيفه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، استعرض ممثلون على مستوى عال من جيبوتي واليمن والمغرب ما لديهم من برامج لإدارة المخاطر.  بيد أن المخاطر التي كانوا يناقشونها كانت من النوع القاتل، وهي عواقب تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية.وقد أصبحت إدارة مخاطر الكوارث مكونا مهما للسياسات والخطط الوطنية. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدا التداخل بين الكوارث الطبيعية، وآثار تغير المناخ، وندرة المياه، والتوسع الحضري، كتحد خطير أمام واضعي السياسات. ففي حين زاد عدد الكوارث الطبيعية في مختلف أنحاء العالم الضعف تقريبا منذ ثمانينات القرن الماضي، زاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثلاثة أضعافه تقريبا. وخلال السنوات الأخيرة، كانت الفيضانات ونوبات الجفاف مدمرة للمنطقة، ما تسبب في نقص شديد للمياه، وخسائر اقتصادية، وآثار اجتماعية سلبية فضلا عن العديد من الوفيات. والزلازل هي ثاني أكثر الكوارث وقوعا في المنطقة وقد أثرت على حياة الناس ومصادر الرزق.

والنقاط التالية تقدم المزيد من الأدلة على هذا الخطر المتزايد على بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومواطنيها:

- رغم تراجع مخاطر الوفاة الناجمة عن الفيضانات عالميا منذ عام 2000، فإنها مازالت في تزايد مطرد في مناطق كالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.زاد عدد السيول والمتضررين بها أو من يقتلون بسببها الضعف خلال السنوات العشر الماضية.

- زادت نسبة إجمالي الناتج المحلي المعرض للفيضانات ثلاثة أضعافها من العقد 1970-1979 إلى العقد 2000-.2009

- فيجيبوتي، تضرر 120 ألف شخص بموجة الجفاف التي حدثت عام 2011 (50 في المائة منهم في المناطقالريفية).وبين عامي 2008 و2011، تسبب الجفاف في خسائر اقتصادية تعادل 3.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي السنوي لجيبوتي.

- فياليمن، قدرت الخسائر الناجمة عن الفيضانات التي ضربت حضرموت والمهرة عام 2008 بنحو 1.6 مليار دولار، أي ما يعادل 6 في المائة من إجمالي الناتجالمحلي للبلاد

التركيز على الأسلوب الاستباقي بإدارة المخاطر يسهم في مكافحة الفقر ودعم النمو، وهما اثنان من الأهداف الرئيسية للبنك الدولي.وخلال ثلاثين عاما من 1980 إلى 2010، وعلى الرغم من تباين مستوياتالتنمية، تركزت 81 في المائة من الكوارث التي وقعت في الشرق الأوسط وشمالأفريقيا في 6 دول هي الجزائر وجيبوتي ومصر وإيران والمغرب واليمن.ومعهذا، وفي كل هذه البلاد، فإن الفئات الأفقر من السكان هي الأكثر تضررانظرا لندرة الموارد اللازمة للتكيف، فضلا عن أنها في أغلب الحالات تعيش فيمناطق أكثر تعرضا للكوارث (أي في مناطق عشوائية على أطراف المدن).

ويزيد التوسع الحضري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تعرض الناس والأصول الاقتصادية للكوارث.ويشكل سكان الحضر بالفعل نحو 62 في المائة من إجمالي عدد السكان ويتوقع أن يزيد هذا العدد الضعف خلال العقود الثلاثة القادمة.وتأثير التوسع الحضري مهم بشكل خاص في المناطق الساحلية بالمنطقة حيث توجد أكبر المدن والاقتصادات.واليوم، يعيش قرابة 60 مليون شخص (نحو 17 في المائة من إجمالي عدد سكان المنطقة) في المناطق الساحلية للمنطقة.لكن لنكن واضحين، فالمسألة ليست التوسع الحضري في حد ذاته.بل إن المسألة هي الطريقة التي يتم بها التعامل مع عملية التوسع الحضري.فالنموالسريع للمناطق العشوائية (وهو يتراوح في حالة جيبوتي-فيل، عاصمةجيبوتي، وصنعاء، عاصمة اليمن بين 25 و50 في المائة من إجمالي سكانالمدينة) يؤدي إلى تعريض الفقراء للمزيد من مخاطر الفيضاناتوالإجهاد المائي في مناطق الحضر.ويزيدهذا من التأكيد على حاجة واضعي القرارات إلى التركيز على التنميةالمستدامة للمدن وعلى قدرة الحكومات المحلية على الاستعداد للكوارث والتصديلها.

