نشر في أصوات

آثار تعطل المدارس بسبب جائحة كورونا ستستمر لعقود

الصفحة متوفرة باللغة:
Zorro Stock Images/Shutterstock.com Zorro Stock Images/Shutterstock.com

من المرجح أن يعاني جيل من الطلاب في جميع أنحاء العالم من خسائر تستمر مدى الحياة في قدرتهم على كسب الدخل بسبب إغلاق المدارس والجامعات نتيجة لجائحة كورونا . وتُظهر التجربة الكويتية للإغلاقات المطوّلة بسبب حرب الخليج عام 1990 مدى تكلفة إغلاق المدارس.

وفي ورقة عمل حديثة للبنك الدولي، وجدنا أن إغلاق المدارس يعني أن الفتيان الكويتيين في المدارس الابتدائية يواجهون اليوم انخفاضا في متوسط القيمة الحالية للدخل مدى الحياة بأكثر من 40 ألف دولار. وبالنسبة للفتيات، يبلغ الانخفاض حوالي 21 ألف دولار (وكلاهما يقاس بالدولار الأمريكي في 2019) . ويُقارن ذلك بنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي للكويت الذي بلغ نحو 32 ألف دولار في عام 2019. وتتنبأ التقديرات بأن الطلاب المتأثرين بمستوى التعليم الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي سيفقدون ما بين 1589 دولارا و3722 دولارا من الدخل كل عام خلال حياتهم العملية. بعبارة أخرى، فإن انخفاض الدخل في المستقبل بسبب تعطل المدارس يتراوح بين 3.4 و6%.

ومن المفيد مقارنة نتائج الدراسة بنتائج نماذج المحاكاة الأخرى لآثار صدمة التعليم الناجمة عن جائحة كورونا. وباستخدام البيانات المستمدة من مسح منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بشأن مهارات البالغين (PIAAC)، وجد الباحثون أن فاقد التعلم لمدة عام واحد سيؤدي إلى فاقد في دخل الفرد يتراوح بين 4.6 و16.7٪ تبعا للبلد المعني، أو نحو 7.7٪ عند تجميع البيانات من جميع مسوح البرنامج. وفي دراسة أخرى حديثة عن تعطل المدارس، باستخدام بيانات عالمية هذه المرة، وجد الباحثون أن الطلاب في الشريحة الحالية يواجهون انخفاضا قدره 366 إلى 1776 دولارا من الدخل السنوي خلال حياتهم العملية (مقيسا بالدولار الأمريكي المعدل وفقا لتعادل القوة الشرائية لعام 2017).

وكما قال خايمي سافيدرا، المدير العالمي لقطاع التعليم بالبنك الدولي "أدت أزمة فيروس كورونا إلى توقف الأنظمة التعليمية في جميع أنحاء العالم... وقد يكون للزيادة المحتملة في فقر التعلم تأثير مدمر على الإنتاجية والدخل والرفاهة في مستقبل هذا الجيل من الأطفال والشباب وأسرهم واقتصادات العالم."

إغلاق المدارس لفترات طويلة في الكويت

تعد الكويت من بين البلدان التي سجلت أطول إغلاقات للمدارس للتعليم الشخصي بسبب جائحة كورونا (الشكل 1). فقد أغلقت المدارس الحكومية أبوابها أمام التعليم المباشر لمدة 62 أسبوعا في جميع أنحاء البلاد بين 26 فبراير/شباط 2020 وأكتوبر/تشرين الأول 2021، حين أعيد فتحها. وعلاوة على ذلك، لم تبدأ المدارس الحكومية التعليم عن بعد بالكامل إلا بعد أكثر من سبعة أشهر من آخر يوم من الدراسة المباشرة. وكما هو الحال في العديد من البلدان، قامت الحكومة على عجل بوضع نظام التعلم عن بعد. ومما يؤسف له أن منافع التعلم عن بعد حتى الذي يؤدي وظائفه بشكل جيد تقل على الأرجح عن منافع التعليم المباشر. وأبرز الدكتور خالد مهدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في الكويت، ضرورة تضافر الجهود لمعالجة الفجوة الكبيرة في التعليم.

