نشر في أصوات عربية

التلاميذ الفلسطينيون بمدارس الأونروا يتفوقون على أقرانهم

الصفحة متوفرة باللغة:

 

هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
Image يتفوق التلاميذ الفلسطينيون اللاجئون بشكل مستمر ومطرد على أقرانهم بالمدارس الحكومية بهامش يعادل أكثر من حصيلة عام إضافي من التعلم. فكيف يتسنى لشريحة محرومة أن تحافظ على هذا المستوى المرتفع من التحصيل العلمي؟ ثمة عامل مهم في شرح هذه النتيجة يتمثل في مفهوم الصمود الذي ينشأ مع وجود معوقات.القدرة على  الصمود بالإضافة الى إستغلال الخدمات المتاحة عاملان يساعدان التلاميذ في التغلب على المعوقات.

 

تتولى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين  (الأونروا) مسؤولية تعليم اللاجئين الفلسطينيين. وتحقق مدارس الأونروا نتائج أعلى من المتوسط في التقييمات الدولية بالرغم من الظروف الصعبة والخطرة المحيطة بها.

ونحن نبرز كيف يمكن لنهج الصمود -الذي يتضمن ممارسات فعالة داخل الفصل الدراسي من جانب المعلمين، وقيادة مدرسية قوية، وتقييمات، والمشاركة في المسؤولية والمساءلة عن التعلم-أن يدعم القدرة على التأقلم  والأداء في ظروف خطرة. وتصف دراسة جديدة لمجموعة البنك الدولي بعنوان التعلم في مواجهة المعوقات: برنامج الأونروا لتعليم اللاجئين الفلسطينيين النتائج التي تم التوصل إليها في إطار نهج يمزج بين مختلف الأساليب.

ويستفيد النظام التعليمي للأونروا، وهو أحد أكبر الأنظمة التعليمية غير الحكومية في الشرق الأوسط ويستقبل 500 ألف تلميذ من اللاجئين كل سنة، من الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي لخلق ثقافة التعلم التي تدرك البيئة المعرضة للأخطار التي يعيش فيها الأطفال، وتشجع التعاون وتضافر الجهود فيما بين المدرسة والمعلم وأولياء الأمور والمجتمع بحيث يركز الجميع على التحصيل العلمي للتلميذ ورفاهته. وتدير الأونروا قرابة 700 مدرسة، ويبلغ عدد العاملين بها 17 ألف شخص، وينتظم بها أكثر من 500 ألف تلميذ من اللاجئين كل عام، وتعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا. ويركز هذا التقرير على ثلاث مناطق هي: الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن.

وقد عملت مدارس الأونروا على تهيئة مجتمع تعليمي متميز يتمحور حول التلميذ نفسه. ويتسم أداء طلاب الأونروا بالتفوق، وذلك على الرغم من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السلبية التي يعانون منها ومستوى تعليم أولياء أمورهم، لكن ثقة الطلاب في أنفسهم ومساندة أولياء الأمور ومشاركتهم في الأنشطة المدرسية تعوض ذلك.

وتتمثل النتائج الرئيسية لهذه الدراسة فيما يلي:

