نشر في أصوات
الصفحة متوفرة باللغة:
غرفة صفية في تنزانيا دراسة جديدة توفر رؤى ثاقبة حول ممارسات التدريس التي يمكنها رفع مستوى تعلم الطلاب. حقوق الطبع والنشر: أرني هويل/البنك الدولي

نعلم أن ملايين الأطفال لا يتلقون التعليم الذي نطمح إليه في المدارس. ولكن، لماذا؟ وما هي ممارسات التدريس التي تحدث فرقاً في مستوى التعليم؟ وكيف تؤثر معرفة المعلمين بالمحتوى العلمي على مستوى تعلم الطلاب؟ والأهم من ذلك، كيف يمكن لأنظمة التعليم دعم معلميها بشكل أفضل؟

تستند دراسة جديدة صدرت تحت عنوان: "ما هي عوامل الحسم؟ تحليل العلاقة بين التعليم والتعلم" إلى بيانات فريدة مستمدة من لوحة معلومات سياسة التعليم العالمية التابعة للبنك الدولي لتوفير رؤى ثاقبة حول هذه الأسئلة. ولأول مرة، تتوفر لدينا بيانات شاملة وممثلة على المستوى الوطني من 13 نظاماً تعليمياً، تكشف العلاقات بين ممارسات التدريس وتعلم الطلاب والدعم من جانب الأنظمة التعليمية. وهذه هي مجرد بداية. وبفضل التعاون مع مؤسسة ليغو من خلال ميثاق التعلم الأساسي، وصلت  تغطية لوحة معلومات سياسة التعليم العالمية إلى 18 نظاماً تعليمياً ولديها 10 أنظمة أخرى قيد التنفيذ، مما يعني أن البحوث المستقبلية ستكون قادرة على تغطية ما يقرب من ربع البلدان المتعاملة مع البنك الدولي.

وتحتوي الدراسة على ما يلي:

  • المشاهدات في الفصول الدراسية لما يقرب من ثلاثة آلاف معلم
  • تقييمات التعلم لعدد 50 ألف طالب
  • اختبارات المعرفة بالمحتوى العلمي لعدد 12 ألف معلم
  • مقابلات مكثفة مع المعلمين ومديري المدارس ومسؤولي التعليم

وتتيح لنا هذه المجموعة الغنية من البيانات الإجابة على ثلاثة أسئلة أساسية، وهي:

  1. كيف تؤثر الممارسات التربوية للمعلمين ومعرفة المحتوى العلمي على تعلم الطلاب؟
  2. ما هو الدور الذي تلعبه مشاركة الطلاب في نواتج التعلم؟
  3. ما هي العوامل التي تساعد على تحسين جودة التدريس على مستوى النظام العام؟

ويُعد التوقيت عنصراً بالغ الأهمية. وفي الوقت الذي تكافح فيه أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم لتعويض خسائر التعلم الناجمة عن الجائحة، أصبح إدراك أساليب التدريس الناجحة - وكيفية دعمه بفاعلية - أكثر أهمية من أي وقت مضى. وتقدم نتائج التقرير إرشادات واضحة لواضعي السياسات الذين يستهدفون تحسين نتائج التعلم من خلال تحسين التدريس.
 

الأزمة الحالية

تكشف النتائج التي توصلنا إليها عن واقعٍ مقلق، كما يلي: لم يتجاوز متوسط الإجابات الصحيحة للطلاب في دراستنا 65% فقط في تقييمات قياس مهارات القراءة والكتابة و40% في الرياضيات. وفي حين أن معظم الطلاب يمكنهم إنجاز الأساسيات مثل التعرف على الحروف، إلا أنهم يعانون مع المواد المناسبة لصفوفهم الدراسية، مثل فهم القصص بسيطة المحتوى. والأكثر إثارة للقلق هو أن المعلمين أنفسهم غالباً ما يعانون مع المحتوى العلمي الذي يقومون بتدريسه، حيث يبلغ متوسط إجاباتهم الصحيحة 54% فقط في تقييمات مستوى الصف الرابع. وتظهر جودة التدريس، كما تم قياسها من خلال أداة Teach Primary، مجالاً كبيراً للتحسين؛ ففي معظم أنظمة التعليم، سجل المعلم العادي أقل من 3 على مقياس من 1 إلى 5 لممارسات التدريس..

