لا يمتلك نحو 1.1 مليار شخص في أنحاء العالم أوراقا ثبوتية رسمية لإثبات هويتهم ، وذلك وفقا لآخر تحديث لمجموعة البيانات العالمية لمبادرة "الهوية من أجل التنمية ID4D" لعام 2017 التي يصدرها البنك الدولي.
أهمية بطاقات الهوية
كيف يمكن أن نثبت هويتنا للأفراد والمؤسسات التي نتعامل معها؟ تخيل أنك تحاول أن تفتح أول حساب مصرفي لك، أو أن تثبت أهلية استحقاقك للحصول على مزايا التأمين الصحي أو أن تتقدم للالتحاق بإحدى الجامعات وأنت لا تمتلك أية أوراق ثبوتية أو بطاقة هوية؛ في رأيي، هذا هو الجحيم بعينه...من حيث تردي جودة الحياة وضياع الفرص فضلا عن عقبات لا حصر لها. إن امتلاك المرء شكلا رسميا من أشكال بطاقات الهوية هو عامل رئيسي يُمكّنه ليس فقط من التمتع بمجموعة عريضة من الحقوق، ولكن أيضا من الحصول على خدمات الرعاية الصحية والتعليم والتمويل وغير ذلك من الخدمات الأساسية. ووفقا لأحدث تقديرات صادرة عن مجموعة البنك الدولي، هناك نحو 1.1 مليار شخص في أنحاء العالم يعانون من هذه المشكلة.
لقد شكل التصدي لهذه العقبة الأساسية المبرر المنطقي وراء قرار المجتمع الدولي بوضع الهدف الفرعي 16.9 ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة: "توفير هوية قانونية للجميع، بما في ذلك تسجيل المواليد، بحلول عام 2030". ويُعد ذلك أيضا القوة الدافعة وراء تدشين مجموعة البنك الدولي لمبادرة "الهوية من أجل التنمية" في عام 2014.
وللعمل بفاعلية نحو تحقيق هذا الهدف الطموح، ينبغي أن تدرك الحكومات وشركاء التنمية حجم هذا التحدي – وتقوم مجموعة البنك الدولي سنويا بتحديث مجموعات البيانات العالمية الخاصة بهذه المبادرة لتحقيق ذلك. وباستخدام مزيج من البيانات المتاحة للجمهور العام (مثلا، معدلات تغطية تسجيل المواليد من اليونيسف) والبيانات المُبلّغ عنها ذاتيا من دوائر الأحوال المدنية، نقوم بوضع تقديرات للسكان الذين لا يمتلكون بطاقات هوية رسمية في 198 بلدا. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نجمع المعلومات النوعية ذات الصلة، كالتفاصيل الخاصة بالهيئات والوزارات المسؤولة، وانتشار الأنظمة الرقمية (التي يتم تطبيقها حاليا في 133 بلدا، لكن لا تغطي بالضرورة السكان بشكل كامل).
من هم المليار ومائة مليون شخص الذين لا يمتلكون بطاقات هوية؟
تتيح أحدث البيانات نظرة أوسع على تفاصيل هذا الرقم:
• %78 منهم يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا، مما يشير إلى أن هاتين المنطقتين يجب أن تكونا محور تركيز جهودنا العالمية؛
• %40 منهم من الأطفال دون سن 18 عاما، ويقل سن واحد من بين كل ستة أشخاص عن الخامسة، مما يعزز أهمية المبدأ الأول من المبادئ العشرة المتعلقة بالهوية الذي يكفل التغطية الشاملة من المهد إلى اللحد.
• يعيش أكثر من نصف هذا الرقم في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، في حين يعيش ثلثه في البلدان منخفضة الدخل. تجدر الإشارة أيضا إلى أن مستوى التنمية في كل بلد من المرجح أن يؤثر على تغطية بطاقات الهوية: يُقدر أن 36% من السكان في البلدان منخفضة الدخل لا يمتلكون بطاقات هوية رسمية ، مقارنة بنسبة 22% في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، ونسبة لا تتعدى 9% في الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل.
لكن القصة لا تنتهي عند هذا الحد، فلا يوجد سوى عدد قليل للغاية من البلدان التي تقدم تقارير أو تنشر إحصاءات وطنية فيما يتعلق بتغطية البالغين الذين يمتلكون بطاقات هوية، مما يعوق بشدة مقدرتنا على أن نعرف بالضبط أين يجب على الحكومات وشركاء التنمية توجيه جهودهم. فعلى سبيل المثال، يقدم 43 بلدا فقط مثل هذه البيانات مصنفة حسب نوع الجنس، وهو عامل أساسي لفهم ما إذا كانت النساء والفتيات يواجهن تحديات غير متكافئة في الحصول على بطاقات هوية.
