الاستثمار في رأس المال البشري، خاصةً من خلال التعليم، كان على الدوام عنصرا هاما من عناصر التنمية الوطنية في تونس. وتستكشف هذه السلسلة من التدوينات، "التعليم في تونس"، الدور الذي يمكن أن يؤديه التعليم في خلق الفرص وتعزيز النمو المستدام والشامل، وما يواجهه نظام التعليم من تحديات في تحقيق هذه الأهداف، وبعض الحلول الممكنة.
إنه ذلك الوقت من العام مرة أخرى. في غضون بضعة أيام، سيتوجه أكثر من مليوني طالب تونسي في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية عائدين إلى المدارس. وسيحذو حذوهم مئات الملايين من الأطفال في بلدان الشمال الذين يعودون إلى المدارس كل عام بين أواخر أغسطس/آب وأوائل سبتمبر/أيلول. وهذه بالتأكيد مناسبة تدعو إلى الاحتفال! ومع ذلك، ورغم الخطوات الكبيرة التي تحققت على مدى العقد الماضي، تشير البيانات الواردة من معهد اليونسكو للإحصاء في يونيو/حزيران 2016 إلى أن ما يقرب من 263 مليون طفل وشاب من جميع أنحاء العالم غير ملتحقين بالمدارس. وهذا يعادل ربع سكان أوروبا! ويشمل هذا العدد الكلي 61 مليون طفل في سن الالتحاق بالمدارس الابتدائية، و 60 مليون طفل في سن الالتحاق بالمدارس الإعدادية، وقد تمكنت اليونسكو، للمرة الأولى، من تقدير عدد الشباب غير الملتحقين بالمدارس في سن الدراسة الثانوية بنحو 142 مليونا. ويعيش معظم الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس في أفريقيا جنوب الصحراء. ورغم ما تحقق من تقدم كبير، فإن عدد الفتيات اللواتي لم يلتحقن بالمدارس أكثر من عدد الفتيان، كما أن النزاعات تشكل عقبة رئيسية أمام الذهاب إلى المدارس. ورغم أن تونس تتمتع منذ عدة سنوات بمعدلات تقترب من 100% للالتحاق بالمدارس الابتدائية، فإن نحو 120 ألف طفل وشاب تتراوح أعمارهم بين 5 و 14 عاما في تونس لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2012/2013. واليوم، فإن احتمال تسرب الطلاب من المدارس الثانوية كبير جدا. ما الذي ينبغي عمله لمعالجة هذه المسألة؟ تشمل التدابير المقترحة تحسين تدريب الطلاب وتوجيههم، وتوفير الدعم الأكاديمي، وضمان زيادة فرص حصول الموظفين على التدريب، وإعطاء السلطات المحلية صلاحيات أكبر لصنع القرار، وتعزيز مساءلة الأطراف المعنية.
ورغم أن القانون لا يشترط ذلك، فإن أعدادا كبيرة جدا من التونسيين سيبدأون لأول مرة في الالتحاق برياض الأطفال من سن الخامسة. وفي هذا الصدد، تعكس تونس الاتجاه العالمي الذي يستهدف توفير فرص التعليم للجميع في رياض الأطفال من سن الثالثة. وقد وضعت بلدان عديدة أهدافا طموحة، منها البرازيل، التي سعت إلى توفير التعليم قبل الابتدائي أو رياض الأطفال لجميع الفتيات في سن الثالثة والرابعة ابتداء من عام 2016 (90.5% في عام 2015). وفي تونس، لا يزال عدد الأطفال دون سن الخامسة من العمر الملتحقين بمدارس رياض الأطفال منخفضا للغاية، ويتم تقديم الخدمات التعليمية على هذا المستوى بشكل رئيسي من قبل القطاع الخاص والمنظمات الخاصة. وعلى النقيض من ذلك، ازداد معدل الالتحاق بمدارس رياض الأطفال لمن هم في سن الخامسة في السنوات الأخيرة. وأظهرت الدراسة الاستقصائية العنقودية متعددة المؤشرات التي أجرتها اليونيسف في عام 2013 بمساندة وزارة التنمية والتعاون الدولي أن 79.5% من الأطفال في المتوسط في السنة الأولى من التعليم الابتدائي كانوا قد التحقوا برياض الأطفال في السنة السابقة . إلا أن هذا الرقم يخفي تفاوتات كبيرة، حيث إن عددا أقل من الأطفال في المناطق الريفية (62.6%) مقابل الأطفال في مناطق الحضر (90.1%) قد سجلوا للالتحاق برياض الأطفال، بفارق 30 نقطة مئوية. كما أن الفوارق بين المحافظات أكثر وضوحا، حيث كانت هناك فوارق كبيرة تراوحت بين 97.7% لأطفال المدارس الابتدائية في السنة الأولى الذين أكملوا سنة واحدة من رياض الأطفال في جنوب شرق البلاد، و 34.3% في القيروان و 37.8% في ولاية القصرين. وفي ضوء الأرقام سالفة الذكر، يجب على تونس أن تواصل جهودها لضمان تكافؤ الفرص والوصول المنصف لرياض الأطفال للجميع، مع الاستثمار في الجودة على جميع مستويات النظام التعليمي.
