نشر في أصوات

الصكوك ليست سوى أداة أخرى لأسواق رأس المال (وهذا أمر جيد)

الصفحة متوفرة باللغة:
A gold bar on top of gold coins | © shutterstock.com A gold bar on top of gold coins | © shutterstock.com

الصكوك هي أوراق مالية قابلة للتداول. وهي مدرجة في البورصات الرئيسية في مختلف أنحاء العالم ويجري تسويتها من خلال أكبر أنظمة المقاصة الدولية للأوراق المالية. وهي، بعبارة أخرى، أدوات سوق رأس المال بنفس الطريقة التي تستخدم بها الأسهم والسندات. وبطبيعة الحال، فهي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ومع ذلك، فإن تصميمها بحيث تكون ملائمة للمستثمر المسلم لا يغير من طبيعتها الأساسية. ففي نهاية الأمر، لا تزال تسلا سيارة، حتى لو تم تصميمها لتجتذب نوعا معينا من الأشخاص.

وعلى الرغم من أن الصكوك هي أوراق مالية في معظم المراكز المالية الرئيسية، من نيويورك إلى طوكيو، فإنها لا تعامل بوصفها جزءا عاديا من أسواق رأس المال. في الواقع، يبدو أنه يُنظر إليها على أنها شيء غريب للغاية. ومن المرجح فإن أي شخص يتصل بإدارة أسواق رأس المال في أحد البنوك في إحدى تلك المدن بشأن الصكوك سيتم تحويل مكالمته إلى مكتب البنك في دبي قبل البت في طلبه.

واعتبار الصكوك غريبة قد يكون أمرا جيدا للشركات في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، إذا افتتح شخص مطعما مغربيا في ويتشيتا، كانساس، فإن العلامة "الغريبة" قد تساعد في جذب الفضول لأكل الطعام الغريب في تلك المنطقة. ومع ذلك، ففي أسواق رأس المال، نادرا ما يكون الشيء الغريب أمرا جيدا. وعادة ما تأتي هذه السمعة بتكلفة، لأن المستثمرين إما يتجنبون المنتجات التي تعتبر غريبة أو يتم الاشتراط أن يدفعوا علاوة.

وهناك أسباب مختلفة لتبرير معاملة الصكوك كشيء غريب داخل عائلة منتجات سوق رأس المال. وأكثر هذه الأسباب شيوعا هي أن الصكوك (1) شديدة التعقيد و(2) أدوات الأسواق الناشئة فقط.

وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، بشأن التعقيد، من المؤكد أن الوثائق القانونية للصكوك يمكن أن تكون طويلة. غير أن الحجة المؤيدة لمعاقبة الصكوك على تعقيدها لا تكون منطقية إلا إذا كانت السندات غير معقدة بالمقارنة. ولكن في الواقع، فإن وثائق السندات كثيرة التفاصيل هي أيضا. وإذا اضطرت مجموعة من الشعراء الذين ليس لديهم خلفيات مالية إلى قراءة كامل عقد السندات وكامل العقد الأساسي للصكوك، فقد يخلصون إلى أن السندات هي الأدوات الأكثر تعقيدا بكثير.

في الواقع، فإن سبب اعتبار الصكوك معقدة في جانب كبير منه يرجع إلى استخدام كلمات عربية مثل إجارة ijara و مضاربة mudarabah . ولكن إذا استطاعت أسواق رأس المال التكيف مع مصطلحات أخرى غريبة مثل القوة القاهرة، والتكافؤ، والتهرب، فيمكنها بالتأكيد إفساح المجال أمام وجود بعض كلمات عربية متناثرة هنا وهناك. وعلى أية حال، فإن المبادئ التعاقدية التي تمثلها هذه الكلمات (مثل عقود الإيجار والشراكة) مألوفة جدا لأي ممارس في المجال المالي.

