يمكن أن تكون الموازنة المراعية لاحتياجات التغذية أداة قوية لتحسين نواتج التغذية. حقوق الطبع والنشر: © محمد العريف/البنك الدولي
تُعد التغذية الكافية من الركائز الأساسية للتنمية البشرية والاقتصادية، إذ تؤثر بشكل مباشر على النمو الإدراكي والمعرفي والتحصيل العلمي وإنتاجية القوى العاملة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي. وتُعتبر "قمة التغذية من أجل النمو القادمة" بالغة الأهمية لضمان تجديد الالتزامات والاستثمارات في الإجراءات التدخلية التغذوية، بهدف مواجهة تحديات سوء التغذية على مستوى العالم وبناء مجتمعات أكثر صحة وازدهاراً.
لكن العمل الجاد يبدأ بعد المؤتمر، حيث يتعين على البلدان والشركاء تحويل التزاماتهم إلى أفعال. وتتمثل إحدى الخطوات الأساسية في هذا العمل في إعداد "الموازنة المراعية لاحتياجات التغذية."
الموازنات وكيف يمكنها تحويل الالتزامات إلى أفعال
الموازنات ليست مجرد أرقام في جدول بيانات، بل هي أدوات قوية لدعم صحة السكان وتحقيق رفاهتهم. وهذه هي الرؤية وراء إعداد الموازنات المراعية لاحتياجات التغذية، حيث يمثل نهجاً يعمل على دمج أهداف التغذية في الموازنة العامة لضمان تمويل رؤية الحكومة وتحويل التزاماتها إلى أفعال.
بالإمكان الحصول على دورة التعلم الإلكتروني الجديدة للبنك الدولي حول إعداد الموازنات المراعية لاحتياجات التغذية والتي تساعد المشاركين فيها على اكتساب المهارات التي تؤهلهم للتميز في هذا المجال.
أسباب إعداد الموازنة المراعية لاحتياجات التغذية
تتطلب الاستجابة التغذوية الفعالة إجراءات حكومية قوية، بما في ذلك تخصيص الموارد اللازمة لتنفيذ الإجراءات التدخلية ذات الأولوية والاستجابة الإستراتيجية والمنسقة. ومع ذلك، غالباً ما تعجز العديد من أنظمة إدارة المالية العامة عن تلبية الاحتياجات المعقدة ومتعددة القطاعات لسوء التغذية.
وهذه الأنظمة، التي عادة ما يتم تنظيمها وهيكلتها من جانب فُرادى الوزارات القطاعية، تعاني من أجل تسهيل آليات التنسيق اللازمة وهياكل المساءلة عبر مختلف الجهات الفاعلة ومصادر التمويل. وبدون إجراء التعديلات اللازمة، فمن غير المرجح أن تنجح هذه الأنظمة في تحقيق النواتج المنشودة.
ويمكن تخيل سيناريو يقوم فيه قطاع الصحة بالاستثمار في المكملات الغذائية، لكن عدم كفاية الوصول إلى المياه النظيفة يقوض أي مكاسب محتملة. فبدون التنسيق بين القطاعات، سيتضاءل الأثر الذي يمكن أن يحدثه قطاع واحد بمفرده بشكل كبير.
وهنا يأتي دور الموازنة المراعية لاحتياجات التغذية، حيث يتعلق الأمر بتكييف أنظمة إدارة المالية العامة لتلبية احتياجات التغذية بشكل فعال. وهذا يشمل الإجراءات التالية:
- تحديد الإجراءات التدخلية المتعلقة بالتغذية وترتيب أولوياتها في مختلف القطاعات: وهذا يعني تجاوز الإجراءات التدخلية التقليدية في قطاع الصحة لتشمل الاستثمارات في قطاعات الزراعة والتعليم والحماية الاجتماعية والمياه والصرف الصحي. فعلى سبيل المثال، يتطلب ضمان تحقيق الأمن الغذائي تعزيزَ الممارسات الزراعية المتنوعة، ودمج التثقيف المتعلق بالتغذية في المناهج الدراسية، بالإضافة إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي.
- ضمان الإشراف على البرامج الممولة من الموازنة وتحديد الفجوات الحرجة: ويتطلب ذلك توافر آليات قوية للرصد والمتابعة والتقييم لتتبع تدفق الأموال وتقييم أثر البرامج المتعلقة بالتغذية. كما يتضمن تحديد المجالات التي يكون فيها التمويل غير كافٍ أو حيث لا تصل البرامج إلى الفئات السكانية المستهدفة.
- تسهيل عمل الجهات الحكومية المعنية بمراقبة التنفيذ ومساءلة أصحاب المصلحة: وهذا يشمل تدعيم القدرات المؤسسية على التخطيط وإعداد الموازنة الخاصة بالتغذية وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات. كما يشمل إنشاء آليات مساءلة واضحة لضمان استخدام الموارد المالية بفاعلية وكفاءة.
- مطابقة بيانات الإنفاق مع بيانات النواتج لتصحيح المسار بناء على الشواهد والأدلة: وهذا يعني استخدام البيانات لتتبع التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التغذية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تعديلات. كما أنه يتضمن استخدام البيانات للاسترشاد بها في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات والدعوة إلى زيادة الاستثمارات في التغذية.
الأهداف المتوقعة من دورة التعلم الإلكتروني
يمكنكم الآن معرفة المزيد عن الموازنة المراعية لاحتياجات التغذية من خلال المشاركة في دورتنا التدريبية عبر شبكة الإنترنت. وتم تصميم هذه الدورة لتزويد المشاركين بالمعرفة والمهارات اللازمة لفهم الموازنة المراعية لاحتياجات التغذية وتنفيذها. وسوف يتعلم المشاركون في الدورة متطلبات تحديد أولويات التغذية، ودمج الخطط الخاصة بها في الموازنات، وتحديد بنود الإنفاق عليها في الموازنات، ومراقبة الإفراج عن الأموال وتنفيذها، وضمان تصحيح المسار القائم على الشواهد والأدلة. ومن شأن تعلم جميع هذه الجوانب أن يساعد المشاركين في الدورة على دعم بيئة مواتية تسهل استجابة حكومية فعالة وجيدة التنسيق لاحتياجات التغذية.
ويتعمق منهج هذه الدورة في التعقيدات المرتبطة بدمج التغذية في خطط الموازنة. وسوف يتعرف المشاركون على دراسات حالة مستمدة من الواقع، إلى جانب التدريب على الأدوات والأساليب العملية، والتفاعل مع الخبراء في هذا المجال.
وتم تصميم هذه الدورة - المجانية والمتاحة للجمهور العام - لفائدة جمهور متنوع من المسؤولين الحكوميين وواضعي السياسات والعاملين في مجال التنمية ومنظمات المجتمع المدني وجميع المهتمين بموضوع تحسين نواتج التغذية. وعند إتمام هذه الدورة، سيتمكن المشاركون من تحليل الموازنات الحالية بشكل أكثر فاعلية واقتراح التغييرات التي ستؤثر بشكل إيجابي على التغذية - والتي يمكن أن تساعد في إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم المحلية والمساهمة في بناء مستقبل أكثر صحة وازدهاراً.
بادروا بالتسجيل في دورتنا التدريبية عبر الإنترنت اليوم وانضموا إلى توجه عالمي لتحويل الموازنات إلى أدوات قوية لتحسين مستوى التغذية. ودعونا نعمل معاً لبناء عالم تسهم فيه كل موازنة في توفير حياة أكثر صحة وأفضل تغذية للسكان.
انضم إلى النقاش