نشر في أصوات عربية

الشراكات بين القطاعين العام والخاص: تشجيع المساواة بين الجنسين ومنع العنف ضد المرأة في مصر

الصفحة متوفرة باللغة:
Image
 © وزارة القوى العاملة، مصر 

التحدي
غالباً ما يُنظر إلى العمل كأحد أهم عوامل تمكين المرأة، ولاكنه حتماً لا يعمل تلقائياً على تحسين وضع المرأة وخفض معدلات العنف الذي تتعرض له. في الحقيقة ، قد يؤدي التمكين الاقتصادي للمرأة  إلى الترويج للعنف ضدها بشكل غير مقصود، ويحدث هذا غالباً في بيئاتٍ ينتشر فيها الإحجام عن التصدي لأعرافٍ تؤيد عنف الرجل ضد المرأة.  على سبيل المثال، عندما يكون العمل عاملا رئيسيا في إبراز الرجولة، فإن المرأة العاملة قد تواجه المزيد من مخاطر العنف المنزلي. وأشارت الأبحاث إلى أن البرامج المستندة إلى مؤسسات ترمي إلى تشجيع المساواة بين الجنسين في مكان العمل والتي لا تلتفت إلى تغيير ثقافة العمل يمكن أن تثير رد فعل عكسي من قبل الموظفين، مما يتسبب في خلق مناخ معاد للمرأة العاملة، وتدني تقييم أدائها المهني من قبل زملائها ورؤسائها من الذكور، مما يعوق في النهاية فرص ترقيتها.
وتواجه المرأة في مصر عقبات كبيرة في الدخول إلى سوق العمل. وعندما تعين المرأة في القطاع الخاص، فإن احتمالات بقائها بالوظيفة والحصول على التدريب والترقية تكون على الأرجح أقل من الرجل. كما تتعرض المصريات، سواء العاملات أو غير العاملات، لمعدلات مرتفعة من التحرش الجنسي في الشوارع، فضلا عن العنف الجسدي والعاطفي من قبل أزواجهن وآبائهن وأقاربهن من الذكور.
ورغم أن الحكومة المصرية وضعت زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة كهدف وطني، فإن المرأة المصرية لازالت تفتقد سياسة صريحة تتصدى للعنف الذي يستهدفها كرادع لزيادة المساواة في مكان العمل. يهدف مشروع نموذج المساواة بين الجنسين إلى سد الفجوة بين الجنسين، وحشد جهود كل من وزارة القوى العاملة المصرية، والمنظمات غير الحكومية المعنية بتنمية المجتمع والشركات الخاصة من خلال إجراء تدخلي مبتكر يتصدى لنقاط التقاطع بين التنمية الاقتصادية للمرأة والعنف الموجه ضدها .

البناء على النجاح وسد الفجوات
عقد مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية في القاهرة شراكة في السابق مع الحكومة المصرية حول إجراءين من الإجراءات التدخلية لتمكين المرأة اقتصاديا. كان الإجراء الأول جزءا من مبادرة تستند إلى النتائج تمت بالتعاون بين البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة لتنمية المرأة و المركز الدولي لبحوث المرأة. المبادرة الثانية المسماة صالحية، تمت بالتعاون بين وزارة القوى العاملة وصندوق الأمم المتحدة لتنمية المرأة ومركز البحوث الاجتماعية بهدف زيادة التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال حزمة واسعة من الإجراءات التدخلية المستندة إلى المجتمع المحلي.
يبني مشروع نموذج المساواة بين الجنسين على هاتين المبادرتين. ويوفر الاستقرار السياسي الحالي المقترن ب رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة حيزا محكم التوقيت لوزارة القوى العاملة كي تعيد تنشيط هذا النموذج ومد مظلته لتشمل التركيز على مكافحة العنف ضد المرأة في المنزل وفي مكان العمل.

الإجراء التدخلي الخاص بمشروع نموذج المساواة بين الجنسين والمشروع التجريبي
يمثل مشروع نموذج المساواة بين الجنسين الجديد إجراء تدخليا على مستويات عديدة، تشمل المجتمع المحلي والقطاع الخاص، مستهدفا الشركات الخاصة التي توظف المرأة. وسيساعد الإجراء التدخلي الشركات الخاصة على تدعيم نهجها نحو المساواة بين الجنسين في عمليات التوظيف، وتوفير مناخ عمل مناسب للمرأة يتسم بالإنتاجية والاحترام، وكذلك المجتمعات المستهدفة على بناء الفهم للعنف المنزلي والتصدي له. الخطوة الأولى، هي فهم تصور المرأة والرجل في المجتمعات المستهدفة لأدوار الجنسين والعلاقات بينهما، مع التركيز على المفاهيم الدينية والاجتماعية المغلوطة التي تشجع تبرير العنف الزوجي، وذلك من خلال استقصاء أولي. مثل هذه المفاهيم المغلوطة ستواجه بالتحدي من خلال جلسات مصممة خصيصا وواعية ثقافيا، وتستعين بقيادات دينية واجتماعية تتمتع بالاحترام.   

النموذج الجديد لنموذج المساواة بين الجنسين:
سيتم تجريب النموذج الجديد للمساواة بين الجنسين بإحدى المناطق الصناعية الحضرية بمحافظة الشرقية، وسيستهدف عددا من الشركات الخاصة التي تتراوح بين الكبيرة والمتوسطة وتتمتع بإداراة نشطة للموارد البشرية، وتتوسع من حيث رأس المال والعمالة، وتتوق إلى تحسين صورتها العامة. وستعمل إحدى المنظمات غير الحكومية المعنية بتنمية المجتمع المحلي كحلقة اتصال بين الحكومة والشركات الخاصة والمجتمعات المحلية وذلك باستضافة العديد من الأنشطة الرامية إلى زيادة الوعي والتصدي للمفاهيم الخاطئة المرتبطة بالعنف الأسري في المجتمعات المستهدفة .

في الوقت نفسه، سيعمل مركز البحوث الاجتماعية على دعم وزارة القوى العاملة المصرية لتقوية رصدها الواعي للمساواة بين الجنسين للشركات الخاصة. وستكون وحدة المساواة بين الجنسين التابعة للوزارة، والشريك النشط في مبادرة الصالحية، الشريك الرئيسي المنفذ للمشروع الجديد. ومن خلال التدريب المتخصص للمدربين، سيزيد مركز البحوث الاجتماعية من قدرة وحدة المساواة بين الجنسين التابعة لوزارة القوى العاملة ووكلاء الوزارات المعنية على الاضطلاع بمهامهم من خلال متابعة تعميم المساواة بين الجنسين ومكافحة العنف ضد المرأة في الشركات. 

وفي الوقت الذي نمد فيه نحن مركز البحوث الاجتماعية يد العون مع وزارة القوى العاملة ونشكل شراكات جديدة مع المجتمعات المحلية والشركات الخاصة، فإننا نتطلع إلى الفرص الوليدة التي تتيح إحداث تغييرات إيجابية في حياة النساء والرجال المصريين.
 
 
 

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000