ترصد صور جوية لمكة الفراغات داخل المدينة المقدسة. وخلال شهر رمضان بأكمله، لم يتمكن المصلون من الوصول إلى المسجد الحرام. كان ذلك جزءا من التدابير الوقائية التي اتخذتها الحكومة لوقف انتشار مرض فيروس كورونا (كوفيد-19). وفي حين تخطط المملكة العربية السعودية لإنهاء حظر التجول في جميع أنحاء البلاد يوم 21 يونيو/حزيران، حيث تُغلق المدارس والجامعات ويعمل موظفو الحكومة والقطاع الخاص عن بعد من المنزل، فإن مكة ستظل مغلقة. وحتى اليوم، أبلغت وزارة الصحة عن تسجيل 78541 حالة، وهو أعلى معدل بين الدول المجاورة، بمتوسط 2000 حالة جديدة يوميا. ومع تغطية 91٪ من السكان بشبكات الجيل الرابع عريضة النطاق للهاتف المتجول واتصال ثلاثة ملايين منزل بشبكات النطاق العريض للهاتف الثابت، أصبح التباعد الاجتماعي أمرا ميسورا. وأصبحت الصلوات افتراضية، وسرعان ما أصبح التعليم عبر الإنترنت هو الوضع الطبيعي الجديد.
وبالاستفادة من الاستثمارات المستمرة على مدى عقدين في البنية التحتية الرقمية الحديثة ومنصات الحكومة الرقمية القوية، وفرت القدرات الرقمية للمملكة أساسا متينا للجوانب الرئيسية للاستجابة الطارئة لجائحة كورونا، بما في ذلك استمرار إمكانية الحصول على مختلف خدمات الحكومة الإلكترونية. وظلت سرعة الإنترنت تتزايد بوتيرة سريعة خلال السنوات القليلة الماضية، وحافظت على سرعة عالية نسبيا عند 59.24 ميجابايت/ثانية على الرغم من زيادة الطلب أثناء الجائحة.
تأمين الوصول إلى البنية التحتية الرقمية
وقد استجابت الحكومة السعودية وشركات الاتصالات لهذا الطلب الهائل على الاتصالات السلكية واللاسلكية والبيانات من خلال تنفيذ العديد من التدابير، بما في ذلك زيادة السرعات وقدرات البيانات، وتقديم الخدمات المجانية، وفتح الطيف الترددي، وتعزيز إدارة الشبكات، وتسهيل التعلم عن بعد واستمرارية خدمات الأعمال، والتمكين من المشاركة المتكاملة للبيانات والمعاملات المالية عبر الهاتف المتجول. كما عملت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، بالشراكة مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، على الدعوة إلى إدخال تغييرات على تكوين الشبكات، واستخدام التقنيات التكميلية، والحصول على البنية التحتية والموارد الحكومية المتاحة لتوفير الربط المطلوب. كان هذا الاستثمار في البنية التحتية الرقمية الحديثة جزءا من خطة طويلة الأجل تم توضيحها في رؤية السعودية 2030. وتواصل المملكة تدعيم بنيتها التحتية الرقمية من خلال نشر شبكات الجيل الخامس والاستثمار في 6500 برج اتصالات جديد، وهو ما يعد ضروريا لقصر الطول الموجي للراديو بغرض توفير تغطية فعالة.
ضمان استمرارية تصريف الأعمال
بفضل برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية يسّر، قامت المملكة بتطوير حكومة رقمية متكاملة قابلة للتشغيل البيني، وأثمر هذا الاستثمار عن ضمان استمرارية تصريف الأعمال. وساعدت المنصات الحكومية الرقمية مختلف الهيئات على تقديم خدمات آمنة موثوقة تتركز على المستخدم، مع تمكين المرونة في تبادل البيانات عبر المنظومة الحكومية. كما أن موعد و أبشر من الأمثلة على القنوات الرقمية التي ساعدت على ضمان حصول المواطنين والشركات على الخدمات الحكومية. وحافظت البوابة الوطنية Gov.sa، على إمكانية الوصول المنتظم إلى أكثر من 900 خدمة حكومية على الرغم من الزيادة الكبيرة في حركة المرور مع تطبيق حظر التجول على المستوى الوطني.
مع الإغلاق الكامل للمؤسسات التعليمية، أصبحت بوابة التعليم الوطنية (عين iEN) الآن القناة الرئيسية للتعليم لأكثر من 6 ملايين مستخدم (بزيادة 10 أضعاف في استخدام البوابة). وتم استكمال تحديث المنصة الرقمية للتعليم بحملة موسعة لتوفير 30 ألف جهاز للطلاب المحتاجين، والمساعدة في ضمان إشراك جميع الطلاب، وإتاحة أكثر من 100 ألف ساعة تعليمية رقمية تفاعلية للطلاب الجامعيين.
وكان التركيز أيضا على تعزيز قدرة الموظفين العموميين على ضمان استمرارية الخدمات؛ فحوالي 94٪ من الهيئات الحكومية لديها موظفون يعملون حاليا من المنزل. وقد مكن النظام الإلكتروني للمراسلات E-Morasalat، وهو نظام رقمي وطني موحد للمراسلات الحكومية، مختلف الجهات العامة من الوصول الافتراضي إلى تبادل المراسلات والوثائق وتتبعها واسترجاعها، مما زاد من مرونتها في الوصول إلى المواد الأرشيفية بقدر أكبر من الدقة وتسريع وتيرة التحول نحو حكومة لا ورقية. وتم أيضا إطلاق موقع Cio.gov.sa في مارس/آذار لإنشاء بوابة تفاعلية تتيح لقادة التكنولوجيا الحكوميين إمكانية الوصول إلى الخدمات والتطبيقات الوطنية المشتركة، وإلى المعايير الدولية وأفضل الممارسات.
الطريق إلى المستقبل
تظهر الحكومة السعودية مرونة رقمية في التصدي لأزمة كورونا وتواصل جهودها لتدعيم القدرة على الصمود على الصعيد الوطني. وستكون القدرة على الصمود، مقترنة بالمرونة، محور التركيز الجديد للحكومة الرقمية مع بدء خروج البلدان المختلفة من أزمة كورونا. ومن خلال الاستفادة من التقنيات والبيانات الناشئة المأمونة، وتوسيع نطاق الاتصال عريض النطاق، والتركيز على احتياجات المواطنين والشركات وتوقعاتهم، والاستفادة من مصالح ومشاركة العديد من أصحاب المصلحة المباشرة، ستكون الحكومات في وضع جيد يمكّنها من جني ثمار هذه القدرات الرقمية في المستقبل.
انضم إلى النقاش