كسر الحلقة المفرغة – دعم إمكانية حصول الجميع على وظائف أكثر عددا وأفضل حالا في الصومال

تمكين المرأة العاملة من كسب الدخل أمر لازم لتحقيق النمو في الصومال وتحسين مستويات المعيشة لنحو 70% من السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، فحوالي أربع نساء فقط من بين كل 10 يشاركن اليوم في قوة العمل، مقارنة بسبعة رجال من بين كل 10.

ولا يكفي مجرد الحصول على وظيفة. فالمهم هو الحصول على وظيفة جيدة بما يكفي للخلاص من براثن الفقر وتحقيق دخل ملائم . وعندما تُتاح للنساء والرجال فرص متكافئة لتشكيل حياتهم وتقديم إسهامات في أسرهم ومجتمعاتهم المحلية وبلدانهم، تتعزز الإنتاجية وتتسارع وتيرة التنمية.

إن التحدي المتمثل في خلق المزيد من فرص العمل الأفضل للنساء والرجال أمر ملح. وفي الصومال، تقل الإنتاجية عن ربع متوسط الإنتاجية في أفريقيا جنوب الصحراء، ومع ارتفاع نسبة الشباب بين السكان يُتوقع أن يدخل قوة العمل ما يقدر بنحو 161 ألف عامل جديد كل عام حتى عام 2025.

وتتناول المذكرة الاقتصادية عن الصومال أنواع الوظائف التي يشغلها المواطنون وكيفية ارتباطها بالإنتاجية. لقد عملنا مع فريق من الباحثين المحليين للاستماع إلى وجهات نظر الصوماليين بشأن كيفية التغلب على التحديات. ووجدنا ما يلي:

من أين تأتي فرص العمل هذه؟

• تنتشر ريادة الأعمال على نطاق واسع وتشكل جزءا من التقاليد التي يُعتز بها في الصومال، لا سيما في ضوء محدودية فرص العمل بأجر في القطاع الرسمي.
• تشكل منشآت الأعمال المنزلية أكثر من نصف جميع الوظائف الثابتة، في حين تسهم منشآت الأعمال الراسخة في خلق وظيفة من بين كل 15 وظيفة. وترتبط منشآت الأعمال المنزلية أيضا بانخفاض مستويات الفقر.
• يهيمن على الاقتصاد قطاع الخدمات، لاسيما خدمات التجزئة. إذ يضم قطاع التجزئة حوالي نصف جميع وظائف منشآت الأعمال المنزلية و70% من الوظائف في منشآت الأعمال القائمة.
• توظف الشركات الكبيرة القائمة في الصومال بوتيرة أسرع من البلدان النظيرة، لكن المشكلة هي أن هذه الفرص قليلة ومتباعدة.
• غالبا ما توظف النساء نساء أخريات. وتسهم المنشآت المنزلية التي تملكها المرأة في توفير وظيفة واحدة من كل أربع وظائف للنساء.

ما الذي يحدد الإنتاجية، من حيث المبيعات لكل عامل في اليوم؟

• الحجم مهم. فمنشآت الأعمال الأكبر حجما أكثر إنتاجية 10 مرات من منشآت الأعمال المنزلية.
• النساء أقل كثيرا، إذ يقل دخلهن بنسبة 40% عن نظراهن من الرجال في أنواع مماثلة من الوظائف مقارنة بمتوسط إقليمي قدره 34%.
• مما يثير الدهشة أن التعليم لا يرتبط بالإيرادات إلا في منشآت الأعمال الراسخة فقط.

