هذا المقال جزء من سلسة مدونات متخصصة في أهداف التنمية المستدامة ويستند على بيانات مأخوذة من مؤشرات التنمية العالمية 2016. وتعتمد هذه المدونة على بيانات من مؤشر الطرق الريفية التابع للبنك الدولي والبيانات الواردة في التقرير الصادر بعنوان قياس الطرق الريفية: استخدام تقنيات جديدة في نيبال، 54 في المائة فقط من السكان يعيشون في حدود كيلومترين من طريق يصلح للسير عليه في كافة أحوال الطقس.
لا يعيش سوى أكثر بقليل من نصف السكان في المناطق الريفية في نيبال حول طريق طوله لا يزيد عن كيلومترين بحالة جيدة أو معقولة بحسب قياس مؤشر الطرق الريفية في 2015، وهو ما يعني أن حوالي 10.3 ملايين نسمة من قاطني المناطق الريفية لا يجدون طرقًا سهلة ومعبدة. وتوضح الخريطة أن مؤشر الطرق الريفية يختلف في جميع أرجاء البلد المعني: ففي الأراضي المنخفضة في الجنوب حيث ترتفع كثافة الطرق والسكان، يصل المؤشر إلى حوالي 80% في بعض المناطق. وفي المناطق الشمالية الأكثر وعورة، فإن قلة كثافة الطرق وضعف جودة الطرق تؤدي إلى عزل كثير من الناس، ومن ثم يبلغ مؤشر الطرق الريفية في العديد من الأماكن أقل من 20%.
محدودية الوصول إلى الطرق تعوق سبل كسب العيش الإنتاجية
لا تزال الغالبية العظمى من المزارعين في العديد من البلدان المنخفضة الدخل معزولة عن الأسواق الإقليمية والعالمية. ومن الممكن أن تعوق محدودية الوصول إلى شبكة طرق جيدة الإنتاج الزراعي وتجعله قاصرًا على حد الكفاف. كما أن ذلك يؤثر على قدرة أنشطة الأعمال والمنشآت الريفية على المنافسة مع آخرين في مناطق نائية.
ويتمثل المستهدف 9.1 من أهداف التنمية المستدامة في تطوير بنية تحتية جيدة وموثوقة ومستدامة ومرنة أي قادرة على تحمل الصدمات، ويشمل ذلك البنية التحتية الإقليمية والعابرة للحدود لمساندة التنمية الاقتصادية ودعم الرفاهية الإنسانية مع التركيز على توفيرها بتكاليف ميسورة وعلى نحو عادل للجميع. وعلى المدى القصير، فإن تعزيز أحد جوانب البنية التحتية الملائمة ــ ربط الطرق الريفية ــ يقلل من تكاليف النقل والمواصلات، ويحسن سبل الوصول إلى الأسواق والمنشآت والمؤسسات الاجتماعية مثل المدارس والمستشفيات. ويعمل ذلك على المدى الأطول على زيادة الإنتاجية الزراعية وأرباح الشركات وأنشطة الأعمال، وزيادة فرص العمل، وهو ما يعكس المستهدف 2.3 من أهداف التنمية المستدامة ــ مضاعفة الإنتاجية الزراعية ودخول صغار منتجي المواد الغذائية. كما يعمل تحسين الربط مع شبكات الطرق على تعزيز قدرات سكان المناطق الريفية للتحلي بالمرونة إزاء مواجهة الكوارث والصدمات الطبيعية والتي من صنع الإنسان من خلال تسهيل حركة الناس ونقل المستلزمات من أجل تسريع وتيرة جهود التعافي.
قياس مدى توفر الطرق والخدمات من خلال التكنولوجيات الجديدة
يعتبر مؤشر الطرق الريفية الذي تم وضعه منذ 10 سنوات مضت طريقة فعالة لقياس تقدم البلدان على صعيد تحقيق المستهدف من أهداف التنمية المستدامة. ويقيس هذا المؤشر نسبة السكان الذين يستطيعون العيش حول مسافة كيلومترين من طريق سالك في كافة الأنواء الجوية، مع أخذ في الاعتبار مسافة معقولة للأغراض الاقتصادية والاجتماعية المعتادة للناس.
وعلى الرغم من القياس السابق من خلال نهج مسوحات الأسر المعيشية التي تتسم بالتكلفة العالية نسبيًا والتي لا تمثل الحيز المكاني على نحو صحيح، فإن التكنولوجيات الجديدة تسمح بتقدير أفضل لمكونات مؤشر قياس الطرق الريفية ــ توزيعات شبكة الطرق والسكان، وجودة الطريق.
وفي تنزانيا، على سبيل المثال، فإن مؤشر الطرق الريفية الأصلي كان يستند إلى بيانات من حوالي 409 قرى تقريبًا، وهي عينة صغيرة لا تمثل بلد مساحته مليوني كيلومتر مربع. وباستخدام بيانات من مؤسسة وورلد بوب WorldPop ، التي تقوم بدمج تعدادات السكان والمسوحات الاستقصائية والمعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي، والبيانات الإدارية مع قواعد البيانات الأخرى المكانية والمأخوذة من الأقمار الصناعية لإنتاج بيانات عالية الدقة عن توزيع السكان، فإن مؤشر الطرق في المناطق الريفية يمكن أن يستند الآن إلى إمكانية الوصول إلى 100 متر × 100 متر مربع من الأرض. وتعني الطفرات المماثلة في تكنولوجيا الحيز المكاني والتكنولوجيات الأخرى أن البنية التحتية للنقل والمواصلات في العديد من البلدان يمكن تحديدها في خريطة من خلال بيانات شبكات الطرق الرقمية.
