كشف
استطلاع سنوي لرأي الشباب العرب أن شباب العالم العربي يشعرون بنفس القلق الذي يشعر به شباب المناطق الأخرى في العالم إزاء ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية". وللعام الثاني على التوالي،
يرى الشباب العرب أن ظهور "داعش" هو المشكلة الرئيسية التي تواجه المنطقة ، إذ يقول أربعة من كل خمسة شباب تمت معهم مقابلات إنهم أكثر قلقاً لظهور داعش مقارنة بالمشكلات الأخرى. وتشير النتائج الواردة في استطلاع الرأي إلى أن جاذبية التنظيم الجماهيرية ربما تكون قد تراجعت أيضا بدرجة طفيفة.
واعتبر 50% من الرجال والنساء العرب الذين تم سؤالهم والبالغ عددهم 3500 شخص في الفئة العمرية 18-24 ومن 16 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن ظهور داعش هو العقبة الكبرى حاليا، وذلك بزيادة عن نسبة العام الماضي التي بلغت 37% ممن رأوا أن التنظيم المشكلة الرئيسية للمنطقة. وكانت مصادر قلقهم الرئيسية الأخرى هي التهديد الأوسع للإرهاب، والبطالة، والاضطرابات الأهلية، وتكلفة المعيشة المتزايدة. وجرى الاستطلاع في نحو ستة أسابيع خلال الشهرين الأولين من هذه السنة.
ما الذي تعتقد أنه العقبة الكبرى التي تواجه الشرق الأوسط؟
ووفقا لاستطلاع الرأي، استبعد قرابة 4 من كل 5 من الشباب العرب دعم داعش، حتى لو توقف التنظيم عن استخدام العنف المفرط ، وهو ما يعد انخفاضا عن عام 2015 حين كان الرقم الخاص بالسؤال نفسه 19 في المائة. وتشير الناشطة التونسية لينا بن مهني المعنية بقضايا الشباب إلى أن " غالبية الشباب العرب يرفضون تنظيم الدولة الإسلامية لأنهم يدركون فظاعته "، مضيفة أن الشباب "فهموا أيضا أن هذا التنظيم يستغل يأس الشباب وجهلهم". ورأى أغلب الشباب أيضا أن التنظيم سيفشل في الهدف الذي يؤمن به وهو إنشاء دولة إسلامية، أو خلافة، محددة جغرافيا.
استطلاع أصداء بيرسون-مارستيلر السنوي الثامن لرأي الشباب العربي - هل ينحج "داعش"؟
وفي منطقة تعاني من قلة الوظائف، حيث تبلغ نسبة البطالة بين الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 29% وهي من بين الأعلى في العالم ، يعتقد قرابة 24 % ممن تمت مقابلتهم أن غياب الوظائف والفرص هو التفسير الرئيسي لانضمام الناس للجماعة الإرهابية المسلحة. ولكن عند سؤالهم باستخدام الاسم المرادف لتنظيم الدولة الإسلامية وهو"داعش"، أفاد 25% ممن تمت مقابلتهم "لا أعرف لم قد يرغب أحدهم في الانضمام لداعش". ويلي البطالة الاعتقاد بأن الناس انضموا لتنظيم داعش لأنهم ظنوا أن تفسيره للإسلام متفوق على التفسيرات الأخرى.
وأشارت بن مهني إلى أن " بعض الشباب يائسون لأن الأوضاع ساءت لهم. لقد أصابتهم الهشاشة، وهم يشعرون أنهم مهمشون" وأصبحوا هدفا سهلا للمسؤولين عن التجنيد في التنظيم. ورأى من تمت مقابلتهم أيضا أن التوترات الدينية بين السنة والشيعة أسهمت في اتجاه التجنيد في داعش، وكذلك التوترات مع الديانات الأخرى بالمنطقة. ومن المفارقة أن انتشار القيم الغربية العلمانية يُعتبر عاملا آخر أدى إلى تدعيم التجنيد في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.
