نشر في أصوات

الخدمات المالية الرقمية والتكنولوجيا المالية ودورها المهم في تعافي مدغشقر بعد جائحة كورونا

الصفحة متوفرة باللغة:
Image
Digital financial services and Fintech Madagascar
إمرأة في مصلحة الضرائب في مدغشقر. الصورة: Rindra Ramasomanana, 2021

سجلت إليانور، وهي أم لطفلين وتعيش في شمال مدغشقر، مشروعها الصغير في مصلحة الضرائب حتى تتمكن من استخدام نظام المدفوعات عبر الهاتف المحمول. ومن خلال هذا الحساب الجديد، يمكنها تلقي الأموال، ودفع ثمن السلع والخدمات، وإنشاء سجل معاملات من شأنه أن يساعدها إذا كانت تسعى للحصول على قرض.

يلقي مشروع الشمول المالي في مدغشقر التابع للبنك الدولي الضوء على الإمكانيات المتاحة لتوفير الخدمات المالية الرقمية والتكنولوجيا المالية للمساهمة في تحقيق التعافي الاقتصادي، ودفع الشمول المالي قدماً في هذه الدولة الجزرية، التي تعرضت منذ فترة طويلة لتداعيات تغير المناخ.

ومن الملاحظ أن القطاع المالي في مدغشقر يواصل التوسع، بيد أن مستوى الشمول المالي لا يزال منخفضاً.

ويتألف القطاع المالي في البلاد مما يربو على 30 مؤسسة مالية، بما فيها البنوك ومؤسسات التمويل متناهي الصغر، ومؤسسات الأموال الإلكترونية. وقد شهد اعتماد الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول زيادة كبيرة بين عامي 2017 و2020، من 277 حساباً إلى 645 حساباً لكل 1000 شخص بالغ. وارتفعت قيمة المعاملات كنسبة من إجمالي الناتج المحلي من 12% إلى 47% في الفترة نفسها.

وعلى الرغم من ذلك، لم تزد نسبة الأشخاص البالغين الذين حصلوا على خدمات مالية رسمية في البلاد في عام 2017 عن 18%، مع وجود أوجه تفاوت بين الرجال والنساء، وأيضاً بين المناطق الحضرية والريفية.

ومما لا شك فيه أن التكنولوجيا المالية ورقمنة الخدمات المالية لديهما القدرة على خفض التكاليف ومعالجة عدم اتساق المعلومات وزيادة السرعة وإمكانية الوصول.  وقد أثبتت التجربة هذه الإمكانيات على مستوى العالم، بما في ذلك في منطقة شرق أفريقيا من خلال المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول والائتمان الرقمي، التي تحقق منافع كبيرة للفقراء.

ومن الواضح أن عد توفر تكنولوجيا الإنترنت عالية الجودة (الجيل الرابع/الجيل الخامس، والنطاق العريض)، وضعف الحصول على الكهرباء (33% فقط من السكان يمكنهم الحصول على الكهرباء)، وزيادة التكاليف ذات الصلة تحد جميعها من اعتماد التكنولوجيا المالية والخدمات المالية الرقمية. وتوجد قيود أخرى أيضاً. ويعيش 63% من سكان البلاد في مناطق ريفية ترتفع فيها معدلات الفقر، وليس لدى ربع هذه النسبة بطاقات هوية رسمية.

يمكن للخدمات المالية الرقمية زيادة وتيرة التعافي الاقتصادي والشمول المالي في مدغشقر

تعمل المؤسسات المالية حالياً على رقمنة المعاملات لتلبية الاحتياجات العاجلة، مثل الدفع مقابل الخدمات الصحية، والمياه، والإضاءة، أو تلقي الأجور والإعانات الاجتماعية، بتكلفة منخفضة.  وكان لتلك الفرص قيمة كبيرة في خضم جائحة فيروس كورونا.

ومن الجدير بالذكر أن شركات الاتصالات في مدغشقر مرخصة لتقديم خدمات الأموال الإلكترونية، وهو ما شجع أكثر من 10 ملايين شخص على فتح حسابات. وتشارك المؤسسات غير المصرفية الأخرى أيضاً في تقديم عروض الخدمات المالية الرقمية، مثل هيئة البريد ، التي تساعد في صرف المدفوعات لمواجهة الظروف التي فرضتها كورونا بفضل ما تمتلكه من شبكة واسعة من نقاط الخدمة.

وبمقدور عملاء مؤسسة التمويل متناهي الصغر طلب الحصول على قروض وإنشاء سجلات ائتمانية لتحسين ملاءتهم الائتمانية. وتقدم شراكة جديدة بين شركة أسيب (ACEP)، وهي شركة تابعة لبرنامج التمويل متناهي الصغر في مدغشقر، وشركة ساينا (SAYNA) الناشئة، قروضاً للطلاب تتراوح من 50 دولار إلى 600 دولار.  وقامت مؤسسات التمويل متناهي الصغر بمنح 448 ألف قرض متناهي الصغر للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، مما ساعدها على بناء قدراتها على الصمود.