وكان من الصعب جمع بيانات عن جودة الطرق في المناطق النائية في الماضي. ويركز مؤشر الطرق الريفية على الطرق الصالحة لجميع الأجواء، والتي يمكن أن تسير فيها المركبات طوال السنة من خلال وسائل النقل السائدة في المناطق الريفية (وهي في الغالب السيارات الصغيرة البيك آب، أو عربات الشحن التي ليست لها نظام دفع رباعي)، مع السماح ببعض حالات التوقف التي يمكن التنبؤ بها لفترة قصيرة أثناء الأحوال الجوية القاسية (مثل الأمطار الغزيرة). وعلى الرغم من أن مثل هذه البيانات قد لا تكون متوفرة، لكن من الممكن تجميع مسوحات تقييم الطرق التقليدية مع أساليب جديدة مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي تقدر مدى وعورة الطرق أثناء القيادة عليها، والصور الملتقطة من خلال الأقمار الصناعية التي توضح ظروف الطرق النائية. ويستفيد الأسلوب الجديد الخاص بمؤشر الطرق الريفية من المحددات الأكثر شيوعًا في قواعد البيانات الموجودة مثل مؤشر الوعورة العالمي، ومؤشر حالة الرصف، والتقييم المرئي باستخدام 4 أو خمس فئات تصنيف (ممتاز، وجيد، وضعيف إلى حد ما، وضعيف للغاية).
وهذه المكونات الثلاثة مجمعة من حيث الحيز المكاني لإنتاج بيانات جديدة خاصة بمؤشر الطرق في المناطق الريفية على المستوى دون الوطني، وتحقيق نتائج أكثر دقة من طريقة مسوحات الأسر المعيشية السابقة.
حوالي 33 مليون نسمة يقطنون مناطق ريفية في تنزانيا معزولون عن طرق البضائع
تغير صورة سبل الوصول إلى الطرق الريفية في البلدان المشمولة بالمسح الاستقصائي
تم عمل مسح استقصائي لثمانية بلدان في أفريقيا وآسيا عند بداية العمل بمؤشر الطرق الريفية في سنة 2006 تقريبًا، ومرة أخرى بعد عدد قليل من السنوات بعد ذلك. وفي حوالي نصف هذه البلدان، هناك نسبة أكبر من السكان على المستوى الوطني لديهم الآن سبل وصول إلى طرق جيدة، ومؤشر الطرق الريفية أعلى وأفضل من ذي قبل (بنغلاديش ونيبال وكينيا وأوغندا)، بينما في البلدان الأخرى (إثيوبيا وموزامبيق وتنزانيا وزامبيا) هناك معاناة من بعد الطرق أكثر من ذي قبل. وبوجه عام، فإن حوالي 174 مليون نسمة يقطنون مناطق ريفية في البلدان التي اشتمل عليها المسح الاستقصائي من إجمالي عدد السكان البالغ 470 مليون نسمة يعيشون من دون سبل وصول جيدة إلى الطرق.
توضح مقارنات البيانات المكانية كيف يمكن أن يكون هناك ارتباط بين عدم توفر سبل الوصول إلى الطرق ومناطق الفقر.
في موزامبيق، تشير التقديرات إلى أن 20% من السكان في المناطق الريفية يعيشون في حدود مسافة كيلومترين عن طريق سالك في كافة الأنواء الجوية، وهو ما يعني أن هناك 15 مليون نسمة يعيشون في مناطق ريفية ولا تتوفر لهم سبل الوصول إلى الطرق. وتبين مقارنة مع بيانات خريطة الفقر أن مؤشر الطرق الريفية في موزامبيق ينخفض مع ارتفاع معدلات انتشار الفقر. وعلى الرغم من أن العلاقة السببية لا تزال محل جدل، فإن مقارنة البيانات المكانية بصورة مرئية على هذا النحو تعتبر أداة مفيدة.
يكشف التقرير الصادر في 2015 عن البنك الدولي، ووزارة التنمية الدولية البريطانية، وصندوق إعادة الرسملة التابع لمؤسسة التمويل الدولية بعنوان قياس الطرق الريفية: استخدام تقنيات جديدة الارتباط بين توفر سبل الوصول إلى الطرق الريفية والتنمية المستدامة، كما يبين أنه من خلال الاستثمار في التقنيات لقياس موقع الطرق وجودتها، تستطيع البلدان استخدام مبادئ مؤشر الطرق الريفية والنتائج الخاصة به في عمليات التنمية المستدامة الخاصة بها. وستغطي المرحلة الثانية من برنامج مؤشر الطرق الريفية 30 بلدًا في 2018.
انضم إلى النقاش