إعداد المؤشرات المعتمدة على مصادر متنوعة لتكون قابلة للمقارنة

الصفحة متوفرة باللغة:
إعداد المؤشرات المعتمدة على مصادر متنوعة لتكون قابلة للمقارنة © Shutterstock.com

غالباً ما يهتم الباحثون في مجال التنمية باستخدام البيانات لإجراء مقارنات على مختلف المستويات. ومن خلال استخدام البيانات لإجراء هذه المقارنات، يمكن لهؤلاء الباحثين تطوير رؤى قيمة تثري عملية وضع السياسات الرامية إلى تحسين النواتج الإنمائية على جميع المستويات.

وقد يرغب الباحثون والمحللون في إجراء مقارنات على المستويات التالية:

  • المستوى العالمي: غالباً ما يقارن الباحثون والمحللون قيمَ المؤشرات في مختلف البلدان لفهم الكيفية التي يختلف بها بعد إنمائي مُعين في جميع أنحاء العالم. ويمكن إجراء هذه المقارنة مع الوقت لمعرفة الاتجاهات والتغيرات أو عند نقطة زمنية محددة للحصول على لمحة عامة وسريعة عن الوضع الراهن. فعلى سبيل المثال، يمكن مقارنة معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في البلد (س) مع بلدان أخرى في العالم أو مع بلدان في منطقة معينة لتحديد الأنماط والتفاوتات والمجالات التي تحتاج إلى تحسين.
  • المستوى القُطري: يمكن إجراء المقارنات داخل البلد المعني مع الوقت من أجل تتبع التقدم المحرز في مختلف مؤشرات التنمية. فعلى سبيل المثال، يمكن لمقارنة إمكانية الحصول على الرعاية الصحية في البلد (س) منذ عشر سنوات بالوقت الحالي أن تكشف عن التحسينات أو أن تبرز التحديات القائمة.
  • المستوى المحلي: يمكن إجراء مقارنات بين مختلف المناطق داخل البلد الواحد، وهو مستوى أكثر دقة وتفصيلاً. وهذا أمر بالغ الأهمية لتحديد التفاوتات فيما بين أقاليم البلد الواحد وضمان التنمية العادلة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد مقارنة التنمية الاقتصادية للمنطقة (أ) بالمنطقة (ب) داخل البلد (س) في تحديد المجالات التي تتطلب المزيد من الاهتمام وتخصيص الموارد.

ليست كل البيانات قابلة للمقارنة

ليست كل البيانات قابلة للمقارنة، ولا يمكن مقارنتها على جميع المستويات. ومع ذلك، ومن أجل استخلاص استنتاجات إحصائية صحيحة وتقديم توصيات ملائمة على صعيد السياسات، من الأهمية بمكان ضمان قياس البيانات التي تجري مقارنتها على نحو متسق عبر سياقات مختلفة ومع مرور الوقت، أي مقارنة الأشياء بأمثالها وبما يعادلها. وهذا لا يعني بالضرورة بقاء الأساليب كما هي دون تغيير، بل غالباً ما يكون هناك توازن بين قابلية المقارنة وجودة البيانات. ومن المعلوم أن الأساليب تخضع للتطوير المستمر، لذلك قد يؤدي الالتزام بمنهجيات عفا عليها الزمن لمجرد الاتساق إلى تدهور التقديرات بمرور الوقت. ولذلك، قد يكون من الضروري إدخال تعديلات على الأساليب لتحسين القياس، لكن من المهم أيضاً إدراك أن هذه التغييرات قد تؤدي إلى انخفاض قابلية المقارنة مع التقديرات السابقة.


 أمثلة على المستويات المختلفة لقابلية المقارنة:

  • أرقام الفقر على المستوى الوطني: تختلف أرقام الفقر في البلد (س) مع البلد (ص) بسبب اختلاف أساليب القياس. لكن الاستخدام المتسق لخط الفقر نفسه وأساليب جمع البيانات يتيح قابلية مقارنتها مع الوقت.
  • إجمالي الدخل القومي: يجب أن تكون تقديرات إجمالي الدخل القومي لبلد ما التي تم إعدادها بموجب إطار نظام الحسابات القومية نفسه (نظام الحسابات الوطنية 1994، و2008، و2025) قابلة للمقارنة بمرور الوقت للمقارنات داخل البلد نفسه وبينه وبين غيره من البلدان. غير أن تقديرات إجمالي الدخل القومي الصادرة بموجب نسخٍ مختلفة من نظام الحسابات القومية قد لا تكون قابلة للمقارنة بشكل مباشر. وحتى عندما تستخدم البلدان الإطار نفسه، فإن دورات التحديث والتنقيح المتباينة التي تجريها أجهزة الإحصاء الوطنية قد تؤثر على قابلية المقارنة.
  • بيانات القوى العاملة: قد لا تكون بيانات القوى العاملة التي يتم جمعها في بلد ما قابلة للمقارنة المباشرة مع بلد آخر نظراً لاختلاف الأساليب والتعريفات. ومع ذلك، تقوم منظمة العمل الدولية بتوحيد أو نمذجة هذه البيانات لإعداد تقديرات تتيح إجراء مقارنات بين البلدان مع الوقت.