ويلعب استخدام الكلمات العربية أيضا دورا في النقطة الثانية، وهي الاعتقاد بأن الصكوك هي في الأساس منتج مقتصر على الأسواق الناشئة. فمن منظور مكتب تجاري في نيويورك أو لندن أو طوكيو، ما الذي يمكن أن يبدو أكثر ارتباطا بالأسواق الناشئة من منتج يتضمن مبادئ الشريعة الإسلامية ويستخدم بعض المصطلحات العربية؟ بالتأكيد أن العديد من مصدري أدوات أسواق رأس المال من الأسواق الناشئة يلجأون للتمويل باستخدام الصكوك، التي يشتريها كثير من المستثمرين في الأسواق الناشئة. ولكن هذه الحقائق وحدها لا ينبغي أن تعرف الأداة نفسها على أنها أداة خاصة فقط بالأسواق الناشئة. في نهاية الأمر، هناك عدد من الشركات المدرجة في كل من البورصة الوطنية للهند وبورصة شنغهاي للأوراق المالية يزيد عن المدرج في نيويورك أو لندن ، ولكن هذا لا يعني أن الأسهم هي الآن منتج خاص بالأسواق الناشئة.

وعلاوة على ذلك، فإن غالبية الصكوك الدولية ليست أدوات تقليدية الأسواق الناشئة على الإطلاق. وتُصدر معظمها الجهات السيادية، والشركات فوق الوطنية، والمؤسسات المملوكة للدولة، والشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي تتمتع بتصنيف ائتماني مرتفع. كما قام عدد من كبار المصدرين الغربيين، مثل المملكة المتحدة ولوكسمبورج وصندوق التمويل الدولي للتحصين (هو منظمة دولية منظمة تعمل كمؤسسة خيرية في المملكة المتحدة) بتنفيذ إصدارات من الصكوك.

بعبارة أخرى، غالبا ما لا يكون التصور واقعا عندما يتعلق الأمر بالصكوك. فكثير من الأطراف الفاعلة في الأسواق المالية تشطبها باعتبارها أدوات معقدة للغاية، وهي أدوات متداولة دون النظر إلى أنها في الأساس مجرد أوراق مالية. ومثلما ينظر من ينكر تغير المناخ إلى عاصفة ثلجية، يركز أولئك على بعض العوامل السطحية للمنتج، مثل استخدام المصطلحات العربية، ويفوتهم الواقع الأساسي المتمثل في أن الصكوك يمكن أن تكون أداة قيمة للغاية لأسواق رأس المال.

وبالنسبة للمستثمرين الدوليين، فإن تجاهل الصكوك يأتي بتكلفة، حيث يقدم لهم المنتج تنويعا في الائتمانات وقصصا ائتمانية عظيمة . فالبنك الإسلامي للتنمية، على سبيل المثال، مؤسسة فوق الوطنية تهدف إلى تشجيع النمو الاجتماعي والاقتصادي المستدام في البلدان الأعضاء فيه، ويصدر سنويا عدة مليارات من الصكوك الممتازة من الفئة AAA. وينبغي لأي مستثمر ذي دخل ثابت مرتفع له اهتمام بالاستدامة أن يدرس هذه الصكوك باعتبارها أصولا قيمة لتنويع أصول حوافظه.

باختصار، مثلها مثل الأسهم والسندات، فإن الصكوك هي ببساطة نوع من الضمانات القابلة للتداول. وهي لا تحمل جنسية محددة، ولا يقصد بها نوع معين من المؤسسات. وستستفيد أسواق رأس المال الدولية إذا تم الاعتراف على نطاق أوسع بالطبيعة الأساسية للصكوك كأداة مفيدة وتنويعية .

 

نشر لأول مرة في نشرة أخبار التمويل الإسلامي، 12 أبريل/نيسان 2023

بقلم

مايكل بينيت

رئيس وحدة حلول السوق والتمويل المنظم، وحدة خدمات الخزانة بالبنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000