هذه المدونة متوفرة باللغات التالية:
English
في البلدان المرتفعة الدخل، تحسنت نواتج التعلُّم بفضل اتخاذ إجراء تدخلي يؤدي إلى زيادة مستوى الشفافية والمساءلة من خلال استخدام درجات الاختبارات. وفي مدونة سابقة، ذَكرتُ أمثلة لأنظمة المساءلة ذات "الاختبارات المصيرية" مثل عدم استثناء أي طفل. وتكون لأحد هذه الاختبارات نتائج مهمة على متلقي الاختبار أو المدرسة أو إدارتها. فهو يعود بمنافع مهمة إذا ما تم اجتيازه بنجاح، مثل نيل دبلومة أو تقديم موارد إضافية للمدرسة أو الإشادة بشكل إيجابي. وتتبع بعض هذه الإجراءات التدخلية أيضاً أسلوب "التسمية والتشهير" بالقيادات المدرسية، وهو ما يُطبَّق في إنجلترا.
وهناك أيضا شواهد تشير إلى أن مجرد القيام بتوفير معلومات عن درجات الاختبارات سيؤدي إلى التحسين. وهذا ما يحدث في أنظمة اختيار المدارس كما هو الحال في هولندا.
ومع ذلك، فحتى في البيئة "ذات النتائج الأقل أهمية" (التي لا توفر أيا من نتائج الاختبارات المصيرية إذ لا تتم المعاقبة حتى على ضعف الأداء)، يمكن للمعلومات أن تحدث أثرا فعالا. وحتى الآن، ما زال هناك تفاوت في الشواهد المتعلقة بالمساءلة ذات النتائج الأقل أهمية، وإن كانت هناك بعض المؤشرات المبشرة.
شواهد من الهند وشيلي وباكستان
تُظهر الشواهد التجريبية في الهند أن أحد البرامج قدَّم اختبارات تقييمية عادية (ذات نتائج أقل أهمية) وملاحظات للمعلمين، ولم يكن له أي تأثير على نواتج تعلُّم الطلاب. وفي شيلي، لم يُحدث توزيع المعلومات عن القيمة المضافة للمدارس أي تأثير على معدلات الالتحاق أو مستويات التعليم أو التكوين الاجتماعي والاقتصادي للطلاب. لكن وفقاً لدراسة استخدمت عينات عشوائية في إقليم البنجاب بباكستان، فثمة شواهد تبيِّن أن تقديم درجات الاختبارات إلى الأسرة والمدرسة أدى إلى زيادة في درجات الاختبارات التالية بواقع 0.11 انحراف معياري سنوياً بعد تنفيذ هذا الإجراء التدخلي.
المساءلة والشفافية في المكسيك
في تقرير بعنوان "تأثير أحد الإجراءات التدخلية للمساءلة مع ملاحظات تشخيصية: شواهد من المكسيك"، تناولت أنا ورافائيل دي هويوس وفيسنتي جارسيا-مورينو إحدى الآليات ذات النتائج الأقل أهمية المصممة لتحسين أداء الطلاب في 100 مدرسة ابتدائية ضعيفة الأداء في ولاية كوليما بالمكسيك.
وكوليما هي ولاية صغيرة تطل على المحيط الهادئ وتقع في وسط غرب المكسيك. ومنذ أن بدأ تطبيق اللامركزية في نظام التعليم عام 1992، قامت كوليما ببناء نظام دراسي فعال عبر تعديل البرامج التعليمية الوطنية لتلائم السمات والاحتياجات الخاصة للولاية.
وطوال التسعينات، طبَّقت كوليما سياسات تعليمية مبتكرة مثل تنفيذ وتعميم أحد الاختبارات الموحدة الأولى في البلاد. وبحلول عام 2003، تفوقت كوليما على سائر الولايات المكسيكية في مستوى الأداء في اختبار البرنامج الدولي لتقييم الطلاب واقتربت فعلياً من المتوسط الخاص ببلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. لكن بحلول عام 2009 ووفقاً للاختبار الموحد في المكسيك (التقييم الوطني للتحصيل الأكاديمي في المدارس)، جاء ترتيب كوليما دون المتوسط الوطني. ورغم توفر هذه المعلومات لجميع المدارس في كوليما منذ عام 2006، فإن الوضع لم يكن يتحسَّن. وشرعت السلطات التعليمية بالولاية في تصميم برنامج الاهتمام الخاص بتحسين التحصيل التعليمي (برنامج التقييم السنوي).
وتم تنفيذ هذا البرنامج بالولاية في الفترة من يناير/كانون الثاني 2010 حتى أواخر عام 2011. وقد تم تصميم برنامج التقييم السنوي في البداية كإجراء تدخلي مدرسي شامل، ثمّ تم اختصاره عند إصدار برنامج فيدرالي مشابه، وذلك لتجنب التكرار. ولهذا، لم يتم تنفيذ سوى مجموعة فرعية من مكونات البرنامج. وأُبلغت المدارس بدرجات اختباراتها ومشاركتها في البرنامج.