ما الذي يعوق النساء - وهو ما يفسر الفجوة في الإنتاجية بين الجنسين

• تقيد الأعراف والتصورات المتعلقة بدور المرأة داخل الأسرة والمجتمع إمكانية حصولها على الفرص الإنتاجية. وفي كثير من الحالات، لا يتم دعم المرأة في العمل إلا إذا كان الزوج لا يكسب ما يكفي من دخل للأسرة.
• تُستبعد النساء من القطاعات الأكثر ربحية في سلسلة القيمة، مثل صيد الأسماك وتصديرها، والارتحال مع الحيوانات بحثا عن أسعار أعلى في السوق، وصرف العملات.
• تفتقر النساء إلى إمكانية الحصول على التمويل ورأس المال اللازم لبدء النشاط التجاري والاستثمار فيه. وعلى الرغم من أن نظام الادخار بالتناوب يمكن أن يوفر التمويل المطلوب، فإن ذلك التمويل ضئيل المقد وقد لا يكون ضمن أولوياته منشآت الأعمال المملوكة للنساء التي تعتبر أقل ربحية وأكثر خطورة.
• في سياق بناء دولة ناشئة، تتغيب النساء إلى حد كبير عن اتخاذ القرار وعن الشبكات التي يتم فيها تبادل المعلومات عن الممارسات التجارية.

التصدي للتحديات كي يتسنى خلق المزيد من الوظائف الأفضل

بالبناء على ما هو قائم بالفعل، يمكن أن تكون لمساندة ريادة الأعمال منافع بعيدة المدى لخلق فرص العمل، لا سيما للنساء . وتشمل أبرز التحديات التي يحددها رواد الأعمال إمكانية الحصول على التمويل والأراضي. وعلى المدى القصير، سيظل الحصول على القروض محفوفا بالمخاطر بالنسبة لصغار رواد الأعمال، ويمكن أن يلعب تمويل المنح دورا مهما. وعلى المدى المتوسط، يمكن لمساندة نمو الشركات من خلال تحسين البيئة المواتية أن يساعد على خلق فرص عمل سريعة. ويمكن لتنمية رأس المال البشري، خاصة للنساء، أن يعزز أيضا من توفر المهارات ذات الصلة للمستبعدين حاليا.

ويمكن دعم التجارة في السلع والخدمات على السواء بمعالجة أسباب التجزؤ الجغرافي في جميع أنحاء الصومال. ومع استمرار الصومال في التوسع الحضري، فإن تيسير التجارة يمكن أن يدعم زيادة التكامل، ولكن هذا يتطلب معالجة تكاليف النقل المرتفعة التي يتسبب فيها حاليا نقاط التفتيش غير القانونية وتعدد الضرائب المدفوعة للجهات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.

كما أن تنويع أنشطة التجزئة يمكن أن يعزز الإنتاجية. وتشمل سلاسل القيمة الأخرى التي تبشر بخلق فرص عمل الضيافة والنقل وقطاع الأغذية بما في ذلك مصائد الأسماك. ويمكن تطوير سلاسل قيمة زراعية جديدة، لكن تأمين المنتجات والوصول إلى الأسواق يتطلب توفير إمدادات كافية من الطاقة، وتمهيد الطرق، وتحسين الأوضاع الأمنية.

ما هو التالي للصومال؟

لا شك أن الصومال يواجه تحديات، لكن الاحتمالات موجودة. وفي الوقت الذي يواصل فيه الصومال جهوده من أجل تخفيف أعباء الديون من خلال مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، هناك إمكانية للحصول على موارد جديدة عند نقطة الإنجاز التي يمكن أن تتيح بداية جديدة . كما يجري ضخ استثمارات بهدف مساندة الحصول على التمويل، وتحسين إمدادات الطاقة، والتنويع في قطاع مصائد الأسماك، وإتاحة الفرصة ثانية لتعليم المرأة. هذه بعض المجالات التي نساندها من خلال سلسلة عمليات سياسات التنمية للنمو الشامل للجميع، واستثمارات المؤسسة الدولية للتنمية، والحوار الأوسع نطاقا بشأن السياسات. وفي الوقت الذي تستعد فيه البلاد لحكومة جديدة، من المنتظر وضع أجندة إصلاح طموحة، أجندة يمكن أن تجعل الوعد بتوفير المزيد من الوظائف الأفضل أقرب إلى حد ما.