وعلىالمستوى المحلي، فإن رؤساء المدن ليسوا هم الوحيدين الذين يضطلعون بأدواررئيسية. فمنظمات المجتمع المدني يمكنها أيضا أن تساهم بقدر كبير في بناءالقدرة المحلية على المرونة.ورغمأن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال من بين أكثر مناطق العالممركزية، مع أدنى مستوى من الإنفاق للحكومات المحلية، فإن العديد من البلدانفي المنطقة تمضي قدما نحو نقل المزيد من السلطات للمستويات الحكومية الأدنى.ويصدق هذا بشكل خاص على المغرب وتونس واليمن.هذاالتحول يمثل فرصة لتقوية المدن، ومساعدتها على المزيد من المرونة أمامالمخاطر الطبيعية وتعزيز قدرتها على إدارة التنمية، ومن ثم دعم أجندة إدارة مخاطر الكوارث.

ومنذ عام 2007، وبدعم من الصندوقالعالميللحدمنالكوارثوالتعافيمنآثارها، تم إطلاق مجموعة من البرامج على المستوى القطري في جيبوتي والمغرب واليمن لزيادة مرونتها على مواجهة الكوارث. هذه البرامج تشمل أنشطة تهدف إلى تيسير سبل الحصول على المعلومات المتعلقة بمخاطر الكوارث، وتطوير مناخ السياسات للحد من المخاطر، وبناء القدرات في مجال الحد من الكوارث من خلال التدريب على المستويات الوطنية والمحلية، وتحقيق التعافي فيما بعد الكوارث بقيادة الدولة، وبرامج إعادة الإعمار.  وفي الجزائر وجيبوتي والأردن والسعودية ولبنان والمغرب واليمن، تم استكمال تقييمات مخاطر الكوارث التي يمولها المانحون، أو مازال يجري استكمالها. وقد أطلقت مشاريع التعافي من الفيضانات في جيبوتي واليمن، وتم تشكيل لجان توجيه وزارية حول إدارة مخاطر الكوارث في الجزائر وجيبوتي والمغرب واليمن.

وفي الوقت الذي يتشكل فيه مستوى معين من قوة الدفع حول إدارة مخاطر الكوارث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنه لم يكن يضاهيها التوجهات المتكاملة المطلوبة لإدارة المخاطر بشكل فعال. ونظرا لتعرض المنطقة بدرجة متزايدة للمخاطر الطبيعية، فثمة تحديات كبيرة تواجه الحد من الكوارث. ومع هذا، فإن البناء المنهجي للوعي وقدرة المؤسسات على المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية يمكن أن يساعد من تقليص هذه المخاطر إلى أقل مستوى.ويستوجب ذلك اتخاذ خطوات فورية وبنوع من التعاون.وسيساهم التخطيط الجيد للتنمية، والمستنير بتحليل المخاطر، بدرجة كبيرة في ضمان استدامة التنمية بالتزامن مع خدمة الناس وموارد رزقهم.  إذن لنفعل هذا الآن: فإدارة مخاطر الكوارث لا يمكن أن تنتظر.


بقلم

فرانك بوسكيه

مدير البرامج الإقليمية والشراكات والحلول المتكاملة

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000