خارج غرفة الدرس، تاقت نفسي الرقمية الأصلية إلى التجول في الإنترنت. تعطشا للتجوال عبر فكرة غوفمان عن فن التمثيل ودلالات الانحراف، بحثت في فيديوهات كراش كورس التعليمية (CrashCourse)، والمقالات الأطلسية، وفي موقع دورات التعليم العالي edX، وكل ما بينهم. وفي كل هذه المساعي، كان هناك على الدوام تزاوج غريب بين النظرية والتطبيق: مقالات طويلة وقصيرة بشتى الأساليب، اختبارات مفاجئة، عروض مرئية للبيانات، فيديوهات، ومنتديات عالمية للنقاش تتماهى معا لتفرض سردا قاطعا يصرخ بقوله "أنت مختلف!" وأنا كرفاق جيلي، أتأرجح ذهابا وإيابا بين الواقع الفعلي وبين العالم الافتراضي المشبع بالبيانات، يحرضني على ذلك نهم لا يشبع بالمعرفة الجديدة المنصفة والمنسقة.
لكن في الداخل، انقلب المحور. فبالتوقف مؤقتا عن استهلاك المعلومات الإلكترونية، عدت إلى التجربة الحميمية لكوني إنسانا- يتكلم، ويتعاون، ويتحرى، ويبتكر، ويروي الحكايات. إذا كان هذا الفصل قد أفادني بأي شيء، فقد غرس في إحساسا بالمرونة الذهنية، مرونة تجعلني قادرا على الإبحار في عالم الغد الضبابي الذي يصعب في الغالب تصور أي شيء فيه.
من هنا تساءلت: ما الذي يعنيه أن تكون إنسانا متعلما في هذا المجتمع المستقبلي المتقلب؟ خلال السبعة عشر عاما من وجودي، شهدت تداعي القصة القديمة التي نعتز بها جميعا- دورة الحياة من التعليم الرسمي الذي يعقبه الالتحاق بالعمل ثم التقاعد. في حقبة مفعمة بالإثارة يتجلى فيها "التغير باعتباره الثابت الوحيد"، حقبة غمرتها الماكينات فائقة الذكاء، واللوغاريتمات التي يمكنها أن تقرأ حالتنا المزاجية، والهيكلة المستمرة للوظائف، يأتي التعليم الجامعي في الصدارة. فيها سيعاد تصور التعليم.
وتدخل الدروس المفاجئة. كالتزاوج بين الشعر والتسويق على تويتر، بين علم الصواريخ والفلسفة، بين التعليم التقليدي والتكنولوجيا التطبيقية، بين الطلاب ممن هم في العشرين من عمرهم ومن هم في الخمسين، بين المعلمين و"رواد الأعمال المحليين العالميين." وبروح التجريب الجريئة- في مضمونها، وأطرها الزمنية، وأماكنها والمشاركين- تحيل هذه الدروس المحاضرة التقليدية غثة وبالية. وما لديهم القدرة على القيام به هو الاستجابة لحلقة متسارعة من إعادة تدوير المهارات، تزامنا مع الإيقاعات المتباينة لعام 2025 المفعم بالتكنولوجيا وما بعده. باختصار، هم يفتحون الشهية للتساؤل، والتصميم المشترك، والتقاطعات غير المتوقعة. كيف إذن نستطيع أن "نسبق اللوغاريتمات، وأمازون، والحكومة"، إذا لم يكن بمواصلة التعلم على الدوام؟
في داخل هذا الخيال بوجه خاص، تتبخر أيضا الدرجات الجامعية التقليدية في الهواء. وكما يدفع الذكاء الاصطناعي بآلتنا الاجتماعية قدما، سيكون من الصعوبة بمكان إضفاء المزيد من الأهمية على المسوغات التي تعجز عن التعبير عن القدرات الفريدة للمرء. وبإحلالها محل هذه المؤهلات التي عفا عليها الزمن، فإن تكنولوجيات، مثل نماذج "التصميمات المهارية" التي وضعتها جامعة ستانفورد ستبث الحياة من جديد في الشراكة الجميلة بين السلك الأكاديمي والصناعة. وقد لا يكون المستقبل الممزوج للتعليم العالي الذي كنت أدخله بحذر خلال دراستي لعلم النفس بعيدا إلى هذه الدرجة.
نيهي دوان، هي طالبة في المرحلة الثانوية بمدارس أولمبيا بالعاصمة الفييتنامية هانوي. وهي واحدة من اثنتين فازتا في مسابقة للتدوين ينظمها مجموعة البنك الدولي بالتعاون مع صحيفة فاينانشال تايمز عن إعادة تخيل التعليم في القرن القادم.
انضم إلى النقاش