ماذا عن جودة التعليم وكيفية قياسها؟ تقوم بلدان عديدة بإجراء تحليلات وطنية لنتائج الطلاب و/أو المشاركة في تقييمات دولية مثل برنامج التقييم الدولي للطلاب الخاص بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، أو (دراسة الاتجاهات الدولية في العلوم والرياضيات) التي تنظمها (الرابطة الدولية لتقييم التحصيل العلمي).
ماذا تقول لنا نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب في تونس لعام 2015؟ نتائج تعلم الطالب في تونس منخفضة، وقد حدث تراجع مؤخرا في الدرجات. وعلى الرغم من تحقيق مكاسب في مؤشرات تضم عشر نقاط (الشكل 1) بين عامي 2003 و 2012، فقد انخفض متوسط الدرجات في العلوم والرياضيات والقراءة بين عامي 2012 و 2015. وانخفض متوسط درجات القراءة على وجه الخصوص بأكثر من 40 نقطة مئوية في عام 2015 مقارنة بالدرجات في عام 2012. وبصفة عامة، تقلصت الفجوة بين الجنسين في نتائج التعلم منذ عام 2003. وانخفضت الفروق بين الأولاد والبنات في العلوم والرياضيات بنسبة 3 و 6 نقاط مئوية على التوالي في عام 2015. ومع ذلك، لا تزال الفتيات يتفوقن على الأولاد في القراءة بنسبة 25 نقطة مئوية. ماذا توضح المقارنة بين نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب في تونس وبين نتائج الدول المشاركة الأخرى؟ متوسط الدرجات في العلوم في تونس أقل منها في البلدان التي لديها نفس نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. ويختلف متوسط الدرجات من منطقة إلى أخرى، كما يختلف اختلافا كبيرا في المناطق الحضرية والريفية. وفي تونس، أفادت 63% من المدارس بأن تغيب المعلمين يعرقل تعلم الطلاب، مقارنة بنسبة 16% فقط في البلدان الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وتعاني تونس من نقص حاد في الموارد التعليمية فيما يتعلق بالعاملين من هيئة التدريس ومن غير هيئة التدريس، والمواد التعليمية، والبنية الأساسية المادية في المدارس، على سبيل المثال. ومقارنة بالبلدان الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، فإن الاستقلال الذاتي للمدارس التونسية أقل في العديد من المجالات.
