نشر في أصوات عربية

قلت لوزراء ماليتكم: لا تغفلوا عن أولوياتكم

الصفحة متوفرة باللغة:
مر وقت طويل منذ آخر مدونة كتبتها عن وضع الوظائف في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتأخرت في سرد ما حدث بالفعل حينما التقيت بكبار المسؤولين الماليين لديكم خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي في طوكيو.

 

أعتذر لهذا التأخير. فقد حصلت على إجازة لمعالجة بعض المسائل الشخصية، ومنذ عودتي وأنا مستغرق تماما في الضغوط اليومية الملحة. وأدى هذا بي إلى إهمال مناقشاتنا الجارية حول الوظائف.ومن المفارقات أن هذا بالضبط هو الحراك الذي شهدناه في طوكيو ومازلنا نراه في مختلف أنحاء المنطقة- فالضغوط اليومية تستولي على اهتمام الجميع وتستنفد طاقاتهم، بينما لم يبق للتخطيط بعيد المدى والخيارات المهمة سوى النزر اليسير.

لكن دعوني أبدأ بالأخبار السارة.

فقد قمنا بعرض رائع في طوكيو لما خلص إليه تقرير الوظائف (رابط).ويعود الفضل في جانب كبير من هذا إلى مجموعة المتحدثين الممتازين الذين ضموا عددا من كبار واضعي السياسات والأكاديميين والممارسين. وحضر اللقاء عدد كبير من الجمهور الذين غصت بهم القاعة، وأعقبته مناقشة ساخنة خلال فقرة الأسئلة والإجابات.

وقد دخلنا سريعا في النقاش.

وللأسف، كان هناك القليل من التركيز على قضية الوظائف في اللقاءات اللاحقة مع الوفود المشاركة. في كل عام، توفد الدول الأعضاء إلى الاجتماعات السنوية للبنك الدولي عددا من الوزراء- عادة ما يكونوا وزراء المالية- ومسؤولين حكوميين آخرين. وتواجه العديد من البلدان في المنطقة تحديات مباشرة على صعيد السياسات المالية والنقدية، ومن ثم فمن الطبيعي أن تركز المناقشات أكثر على المدى القصير. وقد تحدث الجميع تقريبا عن التحدي المتعلق بالوظائف، لاسيما بالنسبة للشباب، ولكن في الغالب باعتبار ذلك خلفية لقضايا اقتصادية أخرى ملحة.

وكما وعدنا، أثرنا العديد من مقترحاتكم الممتازة مع الوفود. وكان هناك توافق واسع النطاق في الآراء على ضرورة التعامل مع مشكلة الوظائف من نواحي عديدة- لتحقيق تكافؤ الفرص أمام القطاع الخاص، وتخفيض الدعم لرأس المال لصالح العمالة، وزيادة كفاءة أسواق العمل، وتعزيز حماية الدخول، وإصلاح الأنظمة التعليمية وربطها باحتياجات القطاع الخاص.

لكن ماذا نفعل الآن؟

تبدو الضغوط المباشرة للسياسة الجديدة الأكثر انفتاحا دافعة للكثيرين في المنطقة في اتجاه إجراءات لن تساعد على خلق الوظائف على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، لن تساعد زيادة التوظيف بالقطاع العام وتحسين ظروف العمل به، دون الإصرار على رفع الإنتاجية، في حل مشكلة التوظيف. كما أن زيادة المعاشات للقلة التي تحظى بالتغطية بالفعل لن تعني سوى عدم استدامة أنظمة المعاشات التي تظل تفيد القلة المحظوظة.

ولحسن الحظ، بدأت بعض البلدان في العمل على إعداد إصلاحات رئيسية ستساعد في الأمدين القصير والمتوسط. وتدرس الكثير من البلدان تقليص الدعم للصناعات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة، كما تنظر استخدام الأموال التي تم توفيرها في تخفيض تكلفة توظيف عمال جدد، وتعزيز شبكات الحماية للفئات الأكثر تضررا وتعرضا للمعاناة. ويعكف آخرون بنشاط على إصلاح أنظمة التوظيف – بحيث يتم من خلالها ربط الباحثين عن عمل بالوظائف المتاحة وببرامج التدريب التي تتيح "فرصا أخرى".

ومن هنا، فثمة أخبار سارة وأخرى سيئة، وإجراءات جيدة وأخرى سيئة. لذا، لنواصل الحوار، وليذكر بعضنا بعضا وأيضا من هم في السلطة بأنه على المدى الطويل ستكون الاستجابة الوحيدة والمستدامة حقيقة للمطالبة بالحرية والعيش والكرامة هي وظائف أكثر وأفضل في بلدان المنطقة. ونحن نعلم ما هو المطلوب، ونحتاج إلى أن يبقي الجميع أعينهم على الهدف الرئيسي. وإذا كانت المشاكل الملحة تحتاج إلى العلاج، فإن أحدا لا يملك ترف إغفال أولويات المدى البعيد.

 

Video Platform Video Management Video Solutions Video Player


بقلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000