كان إصدار البيان المشترك المسمى "من مليارات إلى تريليونات: ثورة في التمويل الإنمائي" خلال اجتماعات الربيع واحدا من أسعد اللحظات خلال فترة عملي على مدى عامين مديرا منتدبا ورئيسا للخبراء الماليين بمجموعة البنك الدولي.
ندمي الوحيد هو أن العنوان كان يجب أن يكون مليارات من أجل تريليونات.
لماذا؟
لأن تمويل الأهداف الإنمائية المستدامة سيحتاج من كل شخص الاستخدام الأمثل لكل دولار من كل مصدر، والاستفادة من استثمارات القطاعين العام والخاص وزيادتها. إذ تتسم الأهداف الإنمائية المستدامة بالطموح وتتطلب طموحا مماثلا في استخدام "مليارات" الدولارات من التدفقات الحالية للمساعدات الإنمائية الرسمية وكافة الموارد المتاحة لجذب ودعم وتعبئة "تريليونات الدولارات" في استثمارات من كل نوع – عامة وخاصة ووطنية وعالمية.
ويوفر الأساس التقليدي للمساعدات الإنمائية الرسمية، التي يقدر حجمها بنحو 135 مليار دولار، مصدرا أساسيا للتمويل، خاصة في أفقر البلدان وأكثرها هشاشة. وهناك الكثير مما يجب عمله. وتصل احتياجات الاستثمار في البنية التحتية وحدها إلى 1.5 تريليون دولار سنويا في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية.
إن بنك التنمية الأفريقي، بنك التنمية الآسيوي، البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والبنك الأوروبي للاستثمار، وبنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومجموعة البنك الدولي (التي يشار إليها ببنوك التنمية متعددة الأطراف)، وصندوق النقد الدولي تنظر جميعا في طائفة من الخيارات لزيادة هذا التمويل.
وقد أعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف- التي تعد قاطرة التمويل الإنمائي- عن خطط لتقديم تمويل بأكثر من 400 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة. وقد تعهدنا بالعمل عن كثب مع الشركاء من القطاعين العام والخاص للمساعدة على تعبئة الموارد الضرورية لمواجهة التحدي التاريخي المتمثل في إنجاز الأهداف الإنمائية المستدامة.
وستتناول المناقشات التي تجرى هذا الأسبوع خلال المؤتمر الدولي الثالث للتنمية في أديس أبابا (من 13 إلى 16 يوليو/تموز) بإسهاب كيف يمكن تحويل المليارات التي تنفق اليوم إلى تريليونات مطلوبة خلال الخمس عشرة عاما القادمة.
وقد زاد التمويل الذي تقدمه بنوك التنمية متعددة الأطراف من 50 مليار دولار عام 2001 إلى 127 مليار عام 2015. ومقابل كل دولار يستثمره المساهمون، تستطيع هذه البنوك تقديم مابين دولارين وخمسة دولارات في شكل تمويل جديد كل عام. وقد زادت استثماراتنا المباشرة من القطاع الخاص بأربعة أضعاف خلال هذه الفترة. ونستطيع أن نحشد ما بين دولارين وخمسة دولارات في شكل استثمارات خاصة مقابل كل دولار نستثمره مباشرة في عمليات القطاع الخاص.
ولزيادة مساهماتنا إلى أكثر من 400 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، فإننا نخطط أيضا لتحسين استخدامنا لميزانياتنا العمومية.
وتتضمن الخطوات الإضافية الرامية إلى إضافة المزيد من الموارد وضع مناهج وأدوات جديدة لمساعدة البلدان النامية على لعب دور أقوى في الاستفادة من الموارد الوطنية. فعلى سبيل المثال، تشارك بنوك التنمية متعددة الأطراف وصندوق النقد الدولي مع البلدان في طرح حزمة أدوات جديدة لتقييم وتحسين سياسات الضرائب وزيادة الأدوات كالمشتريات الإلكترونية لتحسين الإنفاق الحكومي.
وتعد زيادة تدفقات الموارد الخارجية على البلدان النامية من أجل الاستثمار عنصرا أساسيا لإنجاز الأهداف الإنمائية المستدامة. لكن يمكن توقع ألا تتحقق هذه التدفقات إلا في ظل ظروف تنتهج فيها هذه البلدان استراتيجيات إنمائية متينة تتسق والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي مع التيقن من توصيل خدمات القطاع العام الرئيسية وتوفير البيئة الداعمة لأنشطة الأعمال.
ويلعب القطاع الخاص دورا متناميا في تمويل السلع والخدمات والبنية التحتية. وقد تعهدت بنوك التنمية متعددة الأطراف بالمشاركة بشكل مختلف مع شركاء القطاع الخاص بشأن طائفة كبيرة من الإجراءات التدخلية، تشمل ربط المستثمرين بالفرص، وطرح مشاريع جاهزة للتنفيذ في مجال البنية التحتية المتاحة للاستثمار، ومساعدة البلدان على إضفاء المزيد من الجاذبية على الاستثمارات، وبناء أسواق المال المحلية.
كما تشارك بنوك التنمية متعددة الأطراف مع آخرين في وضع مناهج مبتكرة للتمويل لدعم الاحتياجات العالمية، كالصحة والمناخ، والبناء على العمل الكبير الذي يجري بالفعل.
وسيتطلب التمويل الإنمائي لما بعد 2015 أن يتسم التمويل من قبل البنوك الإنمائية متعددة الأطراف، وصندوق النقد الدولي، والقطاع الخاص وآخرين، بالابتكار والتحمس، إذا كنا نريد أن نساعد البلدان على إنهاء الفقر وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.
انضم إلى النقاش