  1. تقوم الأونروا باختيار وإعداد ومساندة القائمين على العملية التعليمية بغية تحقيق نواتج تعلم مرتفعة. وتستقطب كليات معلمي الأونروا أفضل خريجي المدارس الثانوية كي يلتحقوا مجاناً مع ضمان التوظيف عند الانتهاء من الدراسة. وهناك معايير واضحة فيما يتعلق بما ينبغي للتلاميذ أن يعرفوه، وهم يتلقون إرشادات بشأن كيفية تحقيق هذه النواتج. وتشترط الأونروا أيضاً خبرة عملية في الفصول الدراسية (تدرج في المناهج في كليات المعلمين الخاصة بها)، وبرنامج تدريب إلزامي مكثف لمدة سنتين يركز على التدريس في الفصل بعد تعيين هؤلاء المعلمين.
  2. ارتفاع مقدار ما يُقضى من وقت في العمل بمدارس الأونروا، والاستفادة من هذا الوقت بفعالية. لا تختلف كثيراً نسبة ما يتم قضاؤه من وقت على أنشطة التدريس في مدارس الأونروا عنها بالأنظمة الناجحة في البلدان المتقدمة. وتستفيد مدارس الأونروا فيما يبدو من هذا الوقت في إشراك التلاميذ من خلال أنشطة جماعية خاضعة لقيادة موثوق بها، ونقاشات، وواجبات ومهام، تشجع كلها على تعظيم مشاركة التلاميذ. ففي الضفة الغربية وغزة، على سبيل المثال، يُكرس 90 في المائة من وقت عمل المعلمين للتدريس، في مقابل أقل من 60 في المائة بالمدارس الحكومية.
  3. الطبقات الإدارية في مدارس الأونروا أقل، مع وجود نظام متميز للتقييم والمساءلة. ومع أن أنظمة التقييم بالمدارس الحكومية ومدارس الأونروا تشترك في احتوائها على ملاحظة سير العمل بالفصول وتشتمل على معايير أخرى، فإن تقييمات الأونروا تعتبر أكثر صرامة وتكراراً. ويُعد التطور المهني وتقييمات الأداء من المتطلبات اللازمة للاستمرار في مهنة التعليم بنظام الأونروا، مع وجود حوافز على جودة الأداء وعقوبات على سوء الأداء.
  4. مدارس الأونروا جزء من مجتمع وثقافة تعلم أوسع تساند الطفل وتضمن نفع ما يتلقاه من علوم وارتباطه بأرض الواقع وسوق العمل. فالإحساس بالمجتمع المحلي وروح الجماعة يبدو أكثر قوة بسبب الحقيقة المتمثلة في أن معلمي الأونروا يأتون من بين نفس السكان المهددين بالخطر، وأنهم كالتلاميذ تماماً جزء من نفس المجتمعات المحلية، وأنهم أنفسهم تخرجوا عبر النظام التعليمي للأونروا. وبمشاركتهم هذه الأوضاع المعيشية الصعبة، يشكل المعلمون قدوة لتلاميذهم، ولا يعطونهم الإرشادات الدراسية فحسب ولكن أيضاً المساندة الوجدانية والاجتماعية.


وينطبق نهج الصمود الموثق في حالة اللاجئين الفلسطينيين على أنظمة مدرسية أخرى. ويمكن لأي نظام أن يستفيد من نموذج الأونروا من أجل خلق مجتمع وثقافة تعليمية تدرك الأوضاع السلبية التي تواجه الجماعات المستضعفة وتشجع على التعاون فيما بين المدرسة، والمدرس، والأبوين، والمجتمع المحلي، بحيث يركز الجميع على إنجازات التلميذ ورفاهته.

وهذا لا يعني إنه ليس هناك مجال للتحسن. وباعتبار أن الصمود في مواجهة التحديات عملية مستمرة، عندئذٍ يمكن فعل ما هو أكثر من ذلك. ولا يعني تبني نهج الصمود ترك السكان المعرضين لمخاطر وحيدين دون مساعدة، ولكن توفير الموارد التي يحتاجونها والتي تتوافق مع هذه العملية.

والأنظمة المدرسية بحاجة إلى رصد وتشجيع المقومات والفرص التي تساند الطلاب على التغلب على المعوقات التي يواجهونها، وحمايتهم من الأضرار التي قد تلحق بهم، ومساعدتهم على تحقيق النتائج التعليمية المرجوة. وحتى في السياقات سريعة التغير، يُعد تقييم تلك المقومات والفرص أمراً بالغ الأهمية لفهم أسباب تحقيق النتائج وكيفية مساندة هذه العملية.

تابعوا هاري باترينوس على مدونة التعليم من أجل التنمية العالمية و@hpatrinos


بقلم

هاري باترينوس

مدير ممارسة التعليم بالبنك الدولي

جويل رييس

كبير أخصائي تطوير مؤسسي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000