كان هذا أسبوعي الأول في الجزائر، ووجدت نفسي أخوض سباقا في أرجاء العاصمة في موكب سيارات.وشتَّان بين هذا وبين وسيلتي المعتادة للانتقال، لكنه كان نتيجة مصادفة سعيدة.فقد تصادف أن استعداداتي لتولي منصبي ممثلا مقيما للبنك الدولي في الجزائر تداخلت مع زيارة رسمية قامت بها نائبة رئيس البنك لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنغر أندرسن.
وخلال يومين طويلين، سنحت لي فرصة غير مسبوقة للقاء مجموعة متنوعة من المسؤولين الحكوميين.وانتقلنا سريعا من اجتماع إلى اجتماع، لأن جدول الارتباطات المكتظ كان يشتمل على لقاءات مع رئيس الوزراء ووزير المالية وكوكبة من الوزراء الآخرين المسؤولين عن القطاعات الإستراتيجية.
وفضلا عن التعرف على من سيحاورونني في المستقبل، فإنها كانت أيضا فرصة لسماع رواية مباشرة عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية التي تواجهها الجزائر في الوقت الحالي.وفي كل لقاء، سمعت عن البرامج التي يجري تنفيذها أو في طور الإعداد للتصدي لهذه التحديات، وبينما كنت أنصت اتضح دوري ودور البنك الدولي في مساندة هذه الجهود.
تنعم الجزائر بوفرة الموارد الطبيعية، لكن على الرغم من الإدارة الحذرة لثروتها من النفط والغاز، فإنها لم تحقق النمو الذي يؤدي إلى خلق ما تشتد الحاجة إليه من فرص العمل من حيث عددها وتنوعها.ويسود اعتقاد بأنه يجب تنويع أنشطة الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال لتعزيز تنمية القطاع الخاص غير النفطي.
وإلى جانب ذلك، كان هناك تصميم على تحسين مساندة أكثر فئات السكان ضعفا وحرمانا، بتوفير مزيد من الفرص الاقتصادية والمهارات والموارد اللازمة لاستغلالها.وكانت هذه التحديات الثلاث الرئيسية هي محور كل مناقشاتنا، وكان بينها قاسم مشترك هو توظيف الشباب، وهو تحدي مشترك في بقية أنحاء المنطقة.
كانا يومين نال فيهما مني التعب كل منال ولكني استنرت وعرفت الكثير.وأشعر بتقدير أكبر من ذي قبل للحظة التاريخية الهامة التي تمر بها الجزائر والخطوات التي يجري اتخاذها للمضي قدما.وعلى نفس القدر من الأهمية، بدأت تتضح أيضا رسالتي التي حددت معالمها التحديات التي تواجهها البلاد، وفي صدارتها البطالة في صفوف الشباب.ونظرا لما تتمتع به الجزائر من موارد طبيعية، فإنها ليست في حاجة إلى عمليات إقراضية من جانب البنك الدولي.غير أن الجزائر وهي تضع إستراتيجية لأفضل السبل للتصدي للتحديات، تهتم كثيرا بالتعلُّم من البلدان الأخرى وخبراتها الصالحة والسيئة.وهذا هو المجال الذي يمكن فيه للبنك الدولي تقديم يد العون. فالمعارف والخبرات العالمية التي يستطيع البنك تقديمها ذات أهمية بالغة في مساندة أهداف مثل تنويع النشاط الاقتصادي وتنمية القطاع الخاص.وفي المحصلة النهائية، فإن الجزائريين هم الذين سيحددون الطريق الذي يسلكونه، لكن مساهمة البنك قد تتيح بعض المعاني والدلالات بما حقق نجاحا (وما لم يحقق نجاحا) في أماكن أخرى.
لقد صمدت الجزائر وواصلت النمو في سياق دولي وإقليمي حافل بالصعوبات.ولشركائها دور ينبغي تأديته في الحفاظ على استقرارها الاقتصادي والاجتماعي وتدعيمه.ويقتضي هذا من البنك الدولي تقديم المشورة في كل شيء من الإصلاح التنظيمي إلى تصميم السياسات وتنفيذها.
و كممثل مقيم للبنك الدولي أرى نفسي في مهمة ربط احتياجات الجزائر المحددة بقطاعات أو شبكات البنك.وسيكون الهدف هو أن يساعد خبراؤنا المخضرمون في إنارة طريق السلطات نحو أكثر السبل فعالية في تخصيص الموارد من أجل تحقيق نمو شامل ورخاء مشترك.
انضم إلى النقاش