وحالما تم تدشين البرنامج وتعميم قائمة المدارس المشاركة فيه، عُيّن مستشار فني لهذه المدارس. وبدوره، سيقوم هذا المستشار بزيارة المدرسة والمساعدة في تشخيص نتائج درجات الاختبارات وتصميم خطة لتحسين مستوى المدرسة.
وبالاستفادة من صرامة قاعدة الأهلية لبرنامج التقييم السنوي، استخدمنا تصميما لانقطاع الانحدار (ونهجا لتقييم الفارق في الاختلافات). ووجدنا أن هذا البرنامج أدى إلى زيادة كبيرة في درجات الاختبارات بواقع 0.12 انحراف معياري، وذلك بعد أشهر قليلة من بدء البرنامج.
ونرى أن عملية التقييم والتحليل الذاتي تتم بشكل فعال عندما يعرف الطلاب والمعلمون والآباء أن درجاتهم منخفضة. وقد تفضي هذه العملية إلى تحسين نواتج التعلُّم. فحتى مع عدم وجود إجراءات عقابية، أدت إتاحة المعلومات عن جودة المدارس، في ظل بيئة داعمة وتعاونية، إلى تحسين نواتج التعلُّم بدرجة كبيرة.
وتشير حقيقة إيقاف برنامج التقييم السنوي بعد 18 شهرا فقط من تنفيذه إلى أن الإجراء التدخلي الرئيسي للبرنامج كان مقتصرا بالأساس على الإعلان العام والمعلومات التفصيلية التي قُدِّمت للمدارس. بعبارة أخرى، من المرجح أن يكون التقييم العلني الذاتي لأداء مديري المدارس المشاركة في البرنامج هو ما أدى إلى تحقيقها مكاسب تعليمية صغيرة لكنها مهمة.
شواهد من قطاعات أخرى
بخلاف الإجراءات التدخلية للمساءلة المصيرية التي تؤدي في بعض الأحيان إلى إغلاق المدارس في الولايات المتحدة، أو فصل مديري المدارس في إنجلترا، أو تطبيق نظام اختيار المدارس بناءً على الجدارة في هولندا، فإن السياسة (والأحداث على أرض الواقع) في ولاية كوليما لم تفرض أي إجراءات عقابية ضد المدارس أو مديريها.
وتشير الشواهد في قطاعات أخرى إلى أنه في بعض الحالات يمكن للمعلومات المتعلقة بضعف الأداء أن تؤدي إلى التحسين إذا ما تم نشرها بشكل صحيح. فعلى سبيل المثال، أدى عرض المطاعم لبطاقات تقييم الجودة الصحية إلى زيادة مستوى عمليات التفتيش الصحي بالمطاعم. ويُعزى ذلك إلى ما قامت به المطاعم من تحسينات لمستوى الجودة الصحية.
وفي قطاع الطاقة، ثمة شواهد تجريبية تبيِّن أن تقديم الملاحظات التقييمية إلى العملاء عن الاستخدام المنزلي للكهرباء والغاز الطبيعي، مع التركيز على المقارنات بين النظراء، يمكن أن يؤدي إلى تخفيضات كبيرة في استهلاك الطاقة بتكلفة منخفضة. ويمكن مقارنة ذلك بالنتائج التي ستتحقق عند عرض درجات الاختبارات بشكل بارز في المدارس الحكومية. فهذه الدرجات تذكِّر المعلمين والآباء ومدير المدرسة برسالتها وأولويتها: تقديم خدمات تعليمية عالية الجودة للجميع.
الحاجة إلى مزيد من البحث
قد يظل المرء يتساءل لماذا لم يتحسّن مستوى المدارس قبل تنفيذ برنامج التقييم السنوي رغم أن المعلومات ذاتها تم الإفصاح عنها بشكل علني. ربما لأن هذه المعلومات لم يتم فهمها أو نشرها بشكل جيد. أو ربما لأن القيادات المدرسية المحاصرة بالضغوط في المدارس ضعيفة الأداء لم تستطع، بدون الدعم اللوجستي والترابط الشبكي المناسب، البدء في استخدام النتائج الصادرة عن الاختبار الموحد بشكل استباقي لمناقشة هذا الوضع وتصميم خطة لتحسين مستوى المدارس. وتُعد جميع هذه الاحتمالات مجالات للبحث في المستقبل، لكن توفير المعلومات ما زال الخطوة الأولى نحو التحسين.
---
تابعوا هاري باترينوس على مدونة التعليم من أجل التنمية العالمية وتويتر.
تابعوا رافائيل دي هويوس على تويتر: rafadehoyos@
تابعوا فريق التعليم بمجموعة البنك الدولي على تويتر: wbg_education@
انضم إلى النقاش