الشكل 1. متوسط درجات برنامج التقييم الدولي للطلاب، حسب المواد، 2003-2015
بصرف النظر عن الابتسامات والآمال، وأحيانا، قلق الأطفال وأولياء الأمور والعاملين، يوفر بدء السنة الدراسية الجديدة فرصة متوقعة للمسؤولين في وزارات التربية والتعليم للإعلان عن مبادرات جديدة. هل ينبغي تنظيم السنة الدراسية بطريقة مختلفة، أم هل ينبغي تغيير الجدول؟ هل يجب إضافة وظائف جديدة؟ هل ينبغي توفير المزيد من الموارد لمناطق التعليم ذات الأولوية؟ هذه فرصة خاصة، لأن الجميع يركزون على العام الدراسي الجديد. تدابير جديدة، أم عكس التغييرات التي أدخلتها الفرق السابقة، أم مجرد المزيد من الأقوال؟ ما الذي سيحققه العام الدراسي 2017 في تونس؟
إنه ذلك الوقت من العام مرة أخرى. في غضون بضعة أيام، سيتوجه أكثر من مليوني طالب تونسي في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية عائدين إلى المدارس. وسيحذو حذوهم مئات الملايين من الأطفال في بلدان الشمال الذين يعودون إلى المدارس كل عام بين أواخر أغسطس/آب وأوائل سبتمبر/أيلول. وهذه بالتأكيد مناسبة تدعو إلى الاحتفال! ومع ذلك، ورغم الخطوات الكبيرة التي تحققت على مدى العقد الماضي، تشير البيانات الواردة من معهد اليونسكو للإحصاء في يونيو/حزيران 2016 إلى أن ما يقرب من 263 مليون طفل وشاب من جميع أنحاء العالم غير ملتحقين بالمدارس. وهذا يعادل ربع سكان أوروبا! ويشمل هذا العدد الكلي 61 مليون طفل في سن الالتحاق بالمدارس الابتدائية، و 60 مليون طفل في سن الالتحاق بالمدارس الإعدادية، وقد تمكنت اليونسكو، للمرة الأولى، من تقدير عدد الشباب غير الملتحقين بالمدارس في سن الدراسة الثانوية بنحو 142 مليونا. ويعيش معظم الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس في أفريقيا جنوب الصحراء. ورغم ما تحقق من تقدم كبير، فإن عدد الفتيات اللواتي لم يلتحقن بالمدارس أكثر من عدد الفتيان، كما أن النزاعات تشكل عقبة رئيسية أمام الذهاب إلى المدارس. ورغم أن تونس تتمتع منذ عدة سنوات بمعدلات تقترب من 100% للالتحاق بالمدارس الابتدائية، فإن نحو 120 ألف طفل وشاب تتراوح أعمارهم بين 5 و 14 عاما في تونس لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2012/2013. واليوم، فإن احتمال تسرب الطلاب من المدارس الثانوية كبير جدا. ما الذي ينبغي عمله لمعالجة هذه المسألة؟ تشمل التدابير المقترحة تحسين تدريب الطلاب وتوجيههم، وتوفير الدعم الأكاديمي، وضمان زيادة فرص حصول الموظفين على التدريب، وإعطاء السلطات المحلية صلاحيات أكبر لصنع القرار، وتعزيز مساءلة الأطراف المعنية.
ورغم أن القانون لا يشترط ذلك، فإن أعدادا كبيرة جدا من التونسيين سيبدأون لأول مرة في الالتحاق برياض الأطفال من سن الخامسة. وفي هذا الصدد، تعكس تونس الاتجاه العالمي الذي يستهدف توفير فرص التعليم للجميع في رياض الأطفال من سن الثالثة. وقد وضعت بلدان عديدة أهدافا طموحة، منها البرازيل، التي سعت إلى توفير التعليم قبل الابتدائي أو رياض الأطفال لجميع الفتيات في سن الثالثة والرابعة ابتداء من عام 2016 (90.5% في عام 2015). وفي تونس، لا يزال عدد الأطفال دون سن الخامسة من العمر الملتحقين بمدارس رياض الأطفال منخفضا للغاية، ويتم تقديم الخدمات التعليمية على هذا المستوى بشكل رئيسي من قبل القطاع الخاص والمنظمات الخاصة. وعلى النقيض من ذلك، ازداد معدل الالتحاق بمدارس رياض الأطفال لمن هم في سن الخامسة في السنوات الأخيرة. وأظهرت الدراسة الاستقصائية العنقودية متعددة المؤشرات التي أجرتها اليونيسف في عام 2013 بمساندة وزارة التنمية والتعاون الدولي أن 79.5% من الأطفال في المتوسط في السنة الأولى من التعليم الابتدائي كانوا قد التحقوا برياض الأطفال في السنة السابقة . إلا أن هذا الرقم يخفي تفاوتات كبيرة، حيث إن عددا أقل من الأطفال في المناطق الريفية (62.6%) مقابل الأطفال في مناطق الحضر (90.1%) قد سجلوا للالتحاق برياض الأطفال، بفارق 30 نقطة مئوية. كما أن الفوارق بين المحافظات أكثر وضوحا، حيث كانت هناك فوارق كبيرة تراوحت بين 97.7% لأطفال المدارس الابتدائية في السنة الأولى الذين أكملوا سنة واحدة من رياض الأطفال في جنوب شرق البلاد، و 34.3% في القيروان و 37.8% في ولاية القصرين. وفي ضوء الأرقام سالفة الذكر، يجب على تونس أن تواصل جهودها لضمان تكافؤ الفرص والوصول المنصف لرياض الأطفال للجميع، مع الاستثمار في الجودة على جميع مستويات النظام التعليمي.
