نشر في أصوات

مضاعفة الأثر والحد من التجزؤ في عملية التنمية العالمية

الصفحة متوفرة باللغة:
معلم في صف لمادة الرياضايات من شأن الاستفادة من التمويل الميسر لمضاعفة الأثر والحد من التجزؤ أن يحقق صفقة أفضل للبلدان النامية. بعدسة: جوناثان إرنست/البنك الدولي

أصبح التمويل الميسر- أي المنح والقروض منخفضة الفائدة- أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة لأشد البلدان فقرا في العالم. غير أن هيكل تقديم المعونات اليوم معقد ومجزأ للغاية ويقدم تيسيرات محدودة. وفي هذا السياق، من المهم إيجاد طرق للاستفادة من الموارد المتاحة لتحقيق الأثر الأكبر والأكثر فعالية.

والمؤسسة الدولية للتنمية هي أكبر مصدر على مستوى العالم لتقديم التمويل الميسر إلى البلدان النامية. ويتم تقديم حوالي 30 % من مساعدتها الخارجة في صورة منح، ويتم تقديم النسبة المتبقية في صورة قروض منخفضة الفائدة للغاية. وتقوم المؤسسة بدور محوري في رؤية البنك الدولي لخلق عالمٍ خالٍ من الفقر على كوكب صالحٍ للعيش فيه. ويساعد التمويل الميسر المقدم من المؤسسة البلدان على تعزيز النمو الاقتصادي لخلق فرص العمل وتحقيق الرخاء، والتغلب على الصدمات ومواجهة حالات الطوارئ، والمشاركة في العمل المناخي الفعال.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قمت بالمشاركة في مناقشة مائدة مستديرة بشأن التمويل الميسر في منتدى باريس للسلام. وتناولت هذه المناقشة 4 موضوعات عامة هي: أهمية الاستفادة من التمويل الميسر، وكيفية تخصيص الأموال المقدمة بشروط ميسرة لتحقيق أقصى قدر من الأثر، وتمييز الشروط الميسرة بين القطاعات، ومدى تعقيد هيكل المعونات الحالي.

وفي سياق الاحتياجات الإنمائية الهائلة ومحدودية الموارد، من المعقول للغاية الاستفادة من الأموال المقدمة بشروط ميسرة إن أمكن ذلك. ويسمح نموذج التمويل المختلط للمؤسسة، المطبق منذ عام 2017، بمضاعفة الموارد المقدمة بشروط ميسرة، بحيث يؤدي كل دولار مقدم للمؤسسة إلى توفير تمويل بنحو 4 دولارات للبلدان الفقيرة. وعلى الرغم من الكفاءة المالية المرتبطة بتعظيم الاستفادة من الموارد الشحيحة، نلاحظ زيادة مستمرة في نسبة المساعدات الإنمائية الخارجية التي تذهب إلى التسهيلات التي لا يتم تعظيم الاستفادة منها بأخذ 1 دولار من الجهات المانحة واستخدام هذا الدولار لتقديمه إلى البلدان المستفيدة في إطار إجمالي التدفقات المالية الرسمية. ولذلك ينبغي للمانحين أن ينظروا بعين الاعتبار فيما إذا كان لديهم التوازن المناسب بين التمويل بأسلوب الرفع المالي أو بغير أسلوب الرفع المالي.

ومن الواضح أيضا ضرورة تخصيص الموارد المقدمة بشروط ميسرة في حالة الضرورة القصوى وعندما تكون أكثر فعالية. وتقوم المؤسسة الدولية للتنمية بذلك بطريقة شفافة من خلال الموازنة بين احتياجات البلد المعني وأدائه، على سبيل المثال، تصنيف سياساته ومؤسساته وتقييمها. وتقاس الاحتياجات بحجم السكان ونصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي، وتؤخذ في الاعتبار عند تقديم مخصصات التمويل. 

وعلى مدى أكثر من 10 سنوات، والمؤسسة الدولية للتنمية تقوم بتخصيص المنح على أساس مخاطر المديونيات الحرجة وليس حسب القطاع. وعند تقديم منح المؤسسة لأول مرة في عام 2002 في إطار العملية الثالثة عشرة لتجديد مواردها، تم تخصيصها لقطاعات محددة، لكن ذلك لم ينجح بشكل جيد. ويتسم النهج الحالي للمؤسسة الدولية للتنمية بأنه جيد الاستهداف نظرا لتفاقم مخاطر المديونيات الحرجة على مدى السنوات العديدة الماضية. ومع ذلك، نلاحظ في السنوات الأخيرة تراجع نسبة التمويل الميسر في تدفقات التمويل الرسمية إلى البلدان المعرضة بشدة لمخاطر المديونيات الحرجة. 

وتساند المؤسسة الدولية للتنمية الجهود الرامية إلى الحد من التجزؤ الحالي في التمويل الميسر وهذا التعقيد الذي يشوبه. ولا نزال ندرس الاتجاهات الحديثة في هيكل المعونات العالمية، ونستخدم في أغلب الأحوال بيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتوضح الأبحاث التي قمنا بها أن هيكل المعونات العالمية يتسم بالتجزؤ المتزايد، مع انقسام التدفقات المالية الرسمية على نحو متزايد إلى أجزاء أصغر؛ وانتشار قنوات الجهات المانحة، حيث يتعين على بعض البلدان التعامل مع أكثر من 200 وكالة مانحة؛ وزيادة نسبة التسهيلات التي لا تتيح الفرصة للحصول على خدمات الرفع المالي؛ وارتفاع مستويات التحايل، حيث يمر 40% فقط من تدفقات التمويل الرسمية عبر الموازنات الوطنية للبلدان المستفيدة. 

ونظرا للأخطار الكبيرة التي يتعرض لها كوكبنا، من الضروري توسيع نطاق التمويل الميسر وزيادة كفاءته. ويمكننا القيام بذلك بمضاعفة قيمة كل دولار، بدلا من تقسيم جهودنا عبر انتشار القنوات، وتحقيق التعاون وتضافر الجهود مع الشركاء لتحقيق أقصى قدر من الشفافية والأثر.

وفي الشهر المقبل، ستعقد المؤسسة اجتماعا في زنجبار لإجراء مراجعة منتصف المدة لعملية تجديد الموارد الحالية، وهي العملية العشرون لتجديد موارد المؤسسة، وفي إطار هذه العملية سيتم توفير 93 مليار دولار لمساندة البلدان الفقيرة. ويتطلب حجم الأزمة العالمية الماثلة أمامنا منا رفع سقف طموحاتنا بشأن العملية الواحدة والعشرون لتجديد موارد المؤسسة. ومع بدء المشاورات بشأن عملية التجديد التالية لموارد المؤسسة في الأشهر المقبلة، ينبغي لمجتمع التنمية أن يركز على تعظيم أثر وتحقيق الكفاءة مقابل كل دولار يتم جمعه لصالح أشد بلدان العالم فقرا.


بقلم

أكيهيكو نيشيو

نائب رئيس البنك الدولي لتمويل التنمية

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000