وبدعم من مشروع الشمول المالي في مدغشقر التابع للبنك الدولي، استحدثت حكومة مدغشقر نظاماً يتيح للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم سداد الضرائب باستخدام الأدوات الرقمية في أربع مناطق. وقُدرت قيمة الضرائب المحصلة بنحو 18 مليون دولار في نهاية عام 2021. 

وأدت جائحة فيروس كورونا، بما ترافق معها من تدابير تقييدية وعمليات إغلاق، إلى زيادة وتيرة تطوير العديد من منصات التجارة الإلكترونية في مدغشقر، مثل إيي ساكافو للخدمات الإلكترونية (e-sakafo)، وماي تسينا دوت إم. جي. (MyTsena.mg)، ومبيكي إكسبرس دليفيري (Mbike Express Delivery).

وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي في مدغشقر، التي تم وضعها بمساعدة فنية من البنك الدولي، تهدف الحكومة إلى زيادة نسبة الشمول المالي إلى 45% في عام 2022.  وتم وضع الأسس لإطار قانوني ملائم لتطوير الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية. وتوجد لوائح جديدة قيد التنفيذ لضمان أن إجراءات سياسة "اعرف عميلك" تتناسب مع المخاطر ولا تسبب أعباءً بلا داعٍ. وتسري المبادئ التوجيهية لمكافحة الفساد والجرائم المالية بالفعل على الشركات والعاملين في مجال التكنولوجيا المالية.

وفي الواقع، شكّلت الشركات والأفراد على المستوى المحلي في مجال التكنولوجيا المالية اتحاداً، وتم إجراء مناقشات مع بنك فويبني مدغشقر (Banky Foibeny Madagasikara) للتعرف على المتطلبات التنظيمية المطبقة على مقدمي الخدمات المالية، والتعريف بأنشطتهم حتى يتسنى المساعدة في إثراء الإطار التنظيمي الآخذ في التطور المتعلق بالتكنولوجيا المالية.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه بالاعتماد على أجندة بالي للتكنولوجيا المالية وسياسات بنك التسويات الدولية للاستجابات للتكنولوجيا المالية، نقترح خمسة نُهج لزيادة وتيرة تطوير التكنولوجيا المالية والخدمات المالية الرقمية في مدغشقر على النحو التالي:

  • تعديل إطار التنظيم والسياسات الضروري: من الممكن وضع إطار قانوني داعم من خلال وجود قواعد واضحة يمكن التنبؤ بها تستوعب التغير التكنولوجي مع دعم الثقة في المنتجات والخدمات المالية (بما في ذلك التي تراعي الاعتبارات المناخية) وإمكانية الاعتماد عليها. ويجب أن يحقق هذا الإطار تكافؤ الفرص على نحو يعزز الابتكار واختيار المستهلك والحصول على خدمات مالية عالية الجودة، بغض النظر عن طبيعة الطرف المشارك في السوق أو التكنولوجيا المستخدمة.
  • اعتماد الهوية الرقمية لتسهيل الحصول على الخدمات المالية. في سياق لا يزال فيه معظم البالغين يفتقرون ليس لديهم بطاقة هوية رسمية، سيكون من الضروري التأكد من قدرة كل مواطن في مدغشقر على تسجيل بياناته بسهولة للحصول على الخدمات الرسمية. 
  • تقديم حوافز السوق لتعزيز الحصول على خدمات التكنولوجيا المالية. على سبيل المثال، مسابقات نموذج الأعمال في مجال التكنولوجيا المالية، وآليات الحد من المخاطر، ودعم مختبرات الابتكار وحاضنات الأعمال. وستوجد حاجة كبيرة للدعم لا سيما للشركات الناشئة التي تقودها نساء من أجل اكتساب المهارات والحصول على التمويل ودخول السوق.
  • إقامة دعائم الاقتصاد الرقمي الشامل. على نحو ما هو موضح من خلال مبادرة البنك الدولي للاقتصاد الرقمي لأفريقيا، لا يمكن للربط الرقمي المحسن تحقيق التأثير الجذري المرغوب بشأن الفرص الاقتصادية والنمو الشامل إلا إذا اقترن بتحسين القدرة على الحصول على المدفوعات الرقمية والخدمات المالية الأخرى، بالإضافة إلى الدعم الرقمي للشركات الناشئة والشركات القائمة.
  • إنشاء بنية تحتية قوية ومبتكرة للائتمان من أجل تعزيز الائتمان الرقمي الآمن والتأكد من استيفاء متطلبات الإفصاح المناسبة للمنتجات المالية الرقمية الجديدة ووجود مقدمي الخدمات لحماية العملاء.
     

وأخيراً سيتم تشجيع سكان مدغشقر على استخدام الخدمات المالية الرقمية بزيادة الإلمام بالنظم المالية والتوعية بشأن استخدام الأدوات الرقمية، لا سيما في المناطق الريفية. 

 


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000