ماذا عن جودة التعليم وكيفية قياسها؟ تقوم بلدان عديدة بإجراء تحليلات وطنية لنتائج الطلاب و/أو المشاركة في تقييمات دولية مثل برنامج التقييم الدولي للطلاب الخاص بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، أو (دراسة الاتجاهات الدولية في العلوم والرياضيات) التي تنظمها (الرابطة الدولية لتقييم التحصيل العلمي).
ماذا تقول لنا نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب في تونس لعام 2015؟ نتائج تعلم الطالب في تونس منخفضة، وقد حدث تراجع مؤخرا في الدرجات. وعلى الرغم من تحقيق مكاسب في مؤشرات تضم عشر نقاط (الشكل 1) بين عامي 2003 و 2012، فقد انخفض متوسط الدرجات في العلوم والرياضيات والقراءة بين عامي 2012 و 2015. وانخفض متوسط درجات القراءة على وجه الخصوص بأكثر من 40 نقطة مئوية في عام 2015 مقارنة بالدرجات في عام 2012. وبصفة عامة، تقلصت الفجوة بين الجنسين في نتائج التعلم منذ عام 2003. وانخفضت الفروق بين الأولاد والبنات في العلوم والرياضيات بنسبة 3 و 6 نقاط مئوية على التوالي في عام 2015. ومع ذلك، لا تزال الفتيات يتفوقن على الأولاد في القراءة بنسبة 25 نقطة مئوية. ماذا توضح المقارنة بين نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب في تونس وبين نتائج الدول المشاركة الأخرى؟ متوسط الدرجات في العلوم في تونس أقل منها في البلدان التي لديها نفس نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. ويختلف متوسط الدرجات من منطقة إلى أخرى، كما يختلف اختلافا كبيرا في المناطق الحضرية والريفية. وفي تونس، أفادت 63% من المدارس بأن تغيب المعلمين يعرقل تعلم الطلاب، مقارنة بنسبة 16% فقط في البلدان الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وتعاني تونس من نقص حاد في الموارد التعليمية فيما يتعلق بالعاملين من هيئة التدريس ومن غير هيئة التدريس، والمواد التعليمية، والبنية الأساسية المادية في المدارس، على سبيل المثال. ومقارنة بالبلدان الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، فإن الاستقلال الذاتي للمدارس التونسية أقل في العديد من المجالات.
الشكل 1. متوسط درجات برنامج التقييم الدولي للطلاب، حسب المواد، 2003-2015
بصرف النظر عن الابتسامات والآمال، وأحيانا، قلق الأطفال وأولياء الأمور والعاملين، يوفر بدء السنة الدراسية الجديدة فرصة متوقعة للمسؤولين في وزارات التربية والتعليم للإعلان عن مبادرات جديدة. هل ينبغي تنظيم السنة الدراسية بطريقة مختلفة، أم هل ينبغي تغيير الجدول؟ هل يجب إضافة وظائف جديدة؟ هل ينبغي توفير المزيد من الموارد لمناطق التعليم ذات الأولوية؟ هذه فرصة خاصة، لأن الجميع يركزون على العام الدراسي الجديد. تدابير جديدة، أم عكس التغييرات التي أدخلتها الفرق السابقة، أم مجرد المزيد من الأقوال؟ ما الذي سيحققه العام الدراسي 2017 في تونس؟
انضم إلى النقاش