التدريس الأفضل يحدث فرقاً ملموساً

يقدم بحثناً شواهد وأدلة مقنعة على أن جودة التدريس تؤثر بشكل كبير على مستوى تعلم الطلاب، حيث قمنا بقياس ذلك من خلال بعدين رئيسيين وهما: الممارسات التربوية ومعرفة المحتوى العلمي. فعندما يُظهر المعلمون مهارات تربوية أقوى (كما تم قياسها بواسطة أداة "Teach") - أي أنهم يتفوقون في شرح المفاهيم والتحقق من الفهم وتقديم الملاحظات والتعليقات - يحقق طلابهم نتائج أفضل في التعلم. وتتجلى هذه العلاقة بصورة أوضح في مجال الإلمام بمهارات القراءة والكتابة، حيث ينبئ التحسن بمقدار نقطة واحدة في جودة التدريس بزيادة بمقدار نقطتين في درجات الطلاب في المتوسط في البلدان الثلاثة عشر. وفي حين يتواضع مستوى هذا الأثر بشكل عام، إلا أنه يعتبر أقوى في البلدان متوسطة الدخل، حيث ينبئ نفس التحسن في جودة التدريس بزيادات كبيرة قد تصل إلى خمس نقاط في درجات الإلمام بمهارات القراءة والكتابة.

ومعرفة المحتوى العلمي من جانب المعلمين مهمة بنقس القدر؛ فعندما يكون لدى المعلمين فهم أفضل للمواد التي يقومون بتدريسها، فإن طلابهم يصيبون قدراً أكبر من التعلم. وتنطبق هذه العلاقة على الإلمام بمهارات القراءة والكتابة والرياضيات، كما أنها تُعد قوية بصفة خاصة في البلدان منخفضة الدخل. والأهم من ذلك أن هذه العلاقات تعتبر متينة عند تثبيت العديد من العوامل الأخرى مثل خلفية الطلاب وسمات المعلمين والموارد المدرسية..

أساليب التدريس الأفضل تنبئ بمستوى تعلم أفضل لدى الطلاب


قوة مشاركة الطلاب

تفتح الدراسة التي أجريناها آفاقاً جديدة في فهم كيفية تأثير مشاركة الطلاب في الفصول الدراسية على مستوى تعلمهم. وباستخدام "أداة التعلم المرح طوال سنوات الدارسة" (PLAY) المبتكرة (تُعرف حالياً باسم"Engage") ،قمنا بقياس ممارساتٍ تعليمية محددة تدعم مشاركة الطلاب، مثل ربط الدروس بحياتهم، وتشجيعهم على الاستكشاف، وتعزيز قدرتهم على اتخاذ القرارات. وكانت النتائج التي تكشَّفت ملفتة للنظر: المعلمون الذين يتفوقون في تطبيق ممارسات المشاركة المذكورة يرون أن أداء طلابهم كان أفضل بما يصل إلى 13 نقطة مئوية في تقييمات الإلمام بمهارات القراءة والكتابة، حتى مع تثبيت العوامل الأخرى.

التدريس الأكثر جاذبية وتشويقاً ينبئ أيضاً بمستوى تعلم أفضل لدى الطلاب


وتعتبر هذه النتيجة واعدة للغاية لأنها تشير إلى طريقة ملموسة لتحسين نواتج التعلم: من خلال مساعدة المعلمين على تطبيق ممارسات تؤدي إلى مشاركة الطلاب بصورة جدية. وتظهر البيانات أنه في حين أن المعلمين يقومون بعمل محمود بشكل عام في خلق بيئات داعمة للقدرات الذهنية والوجدانية لدى الطلاب، إلا أنهم غالباً ما يواجهون صعوبات فيما يتعلق بالممارسات التي تستهدف تعزيز قدرة الطلاب على اتخاذ القرارات والاستكشاف، وهي من بين الأمور المهمة في تحسين مستوى تعلمهم.

