سمر المزغني كاتبة تونسية، دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية مرتيْن كأصغر كاتبة في العالم في عام 2000 والأكثر انتاجية في عام 2002. وقد صنفتها مجلة الأعمال العربية كإحدى أهم القادة الشباب في العالم العربي. تعكف سمر حاليا على إتمام دراساتها العليا في بريطانيا.
عندما تلقيت دعوة عبر بريدي الالكتروني لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، انتابتني بعض الشك إزاء مصدرها. و لم يُشجعني أصدقائي على فتح الرسالة ظنا منهم بأنها قد تكون وصلتني عن طريق الخطأ. كما أن أسرتي دعتني إلى التحقق من مصدر الدعوة والتحري عن السبب وراءها قبل أن أقبلها.
وبدا الجميع متشككا في إمكانية أن تدعو بالفعل مثل هذه المؤسسات المالية الدولية الشباب إلى هذا الحدث الهام.
ورغم هذا التشكيك، توجهت إلى واشنطن العاصمة بكثير من الفضول والأمل يحدوني في تهدئة الأفكار الحائرة التي تدور في رأسي بشأن هذا الاجتماع وهذه المؤسسات.وبينما كنت أطل عبر نافذة الطائرة على الأراضي الأمريكية الشاسعة، إذ بي ألقي بعض هذه الأفكار المسبقة في النهر.
لكنني لم أستطع مقاومة الرغبة في أن أسأل المنظمين عن الأسباب التي تقف وراء اختياري ومشاركتي في هذا الحدث. وجاء الجواب بسيطا:لقد تم ترشيحكي من خلال شبكة مؤسساتنا ومنظماتنا في المنطقة للمشاركة في برنامج المجتمع المدني الذي يهدف إلى إشراك القيادات الشابة في أنشطة اجتماعات الربيع بهدف لقاء موظفي المؤسستين ومناقشتهم حولقضايا التنمية العالمية وبرامج البنك والصندوق.
وفكرت للحظة بأننا سنلتقي بعض الموظفين العاملين في وحدات معينة من هذه المؤسسات. واعتقدت أن المحاضرات ستطغى على هذه اللقاءات وسيكتفون بشكرنا على قبول الدعوة. وبدورنا سنشكرهم على دعوتهم لنا ثم نعود من حيث أتينا. أليس هذا هو نفس البروتوكول الذي اعتدنا عليه؟
لكنني لم أكن أتوقع أننا سنمنح الفرصة للقاء المدير العام لصندوق النقد الدولي ومديريه التنفيذيين، ونواب رئيس البنك الدولي، والعديد من الموظفين العاملين في كلتا المؤسستين القادمين من كل حدب وصوب، وأن نواجههم بالأسئلة والطلبات والانتقادات.
هذا التنوع من البلدان والمواقف والأفكار كشف لي بشكل جلي عن تنوع أكبر وأعقد في الآراء داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث لا ينظر الناس إلى عملهم بعين ناقدة فقط بل يطلبون أيضا من منظمات المجتمع المدني وقيادات الشباب أن يدلوا بدلوهم، وأن يقترحوا الحلول وأن يتعاونوا معهم من أجلتواصل أفضل ونظرة أعمق لاحتياجات الناس، خاصة في المنطقة العربية حيث بدأتالشعوب مؤخرا تكتسب أهمية!
وطوال رحلتي لحضور هذا الحدث والبحث عن التبسيط وسط غابة من التعقيدات التي تحيط بكل شيءفي هذا البلد وهذه المؤسسات وهذا الحدث، كانت الأجندة هي همي الأكبر وغايتي الشخصية: الأثاث البسيط للمباني المعقدة، التفاعلات البسيطة في البيئة المعقدة، الرسالة البسيطة بطريقة معقدة، البيانات البسيطة بلغة معقدة، والناس البسطاء ذويالألقاب المعقدة.
ولكن مع كل هذه التعقيدات، استطعت أن أتلمس كبد الحقيقة التي تختفي عادة وراءها.إنها محاولة جادة لسماع صوت المجتمع المدني والوصول إلى الناس ودمج أفكار الشباب في برامج هذه المؤسسات في وقت تواجه هذه المؤسسات تصوراتنا وأفكارنا المسبقة إزاء المجتمع الدولي.
انضم إلى النقاش