وقد انخفض الرقم الحالي البالغ 1.1 مليار نسمة من 1.5 مليار شخص في عام 2016، ويرجع ذلك إلى التحسينات التي طرأت على منهجية جمع البيانات وتحسن مصادرها لما يبلغ 128 بلدا، وحدوث زيادة كبيرة بوجه خاص في أعداد المسجلين في الهند بفضل التقدم السريع في مشروع Aadhaar (للمزيد من التفاصيل، انظر علامة التبويب الخاصة بمنهجية جمع البيانات ومصادرها في ملف مجموعة البيانات العالمية لمبادرة "الهوية من أجل التنمية" لعام 2017).
ماذا بعد؟ تحسين مجموعة البيانات العالمية لمبادرة "الهوية من أجل التنمية"
لا تتعلق هذه المشكلة بمجرد قياس التحدي القائم، ولكن بتحقيق أهداف التنمية المستدامة الداعية إلى "الاهتمام بالجميع"؛ والوصول أولاً إلى من فاتهم الركب. ولتحقيق ذلك، يجب أولا معرفة الأشخاص الذين من المحتمل ألا يمتلكوا بطاقات هوية، وسبب ذلك. ومن هم المستبعدين؟ وهل هم الشريحة الأشد فقرا من السكان؟ ومن يعيشون في المناطق الريفية؟ وأي الأقاليم أو الولايات التي يعيشون فيها؟
علاوة على ذلك، ينبغي إيلاء اهتمام خاص بفهم وضع السكان المهمشين بالفعل في المجتمع، والذين يمكن أن تتفاقم مواطن ضعفهم نتيجة لعدم امتلاكهم لبطاقات هوية: المعاقون، وكبار السن، وأفراد الشعوب الأصلية، والأطفال بين الخامسة (عندما يصبح الأمر أكثر تعقيدا لتسجيلهم لاستخراج شهادة ميلاد) وسن التأهل لاستخراج بطاقة هوية وطنية (مثلا، 16 أو 18 عاما في العديد من البلدان). وبالمثل، فإننا لا نعرف على وجه الدقة كيف يستخرج العديد من المهاجرين الذين يزيد عددهم على 200 مليون شخص على مستوى العالم وكذلك اللاجئين البالغ عددهم 21.3 مليون شخص أو عديمو الجنسية (البدون) البالغ عددهم 10 ملايين شخص بطاقات الهوية الخاصة بهم.
هناك ثلاث خطوات ينبغي أن تتخذها الحكومات وشركاء التنمية فورا لمعالجة نقص البيانات المفصلة:
1. يمكن أن تبدأ دوائر الأحوال المدنية المعنية بإصدار بطاقات الهوية والمكاتب الإحصائية في نشر البيانات حول عدد الأشخاص المسجلين مصنفة حسب نوع الجنس والسن وأماكن المعيشة. تقوم بيرو والهند بالفعل بذلك – وتقدم بلدان أخرى كتايلند ونيجيريا هذه البيانات عند الطلب.
2. يمكن إدراج أسئلة تتعلق بامتلاك بطاقات هوية في التعدادات الوطنية والمسوح الاستقصائية للأسر المعيشية، التي ستكون مفيدة بوجه خاص لبعض فئات السكان المهمشين المذكورة سابقا.3. لتعزيز هذه الجهود، يجب أن تضع الهيئات الإحصائية الدولية معايير وتعريفات ومنهجيات جديدة، وأن تبحث في إمكانية توسيع المؤشر الحالي للهدف الفرعي رقم 16.9 من أهداف التنمية المستدامة للذهاب إلى أبعد من مجرد الاكتفاء بتسجيل المواليد للأطفال دون سن الخامسة.
ويسعدنا أن نفيد أن مبادرة "الهوية من أجل التنمية" قد أدرجت بفضل الدعم الذي قدمته مؤسسة بيل وميلندا غيتس أسئلة تتعلق بتغطية بطاقات الهوية وكذلك التحديات القائمة في استخراج بطاقة هوية وطنية، وذلك بالتعاون مع مسح المؤشر العالمي لتعميم الخدمات المالية لعام 2017 (الذي يغطي أكثر من 90 بلدا). وبحلول نهاية هذا العام، سيكون بوسعنا نشر بيانات تغطية يمكن المقارنة بينها وممثلة وطنيا عن بطاقات الهوية، والتي يمكن أن تكون مفصلة بطرق عديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نخطط لمواصلة تدعيم مجموعة البيانات العالمية لهذه المبادرة من خلال إقامة شراكات جديدة واستثمارات إضافية من جانب الشركاء المهتمين، مع التركيز على تحسين منهجية البحث وطرق جمع البيانات.
وباتخاذ هذه الخطوات لتحسين حساب الفئات غير المرئية في عالمنا، فإننا سنقوّي التزامنا بتوفير الهوية القانونية للجميع.
انضم إلى النقاش