نشر في أصوات عربية

نظرة تحليلية للحوْكمة ــ ما هو دور البنك الدولي؟

الصفحة متوفرة باللغة:
Image

كثيرا ما يسألني الناس عن ماذا يعنيه البنك الدولي تحديدا عندما يستخدمُ مصطلح "الحوكمة". ويعتقد الكثيرون أن أجندة الحوكمة ترتبط أساسا بأنشطة مكافحة الاحتيال والفساد. وهذه المقولة صحيحة ولكن بصورة جزئية. فإننا نرى أن ممارسات الاحتيال والفساد هي نتائج منظورة ــ أو أعراض إن شئتم ــ لإخفاق الأنظمة والمؤسسات الحكومية وفشلها الذريع. فمن الوجهة المثالية، ينبغي أن تكون لدى البلدان مؤسسات قوية تُلبي احتياجات المواطنين وتُقدم لهم الخدمات العامة. وتقتضي الصورة المثلى توافر عمليات وقواعد تنظيمية شفافة في البلدان بما يعود بالنفع على جميع المواطنين والقطاع الخاص بأكمله، فلا تكون المنافع حكرا على نخبة صغيرة. وينبغي في الوضع الأمثل أن تتمتع الحكومات بالقدرة على ضمان إنفاق الأموال العامة وتنفيذ السياسات بالصورة السليمة والجيدة. وخلاصة القول إذن أن هذه المبادئ هي التي تُشكل قوام الحوكمة وأنه يمكُنكَ في حال تطبيقها بصورة جيدة ومتسقة أن تُسمّيها "الحوكمة الرشيدة".

والأمر من منظورنا أنه يجب على جميع البلدان أن تبذل قصارى جهدها للالتزام بهذه المبادئ الأساسية بصرف النظر عن الشكل الذي تتخذه الحكومة لنفسها. ولكن الواقع السائد في أغلب الأحيان هو أن البلدان لا ترقى إلى مستوى هذه المعايير؛ فالموسسات يعتريها الضعف ولا تؤدي وظائفها على خير وجه، والإجراءات الحكومية مفككة ومترهلة أو يتسم تطبيقها بطابع الاستبداد والتعسف،إلى جانب قدرة القطاع العام المحدودة على تقديم الخدمات للسكان. والعواقب الوخيمة "لأوجه قصور وفشل" نظام الحوكمةهي سوء الإدارة، والاحتيال والفساد.

وللتغلب على هذه المشكلات، نقترحُ التصدي لمعالجة أسبابها الجذرية، بمعنى أننا نقوم بدعم الحكومات ومساندتها في تعزيز المؤسسات العامة، ووضع الإجراءات الشفافة، وبناء القدرات اللازمة للقطاع العام في تنفيذ السياسات الحكومية. والمقصود من هذه الإصلاحات هو ضمان خضوع المسؤولين الحكوميين والموظفين العموميين للمساءلة على تصرفاتهم وأفعالهم والتأكد من إنفاق الأموال العامة بالصورة السليمة والملائمة. وتهدف هذه الإصلاحات أيضا إلى ضمان استجابة الحكومات لآراء المواطنين وشواغلهم؛ ونرى أن النقاش العام بشأن القضايا والتحديات الاجتماعية والاقتصاديةهو أمرٌ جيد دون أدنى شك.

لهذا السبب يقوم البنك الدولي بتعزيز النهج التفاعلي لسياسة إتاحة الوصول إلى المعلومات لضمان قدرة الجمهور العام على الاطلاع على المعلومات الاجتماعية والاقتصادية المهمة. فمن شأن وضع السياسات وتنفيذها على أساس الحوار والتفاعل القوي مع المواطنين أن يُسهم في بناء عقد اجتماعي قوي بين الحكومة والشعب. وهذا هو الطريق الذي يُوصّلك إلى الحوكمة الرشيدة.


بقلم

غونتر هيدينهوف

مدير قطاع الحوكمة والقطاع العام

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000