نشر في أصوات عربية

ثلاثة أسباب لضرورة إصلاح نظام المشتريات بالعالم العربي

الصفحة متوفرة باللغة:

هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English

Image لا تعد المشتريات الحكومية من بين الموضوعات الأكثر شعبية في دوائر التنمية. ومع ذلك، فلننظر فقط في هذه الطرق الثلاث التي ربما تعد فيها المشتريات أحد أهم العناصر التي لا غنى عنها التي تقيم دولة قادرة حقاً على الاضطلاع بوظائفها:
 
أولا، ما لم يكن هناك نظام فاعل للمشتريات، فإن المستشفيات ستنتظر وصول الأدوية، وسيضطر المعلمون إلى انتظار الكتب المدرسية، والمدن إلى الطرق. وكلما لاح خبر عن نقص الأدوية في المستشفيات أو عدم توفر الكتب بالمدارس أو قصور في شبكات الطرق، فقد تكون المشكلة في نظام  المشتريات. ثانيا، بدون وجود نظام كفؤ للمشتريات، يتعرض المال العام للهدر على نطاق واسع جداً. ويضخ العديد من البلدان النامية نسباً كبيرة من ميزانياتها من خلال نظم المشتريات - وبالتالي فإن أية وفورات في التكلفة حتى وإن كانت هامشية يمكن أن تتضاعف سريعا. وثالثاً، فإن المشتريات الحكومية تمثل جزءاً من وظائف الحكومة التي يراها المواطنون كل يوم. ويؤثر استشراء الفساد وانعدام الشفافية بنظم المشتريات تأثيرا مباشرا على المواطنين، وتقدر خسائر الفساد بمليارات الدولارات كل عام. ويمثل الفساد في المشتريات مشكلة كبيرة تؤثر على البلدان الغنية أيضا.
 
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتجمع كل هذه العوامل معاً ويكون لها تأثير بالغ، إذ تمثل المشتريات الحكومية 15 إلى 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وقد تسبب الفساد وعدم توفر الفرص وتفشي الوساطات والمحسوبيات في كثير من أجهزة الدولة في انطلاق الربيع العربي. وثمة حاجة ملحة لإصلاح نظم المشتريات في المنطقة ، ولكن تنفيذ هذا الإصلاح ضغيف بعض الشيء. فلماذا تتباين الإصلاحات،أو لا توجد على الإطلاق؟ لمعرفة ذلك، حشد فريق من البنك الدولي ومعهد التنمية الخارجية جهودهما وشرعا في العمل مع حكومتي المغرب والأردن للتحقيق في هذا الأمر.
 
يتبع نهجنا في هذا العمل اتجاهاً أوسع نطاقاً يتجاوزتطبيق نماذج قائمة على أفضل الممارسات من خلال التركيز على المشاكل المهمة بنظر الأطراف المعنية. لذلك قسمنا أجندة الإصلاح إلى وحدات منفصلة للإصلاح، ثم بحثنا  لتحديد اي الوحدات ستؤيدها أو تعارضها الأطراف المعنية وأسبابها. ويستند هذا إلى افتراض أن الحكومات لديها نظم مشتريات لأنها تقوم بوظيفة محددة، وليس فقط لمجرد أن تبدو المؤسسة الرسمية المسؤولة عن "المشتريات" جيدة بالهيكل التنظيمي. وبعبارة أخرى، فإن هذا عبارة عن جهد لفهم "سبب" الإصلاح. وقد برزت بالفعل ثلاثة دروس يمكن أن تكون ذات صلة وقابلة للتطبيق على نطاق واسع بالنسبة للبلدان الأخرى:
1. لا أحد يعرف تماماً كيفية تقيم عمل أنظمة المشترياتhttp://blogs.worldbank.org/sites/all/modules/wb_helper/images/iconm-twitter-gray.png. تقيس مؤشرات المشتريات المعتمدة -إطار الإنفاق العام والمساءلة المالية ومجموعة مؤشرات منهجية تقييم أنظمة المشتريات بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي- الاجراءات والهياكل وأوجه التشابه مع النماذج الدولية القائمة على أفضل الممارسات، وليس مخرجات أو نواتج المشتريات أو أداء النظم. وهذا يعني أن واضعي السياسات لا تتوفر لديهم على الأرجح البيانات أو المؤشرات التي تمثل جزءاً لا يتجزأ من الإصلاح.
 
2.  إصلاح نظام المشتريات مطلب لا شعبية واسعة لهhttp://blogs.worldbank.org/sites/all/modules/wb_helper/images/iconm-twitter-gray.png. إذ إن تحسين نظام المشتريات سيعود بالنفع القليل على عدد كبير جداً من المستفيدين. ومع ذلك، فإن معظم المواطنين، مثل ذاك الواقف بجوارك في الشارع، لن يعرف أي شيء أو يهتم مطلقاً بشأن نظام المشتريات. من ناحية أخرى، فإن موظفي الحكومة أو أولئك الذين يقومون بتشغيل النظام أو يتعاملون معه بشكل مباشر، ويهتمون به كثيراً، غالبا ما يستثمرون بقوة في الحفاظ على الوضع القائم مع ما ينطوي عليه ذلك، وعدم المخاطره بوظائفهم أو مجال عملهم.
 
3.  إصلاح نظام المشتريات لا يتعلق (فقط) بالمشتريات http://blogs.worldbank.org/sites/all/modules/wb_helper/images/iconm-twitter-gray.png. فالأطراف المعنية المختلفة لديها مصالح وحوافز مختلفة ومعقدة متعلقة بإصلاح نظام المشتريات: فالأطراف المعنية المتنفذة خارج نظام المشتريات قد تهتم بتغييرات محددة توفر لها نواتج أفضل. فعلى سبيل المثال، يهتم كبار المسؤولين في قطاع التعليم بأن تصل إليهم السلع واللوازم بسرعة أكبر وبتكلفة أقل، ولكن قد لا تكون ردة فعلهم الأولى بالضرورة التواصل مع مسؤولين المشتريات بشأن احتياجاتهم. وسيكون تشكيل حد أدنى من ائتلاف المُصلحين أسهل إذا كان لدى واضعي السياسات بيانات عن الأداء والنتائج، وإذا أمكن طمأنة أصحاب نظام المشتريات بشأن الخسائر المحتملة.
 
ينطوي النهج المبين هنا على أوجه قصور خاصة به، إذ يتركز على نحو مقصود على القطاع العام ويفترض أن بعض موظفي الحكومة يهتمون بما فيه الكفاية بشأن تحسين النظام في محاولتهم القيام بالأمور بشكل مختلف. وحتى في ظل السياقات الأكثر هشاشة، فمن الممكن القيام ببعض التغييرات الصغيرة والمجدية. إلا أن أكبر المخاوف لدى الأطراف المعنية في أغلب الأحيان قد ترجع ببساطة إلى أسباب أخرى – فإذا لم تكنالمشكلة في نظام المشتريات بل بإدارة النقد، فحينئذ لا يكون الوقت مناسباً أو صحيحاً. ولا تعتبر معرفة الأطراف الفاعلة والحوافز بشكل جيد جداً حلاً سحرياً. وبدلا من ذلك، فإن تجنب الأفكار السيئة يكون في بعض الأحيان أفضل ما يمكن عمله.


بقلم

​فيليب كراوس

سؤول عن فريق المالية العامة في مركز معهد التنمية الخارجية للمعونات والإنفاق العام

لينا توتونجي

توتونجي أخصائية أولى في مجال المشتريات

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000