تشهد تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي رواجاً متزايداً على مستوى العالم، حيث تتمتع بالقدرة على الارتقاء بمستويات الشفافية والكفاءة والامتثال في جميع بلدانه. وتقود مجموعة البنك الدولي جهود البحث في هذه التقنيات وسبل استخدامها لتحسين نواتج الحوكمة والتنمية. وتُستخدم مبادرات مثل مختبر ابتكارات التكنولوجيا الحكومية (المختبر) الذكاء الاصطناعي لإثراء العمل الخاص بالتحديات المرتبطة بالحوكمة على المستوى القُطري والعالمي وإثراء المسارات المؤدية إلى مستقبل أكثر إنصافاً وفاعلية للحكومة والإدارة العامة.
وفي حين أن هناك حالات متزايدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى الحكومات، لا سيما في مجالات الرعاية الصحية، والتعليم، وتقديم الخدمات، والوصول إلى المعلومات، وكشف الاحتيال، والإدارة الضريبية، على سبيل المثال لا الحصر، يعمل البنك الدولي على تطوير قدراته الخاصة لاستخدام هذه التقنيات في دراساته البحثية وتصميم المشروعات وتقديم المشورة بشأن السياسات.
البيانات الاصطناعية من أجل الإدارات الضريبية:
تواجه الإدارات الضريبية في جميع أنحاء العالم أعباء التعقيدات التي تفرضها الأنظمة الاقتصادية الحديثة وتطور أساليب التهرب الضريبي. وغالباً ما تخفق النظم التقليدية القائمة على القواعد في تحديد حالات التهرب الضريبي المحتملة بدقة، على الرغم من كونها نظماً أساسية لا غنى عنها. وفي إطار التصدي لهذه التحديات، يمكن لخوارزميات التعلم الآلي أن تكون مكملة للنظم الحالية، مما يؤدي إلى تحسين عملية اتخاذ القرار والميكنة وتعظيم المنافع. ويتيح التعلم الآلي للأنظمة إمكانية التعلم من البيانات وتحسين الأداء دون برمجة صريحة.
وإدراكاً للحاجة إلى نماذج قوية للتعلم الآلي، أنشأ المختبر مولداً للبيانات الاصطناعية، باستخدام الخوارزميات والأساليب الإحصائية لتقليد بيانات العمليات الضريبية الحقيقية بدقة. وباستخدام هذه البيانات الاصطناعية، تم تصميم عرض توضيحي لأداة تعلم آلي (نموذج أولي)، والتي يمكن استخدامها لاختيار الحالات المراد فحصها ضريبياً.
ولأغراض اختبار هذا النهج والتحقق من صحته، قام فريق المختبر بتدريب خوارزميات التعلم الآلي باستخدام مجموعات كبيرة من البيانات التي تم إنشاؤها بصورة اصطناعية. ثم قام الفريق بضبط النموذج ببيانات خاصة بكل بلد من دائرة الإيرادات في جورجيا، والتي قدمت بيانات عالية الجودة وإن كانت محدودة الكم. وقد ضمن استخدام بيانات حقيقية مجهولة المصدر من دائرة الإيرادات في جورجيا سرية البيانات وخصوصيتها. وكانت النتائج واعدة، حيث تمكن النموذج من تحديد المتهربين المحتملين من الضرائب بمعدل دقة بلغ 63% في مجموعة فرعية من بيانات دائرة الإيرادات في جورجيا، وبالتالي تجاوز فعالية طرق الاختيار التقليدية القائمة على القواعد أو العمل اليدوي. وأظهر هذا النهج الهجين، الذي يجمع بين البيانات الاصطناعية من أجل التدريب الأولي والبيانات الخاصة بكل بلد من أجل الضبط الدقيق، إمكانات كبيرة لتعزيز الكشف عن التهرب الضريبي.
أداة الاستشارات والتوجيه في مجال التكنولوجيا الحكومية:
استجابة للطلب المتزايد على تيسير الوصول إلى المعلومات الخاصة بالمشروعات ذات المكونات الرقمية، تعاون مختبر ابتكارات التكنولوجيا الحكومية مع مختبر التكنولوجيا والابتكار التابع لإدارة نظم تكنولوجيا المعلومات لتطوير نموذج أولي لأداة تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. واستناداً إلى الملاحظات المكثفة من المستخدمين والمستمدة من خلال نهج التفكير التصميمي، تساعد هذه الأداة الممارسين في مجال العمل الإنمائي من العاملين في المشروعات الرقمية من خلال توفير الوقت في البحث عن البيانات المتعلقة بالحوارات الخاصة بالسياسات وتصميم المشروعات وتنفيذها.
وتجمع هذه الأداة المعلومات الواردة من مصادر متنوعة داخل البنك الدولي وخارجه. وتشمل بيانات البنك الدولي جميع المشروعات ذات المكونات الرقمية منذ عام 1991، حيث بلغ مجموعها 1,449 مشروعاً حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وتستفيد هذه الأداة من مجموعة واسعة من المستندات المتعلقة بالمشروعات، وتتعلم منها، ثم تقوم بتوليد استجابات تفاعلية لمستخدميها. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تقوم بإعداد مشروع رقمي جديد في البلد "أ" وتحتاج إلى بيانات من مشروع رقمي سابق في البلد "ب" - مثل نفقات بعض مكونات المشروع، أو عدد الخبراء ممن تمت الاستعانة بهم في أثناء التنفيذ، أو إجمالي الساعات التي قضاها كل خبير في إعداد ذلك المشروع - فإن هذه الأداة تقوم بتبسيط عملية البحث، ومن ثم توفير الوقت والعثور على المعلومات الأكثر صلة بسياق معين وعرضها لك بطريقة فعالة. للبحث عن العرض التوضيحي يرجى الضغط هنا.
ويوضح هذان المثالان كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز قدراتنا ويدفع عجلة التقدم لعملائنا. وبينما نواصل استكشاف الإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي، يظل مختبر الابتكار في التكنولوجيا الحكومية التابع للبنك الدولي ملتزماً بتوظيف قدراته بشكل مسؤول وخلاق من أجل مواجهة تحديات التكنولوجيا الحكومية، مثل الافتقار إلى الشفافية والمساءلة والثقة، فضلاً عن محدودية إمكانية الوصول إلى الخدمات العامة ومشاركة المواطنين في الحوارات الخاصة بالسياسات. انضم إلينا في اكتشاف الخطوات المبتكرة التي نتخذها باستخدام أحدث التقنيات وساهم في الحوار حول التكنولوجيا وكيف يمكنها إحداث أثر تحويلي أكبر في مجال الحوكمة عن طريق التواصل مع فريق التكنولوجيا الحكومية ومشاركتنا بأفكارك ومقترحاتك.
انضم إلى النقاش