الشكل 1: توزيع طول مدة إغلاق المدارس أثناء الجائحة بين البلدان

????? 1

ملحوظة: في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كانت المدارس الكويتية قد شهدت إغلاقات لمدة 62 أسبوعا.
المصدر: اليونسكو

وكان آباء الأطفال الكويتيين، شأنهم شأن الآباء في كل بلد آخر تقريبا، قلقين من تأثير تعطل المدارس على مستقبل أطفالهم. غير أن تحديد الأثر صعب بالنظر إلى الفترات الطويلة التي يؤتي الاستثمار في التعليم ثماره. إن نتائج قرارات التعليم اليوم، سواء التي اتخذتها الحكومة أو الأسر، بحكم طبيعتها لا تصبح مرئية بشكل كامل إلا بعد سنوات أو حتى عقود.

وبالبناء على العمل السابق بشأن الآثار الطويلة الأجل لتعطل التعليم في الكويت، فإن التقديرات الواردة أعلاه تقيس كميا الأثر المحتمل لإغلاق المدارس بسبب الجائحة على الكويتيين على مدى أفق زمني طويل. ويستغل هذا القياس الكمي التشابه بين تعطل الدراسة بسبب حرب الخليج (1990-1991) وتعطل الدراسة بسبب جائحة كورونا.

التعلم من الغزو العراقي وتداعياته

عندما غزا العراق الكويت في أغسطس/آب 1990، اضطرت المدارس الكويتية إلى إغلاق أبوابها للسنة الدراسية 1990/1991. ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى استبعاد بعض الطلاب من التعليم الرسمي، ولا يستطيع مواصلة التعليم في الخارج سوى من يمكنهم الهجرة. واستخدمت السنة الدراسية التالية لاستعادة البنية التحتية المتضررة للمدارس وتسريع وتيرة التعليم لتمكين الطلاب من اللحاق بالركب. ونظرا لتسارع وتيرة التعليم، لم يفقد الطلاب أي تعليم بالقيمة الاسمية (لم يتم إبقاؤهم في الصف الدراسي)، وظلوا على مساراتهم الأكاديمية قبل الحرب. غير أن هذا الاضطراب أدى إلى انخفاض مستوى التحصيل الدراسي أي انخفاض متوسط سنوات الدراسة.

ويعد تعطل الدراسة بسبب حرب الخليج مفيدا من الناحية التحليلية لأنه حدث قبل نحو 30 عاما، وهو ما يعني أن جميع آثارها على نواتج سوق العمل قد استنفدت . وتستغل ورقة العمل المذكورة هذه الحقيقة وتقدر الرواتب المفقودة للمواطنين الكويتيين الذين انتهى عملهم في الخدمة المدنية الكويتية. وباستخدام مجموعة بيانات فريدة وغنية من جميع موظفي الخدمة المدنية، وجدت الورقة أن الضرر الناجم عن وقف الدراسة كان كبيرا بالفعل واستمر طوال الحياة العملية للمتأثرين به. ونظرا لأن الخدمة المدنية الكويتية توظف أكثر من 60% من الكويتيين العاملين، فإن ذلك يمثل استنتاجا قابلا للتطبيق على نطاق واسع على المواطنين الكويتيين.

دعوة إلى التحرك

نظرا لخطورة المشكلة، هناك حاجة ملحة إلى تخفيف الأضرار المحتملة التي تلحق بالطلاب. ويقدم تقرير مشترك حديث بين اليونسكو واليونيسف والبنك الدولي مجموعة من الإجراءات التدخلية المستندة إلى الشواهد من ثلاثة محاور لتسريع وتيرة التعلم. أولا، يقترح استخدام أزمة التعلم لتعديل المناهج الدراسية لتلائم مستويات التعلم الحالية بدلا من العودة إلى نواتج التعلم الطموحة للغاية للمناهج الدراسية السابقة للجائحة. ثانيا، يؤكد التقرير أنه يمكن تعويض خسائر التعلم من خلال تمديد الوقت التعليمي، مثل تمديد اليوم الدراسي أو السنة الدراسية. وثالثا، يدرج التقرير الإجراءات التدخلية التي ثبت أنها تزيد من كفاءة التعلم. ويتمثل أحد هذه التدخلات في التعليم الموجه الذي يقدم فيه المعلمون المواد وفقا لمستوى تعلم الطلاب وليس وفقا لعمر الطلاب.


بقلم

محمد إحسان أجود

خبير اقتصادي أول، قطاع الممارسات العالمية للحماية الاجتماعية والعمل، البنك الدولي

سيمون بيلو

مستشار لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000