تونس العاصمة — في بلد تستحوذ فيه العاصمة غالباً على النصيب الأكبر من أنشطة الابتكار، تمثل الجولة الترويجية الأولى في أقاليم تونس، والخاصة بالشركات الناشئة المبتكرة وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حقبةً جديدة في ريادة الأعمال الشاملة للجميع. وللمرة الأولى تغادر منظومة الشركات الناشئة الوطنية تونس العاصمة لتجوب أنحاء البلاد، من الشمال إلى الوسط إلى الجنوب، ومنها إلى الجنوب الشرقي، للقاء رواد الأعمال أينما كانوا. وتوقفت الجولة الترويجية في بنزرت والقيروان وصفاقس وقابس، للتواصل مع رواد الأعمال وحاضنات الأعمال والمستثمرين والمنظماتالداعمة. وانتهت هذه الجولة بعقد فعالية وطنية ختامية في تونس العاصمة في 25 فبراير/شباط 2025، تضمنت مائدة مستديرة للصحافة، من أجل إبراز الأصوات والآراء التي تم جمعها من الأقاليم خلال هذه الجولة.
وتأتي الجولة الترويجية لعام 2025 في إطار مشروع الشركات الناشئة ومؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة المبتكرة في تونس الذي يموله البنك الدولي بقيمة 75 مليون دولار، وقام بتنظيمها صندوق الودائع والأمانات، وهو الهيئة المسؤولة عن تنفيذ المشروع، وشركة سمارت كابيتال، الشريك المكلف بتنفيذ برنامج الشركات الناشئة في تونس.
ويركز المشروع على الشركات الناشئة ومؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة المبتكرة التي تتمتع بإمكانات نمو عالية، وبالتالي لديها آفاق أكبر لخلق فرص العمل، مع تعزيز البيئة الريادية للأعمال؛ مثل صناديق رأس المال المخاطر، وحاضنات الأعمال، ومسرعات الأعمال، ومساحات العمل المشترك.
وبُذلت جهود جادة لتوجيه تركيز المشروع نحو جذب استثمارات إضافية من الصناديق والشركاء التابعين للقطاع الخاص، لاستهداف المؤسسات الناشئة ومنشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة المبتكرة. وتمت تعبئة 47 مليون دولار إضافية من رأس المال الخاص حتى الآن، من خلال صندوقي تمويل الاستثمار المباشر في المشروع ("أنافا" و"إنوفاتيك").
- غطت أنشطة دعم المنظومة في إطار مبادرة “Flywheel” عدد 168 شركة ناشئة ومنظمة داعمة من خلال المنح، مع أن الشكلين 1 و2 يظهران تمركز معظم المستفيدين في تونس العاصمة.
|
|
الشكل1 - توزي ع ر الشكاتالناشئة المستفيدة من الدعم الم رتبط بإثبات المفهوم حسب المنطقة - المصدرسمارت كابيتال ( 2025) | الشكل2 - توزي ع ر الشكاتالناشئة المستفيدة من المنح الم رتبطة بالجاهزية لالستثمار حسبالمنطقة - المصدر سمارت كابيتال ( 2025) |
لم يكن الهدف من الجولة الترويجية للشركات الناشئة هو الترويج لمشروع الشركات الناشئة ومؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة المبتكرة ولغيره من البرامج الوطنية الراعية للابتكار فحسب، بل أيضاً التواصل مع رواد الأعمال خارج تونس العاصمة بشكل استباقي وبناء الثقة معهم، والاستماع لآرائهم، وفهم التحديات والفرص الفريدة التي يواجهونها. وأتاحت الجولة التي شملت أربع مدن للمشاركين من القطاع الخاص وأصحاب المصلحة من الجهات الحكومية الاطلاع بأنفسهم على تنوع مشهد الابتكار في تونس، وتزايد الإقبال على ريادة الأعمال على مستوى جميع المناطق.
أكد العديد من المشاركين في أن هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها أصحاب المصلحة التونسيون للاستماع وليس مجرد الحديث. وقد حظي هذا التحول من المركزية إلى التعاون بتقدير بالغ بين المشاركين.