لقد أدى المسار الذي اتخذه الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تغيير أولويات الناس. فقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 53% من الشباب العرب يعتقدون أن الحفاظ على الاستقرار أكثر أهمية من تعزيز الديمقراطية ، وذلك في تناقض صارخ مع عام 2011، حين قال 92% إن "العيش في بلد ديمقراطي" هو أكبر أمانيهم. وبعد مرور خمس سنوات على أحداث الربيع العربي، حين أطاحت موجة من المظاهرات بالحكام المستبدين عبر المنطقة، استمر تفاؤل الشباب في التراجع. حيث أشارت نتائج المشاركين بالاستطلاع أن 36% من الشباب يعتبرون أن ثورات الربيع العربي عام 2011 كان لها أثر إيجابي، مقارنة ب 72%عام 2012 .
ومصر هي البلد الوحيد في المنطقة الذي لايزال الشباب فيه يؤمنون أن العالم العربي أصبح أفضل نتيجة للربيع العربي.
وعلق حسن، وهو زميل مقيم في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، على نتائج استطلاع الرأي بقوله "قد يرفض الكثيرون في المنطقة داعش بسبب تكتيكاتها المتطرفة، غير أن القضية تظل أن التنظيم يستغل المشكلات القائمة، ولم يخترع المشكلات التي حددها المشاركون بالاستطلاع كعوامل تؤثر في حياتهم".
وفحص الاستطلاع أيضا تصورات الشباب فيما يخص العوامل الأخرى التي تؤثر في الحياة اليومية. وقد أفاد دونالد إيه. باير الرئيس العالمي والرئيس التنفيذي لوكالة أصداء بيرسون-مارستيلر للعلاقات العامة التي تجري استطلاع رأي الشباب العرب للعام الثامن على التوالي بقوله " شباب العرب اليوم هم قادة الغد، وأصحاب الشركات، والعمال، والمستهلكون، والمعلومات الواردة في هذا الاستطلاع تساعدنا جميعا على الوصول إلى هذه المجموعة وفهمها فهما أفضل ". وهدف استطلاع الرأي هو الكشف عن التوجهات بين ما يقرب من 200 مليون شخص دون الخامسة والعشرين من العمر - وهو ما يقدر بنحو 60 % من السكان العرب- من أجل التمكن من عرض فهم قائم على الشواهد لأفكار الشباب العرب، ومن ثم إمداد منظمات القطاعين العام والخاص بالبيانات والتحليلات لإثراء عمليتي صنع القرار وتشكيل السياسات.
وللعام الخامس على التوالي، يعتبر الشباب العرب أن دولة الإمارات على رأس قائمة البلدان التي يرغبون في الإقامة بها، تليها الولايات المتحدة وألمانيا والسعودية وكندا.
وتم خلال الاستطلاع أيضاً رصد كيفية استهلاك وسائل الإعلام، حيث تبين أن الشباب العرب يحصلون على أخبارهم عبر الإنترنت أكثر من التلفزيون أو الصحافة المطبوعة . ويشرح داميان رادكليف، أستاذ الصحافة في جامعة أوريغون، ذلك قائلا: "لقد أوضح استطلاع رأي الشباب العرب في فترة من الفترات الأهمية المتنامية التي يعلقها الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا لم تكن شركات الإعلام، ومؤسسات الأعمال، والحكومات في المنطقة قد أدمجت بالفعل وسائل التواصل الاجتماعي لتصل إلى الشباب، فإن استطلاع الرأي الجديد يقدم لها عندئذٍ حجة مقنعة للغاية للقيام بذلك". وأظهرت البيانات أن 32% من الشباب العرب يقرأون الأخبار باستخدام الإنترنت يوميا ، وأن 29 % يشاهدون القنوات التلفزيونية الإخبارية يوميا، وأن 7 % فقط يقرأون الصحف على أساس يومي. وأضاف رادكليف " بالنسبة لناشري الصحف، فهذه أخبار سيئة للغاية".
انضم إلى النقاش