ويتعين على الدوائر الإحصائية الوطنية التي تصدر تقديرات محلية لمقارنة التقدم المحرز بمرور الوقت أن تضمن اتساق المنهجية والقياس بمُضي الزمن. ولكن ماذا عن منتجي قواعد البيانات العالمية الذين لا يمكنهم السيطرة على عملية جمع البيانات داخل البلدان؟

إن قواعد البيانات العالمية للمؤشرات، مثل مؤشرات التنمية العالمية، تسهم بدور حيوي في توفير بيانات قابلة للمقارنة. وتتيح قاعدة بيانات مؤشرات التنمية العالمية بيانات موحدة مجمعة باستخدام معايير محددة يمكن استخدامها في عقد مقارنات صحيحة بين البلدان ومع مرور الوقت. ويحرص مستخدمو هذه القواعد على توفير إمكانية مقارنة تقديرات بعض المؤشرات مثل الحسابات القومية، ومعدلات الفقر، ومؤشرات سوق العمل، سواء داخل البلد المعني نفسه بمرور الوقت أو مع غيره من البلدان.
 

ما المطلوب لإعداد قاعدة بيانات قابلة للمقارنة عالمياً؟

يُعد الجمع المتسق للبيانات ضرورياً لإجراء مقارنات صحيحة وذات مغزى،  كما يتطلب الأمر تعاوناً لإنتاج بيانات قابلة للمقارنة. وتعتمد قواعد البيانات، مثل مؤشرات التنمية العالمية، على المؤسسات والمنظمات الدولية والحكومات وغيرها من أصحاب المصلحة في توحيد جمع البيانات وضمان المواءمة فيما بينها. كما يُعد اتساق أساليب القياس وتوحيد التعريفات ضرورةً لضمان توافر بيانات موثوقة على المستويات العالمية والوطنية والإقليمية.

وبالنظر إلى الأساليب المختلفة التي قد تستخدمها البلدان لقياس الشيء نفسه، إلى جانب اختلاف جودة أساليب جمع البيانات، كيف يمكننا إنشاء قاعدة بيانات قابلة للمقارنة على المستوى العالمي لإجراء مقارنات عالمية دقيقة؟

ولضمان مقارنة البيانات فيما بين البلدان، تشمل الإستراتيجيات إدراج البيانات التي تلتزم بالمعايير الدولية لجمع البيانات فقط، أو تلك التي تتوافق مع الأطر العالمية، أو تلك التي تم تنسيقها لتكون قابلة للمقارنة. 

 

على الرغم من أن هذه الإستراتيجيات لا يمكنها حل المشكلات أو إزالة القيود المتعلقة بجمع البيانات بشكل كامل، مثل عدم كفاية قياس الدخل في بعض المسوحات الأسرية في بعض البلدان، أو عدم مشاركة جميع البلدان في البرامج الدولية لإعداد تعادلات القوة الشرائية، فإن قواعد البيانات العالمية مثل مؤشرات التنمية العالمية تصبح في غاية الأهمية. وتوفر هذه المؤشرات بياناتٍ موحدة بصيغة يسهل الحصول عليها، مما يسهل المقارنات بين البلدان ومع الوقت. ومن خلال الالتزام بالمعايير الدولية، والاتساق مع الأطر العالمية، وتوحيد البيانات الوطنية، تتيح قواعد البيانات المشار إليها للباحثين وواضعي السياسات اتخاذَ قرارات مستنيرة تستند إلى بيانات موثوقة ومتسقة. وهذا يساعد في تحديد الاتجاهات، وتقييم فعالية السياسات، وتوزيع الموارد حيثما تشتد الحاجة إليها، مما يسهم في نهاية المطاف في تحسين النواتج الإنمائية على جميع المستويات.

 

حظيت هذه المدونة بفوائد جمة من المناقشات مع دانيال ماهلر وكريستوف لاكنر. وقام دانيال بولر بإنشاء العروض المرئية.


ماثيو ويلش

مدير برنامج، المؤشرات وخدمات البيانات، مجموعة بيانات التنمية، البنك الدولي

عمر سراج الدين

مدير مجموعة بيانات التنمية، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000