طوال الرحلة، انضم أكثر من 247 مشاركاً إلى الفعاليات، من بينهم 105 من الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة و37 منظمة من المنظمات الداعمة. وساعدت مشاركة أربعة صناديق ناشئة رئيسية - "تيتان"، و"جو لايف"، و"فلات 6 لابس)، و"216 كابيتال"- في إزالة الغموض الذي يكتنف مشهد الاستثمار وأتاحت منتدى مفتوحاً للشركات الناشئة لطرح أسئلتها مباشرة.
وترسم البيانات التي تم جمعها خلال الجولة الترويجية صورة كاملة الأبعاد لمشهد الاستثمار، ففي حين أبدى 36% من المشاركين اهتماماً بالغاً بآليات التمويل، وشدد آخرون على حاجتهم إلى خدمات التوجيه الإستراتيجي، وتكوين شبكات العلاقات للشركات، والنفاذ إلى الأسواق.
أعرب نحو 40% من المشاركين عن اهتمامهم بالدعم متعدد الأبعاد، أي الجمع بين التمويل والتوجيه الفني والتواصل مع شبكات العلاقات. ويعكس هذا عقلية ريادية أكثر نضجاً، وطلباً قوياً على المنظومات التي تتجاوز حدود التمويل، إلى التمكين من أسباب القوة.
أعربت أربع منظمات داعمة بارزة - وهي CBA (بنزرت)، وGo To Market (القيروان)، وiCUBE (صفاقس)، وCOZI (قابس)- عن استعدادها للعمل كركائز أساسية للابتكار في أقاليمها. ويمكن لهذه المنظمات أن تسهم بدور محوري في بناء التدفقات الخاصة بالصفقات المحلية، وتوجيه الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، وربطها بالبرامج الوطنية.
أسفرت الجولة الترويجية عن العديد من التوصيات المتعلقة بالسياسات على النحو التالي:
- الحاجة إلى توفير المزيد من المعلومات على مستوى كل منطقة من المناطق. فلا يستطيع رواد الأعمال والمنظمات الداعمة في بنزرت أو القيروان دائماً الوصول إلى نفس المعلومات التي يحصل عليها أولئك الموجودون في تونس.
- يجب أن تتكيف أدوات التمويل مع واقع المشاريع في مراحلها الأولى في مختلف المناطق. وغالباً ما تفتقر الشركات الناشئة في صفاقس أو قابس إلى شبكة العلاقات أو الضمانات المطلوبة للحصول على التمويل المتاح حالياً.
- من الضروري تفعيل دور الأقطاب التكنولوجية في المنطقة، وليس مجرد بنائها. فالبنية التحتية وحدها لا تكفي، حيث تحتاج إلى الموارد والمواهب وإبراز دورها.
- نظراً لأن إمكانات الابتكار متوفرة في كل مكان، لكن الفرص ليست كذلك، فإن سد هذه الفجوة يتطلب أكثر من زيارة واحدة. ويتطلب مشاركة مستمرة، وأدوات جديدة، وإرادة سياسية لتصميم سياسات ابتكار شاملة بحق.
تشهد منظومة الشركات الناشئة في تونس منعطفاً حاسماً، حيث أن السياسات الوطنية، مثل قانون الشركات الناشئة، قد مهدت الطريقَ لمجتمع مزدهر من رواد الأعمال. وفي الوقت نفسه، فإن ربط هذه السياسات بالمناطق، حيث تتساوى الاحتياجات والفرص في القوة، يتيح فرصةً كبيرة لتشجيع التنمية المتوازنة والشاملة للجميع.
ومن شأن دعم ريادة الأعمال خارج تونس العاصمة أن يساعد البلاد على أن تصبح سوقاً أكبر وأكثر جاذبية للمستثمرين، وبالتالي تحفيز الحصول على التمويل وزيادة الابتكار والإنتاجية والنمو وخلق فرص العمل. وكانت الجولة الترويجية في أقاليم تونس خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
شاهد أبرز الأحداث:
انضم إلى النقاش