الدعم الذي يحتاجه المعلمون

تشير نتائج الدراسة التي توصلنا إليها إلى طرق محددة يمكن لأنظمة التعليم من خلالها مساعدة المعلمين على التحسن. ويجب أن يكون هذا هو محور التركيز - ليس على المعلمين أنفسهم، الذين غالباً ما يبذلون قصارى جهدهم، ولكن على الأنظمة التي تخفق في إعدادهم وتأهيلهم بالشكل الكافي. وهناك ثلاثة أنواع من دعم الأنظمة التعليمية تنبئ دوماً بجودة تعليمية أفضل في هذه المجموعة من البلدان:

  • أولاً، الدعم التربوي العملي يُحدث فرقاً حقيقياً. المعلمون الذين يتلقون الإرشاد ويشاركون في البرامج التوجيهية ويتلقون الملاحظات والتعليقات حول خطط الدروس الخاصة بهم يُظهرون ممارسات أفضل في التدريس. والمفتاح هنا هو التطبيق العملي، فلا يكفي مجرد توفير التدريب، بل يجب أن يشمل هذا التدريب جوانب عملية تتم داخل الفصول الدراسية.
  • ثانياً، القيادة التعليمية القوية على مستوى المدرسة مهمة للغاية. يرتفع مستوى جودة التدريس عندما يتابع مديرو المدارس الحصص الدراسية بانتظام ويقدمون ملاحظات وتعليقات نافعة وهادفة للمعلمين. غير أن البيانات التي جمعناها تظهر فجوة كبيرة: في حين تمت مراقبة ومتابعة 75% من الحصص الدراسية التي أداها المعلمون، تلقى 54% فقط منهم ملاحظاتٍ وتعليقاتٍ عليها بعد ذلك؛ وهذا يشير إلى ضياع فرصة من فرص التحسين.
  • ثالثاً، التقييم المنتظم المصحوب بنتائج يساعد على التحسن، ولكن فقط عند اقترانه بالدعم العملي. يظهر المعلمون في المدارس ذات أنظمة التقييم القوية مستوى أفضل من الممارسات التربوية، طالما أن التقييم يقترن بالدعم العملي والرجوع إليهم بالملاحظات والتعليقات.

وغالباً ما تكون أنظمة الدعم هذه غير موجودة في الوقت الحالي. فقد أفاد 39% فقط من المعلمين بأنهم تلقوا نوعاً من التدريب في أثناء الخدمة في العام السابق، ولم يتلق 85% أي نوع من التدريب داخل الفصول الدراسية. ويساعد هذا العجز في دعم المعلمين على تفسير سبب بقاء جودة التدريس منخفضة في كثير من الأحيان على الرغم من بذل المعلمين قصارى جهدهم.

المضي قدماً

تشير نتائج الدراسة إلى إجراءات واضحة يتعين تنفيذها من جانب أنظمة التعليم التي تستهدف تحسين نواتج التعلم. أولاً، تعزيز الدعم العملي للمعلمين من خلال التوجيه والرجوع إليهم بالملاحظات والتعليقات، فضلاً عن توفير التدريب داخل الفصول الدراسية. ثانياً، الاستثمار في القيادة التعليمية على مستوى المدرسة لضمان حصول المعلمين على ملاحظات وتعليقات منتظمة وهادفة. ثالثاً وأخيراً، دمج الإستراتيجيات الخاصة بتعزيز مشاركة الطلاب في برامج تدريب المعلمين والمواد التعليمية.

 


سيرجيو فينيغاس مارين

خبير اقتصادي في قطاع الممارسات العالمية للتعليم بالبنك الدولي

مريم أكمل

خبيرة اقتصادية في قطاع الممارسات العالمية للتعليم بالبنك الدولي

هالسي روجرز

كبير الخبراء الاقتصاديين في قطاع الممارسات العالمية للتعليم بالبنك الدولي

بريان ستايسي

عالم بيانات، مجموعة بيانات التنمية، البنك الدولي

فياليتا فاريشوسكايا

استشارية في قطاع الممارسات العالمية للتعليم بالبنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000