لقد شهد العالم حالة من التوتر والاضطرابات على مدار العامين الماضيين وترتب على ذلك عواقب خطيرة بالنسبة للاقتصادات الأكثر تأثراً بأوضاع الهشاشة.
منذ آخر منتدى عن أوضاع الهشاشة في عام 2020 وخلال عام هيمنت عليه جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، عانى السلام والتنمية في مختلف أنحاء العالم من انتكاسات هائلة من آسيا إلى أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية. كما أن مخاطر الهشاشة والصراع تتفاقم في البلدان متوسطة الدخل. تشير أحدث توقعاتنا الاقتصادية إلى أنه بحلول عام 2023 سينخفض ناتج البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات بنسبة 7.5% عن مستويات ما قبل الجائحة. وهو ما يقل كثيرا عن التوقعات في بلدان الاقتصادات الصاعدة والبلدان النامية عموما. وبالنسبة للفئات الأكثر احتياجاً، يعني ذلك انعدام الأمن الغذائي والفقر المدقع وفقدان رأس المال البشري وتضاؤل الفرص الاقتصادية إضافة إلى مخاطر العنف والنزوح القسري.
وبالنسبة لمؤسسات مثل البنك الدولي، فإن أحد التحديات الكبرى التي نواجهها يتمثل في الاضطرار إلى وقف الدعم الذي نقدمه للبلدان في أوقات الاضطرابات السياسية الكبيرة مثلا الانقلابات العسكرية. وهذا يعني أنه لن يكون بوسعنا الاستمرار في تقديم الخدمات التي تمس الحاجة إليها للملايين من الفقراء والفئات الأكثر احتياجاً. ولزاما علينا أن نعمل على إيجاد حل عملي لهذا التحدي ونرحب بمنتدى أوضاع الهشاشة الذي ينعقد في 2022 باعتباره فرصة للمجتمع الدولي لتحديد السبل الكفيلة بمساعدة الفئات الأكثر تضررا من هذه الأزمات المتداخلة.
يوفر منتدى أوضاع الهشاشة 2022: التنمية والسلام في أوقات يخيم عليها عدم اليقين ، المُقرر أن يُعقد ما بين السابع والثامن عشر من مارس/آذار، للمجتمع الدولي محفلاً للتجمع وتقييم الطريقة التي كان يتفاعل بها مع أوضاع الهشاشة والصراع والعنف على مدى العقد الماضي، وكيفية التحرك في المرحلة القادمة.
وتتطور الاستجابة العالمية لأوضاع الهشاشة والصراع والعنف دوما بهدف التكيف مع التغيرات المتلاحقة الكثيرة على المسرح الدولي. ومن آثار تغير المناخ إلى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية غير المسبوقة التي خلفتها جائحة كورونا، فضلا عن تزايد التوترات السياسية والعنف، أثرت هذه التحديات المتشابكة بشكل خاص على السكان الذين كانوا يعانون بالفعل من الهشاشة الهيكلية والصراعات العنيفة.
وسيجمع منتدى الهشاشة 2022 الآلاف من ممثلي البلدان والمنظمات المعنية ممن يلعبون أدوارا رئيسية في التعامل مع هذه الأجندة. ومن بين هؤلاء واضعو السياسات، وممارسون من جماعات الإغاثة الإنسانية ومؤسسات التنمية والسلام والأمن، والقطاعين العام والخاص، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني.
وعلى مدار عشرة أيام، سيتبادل هذا الجمع الأفكار والخبرات لتحسين نُهج التنمية في بيئات الهشاشة والصراع والعنف الأمر الذي يمكن أن يساعد على تعزيز السلام وترسيخ الاستقرار.
لقد مضى عقد من الزمن منذ نشر مطبوعة تقرير عن التنمية في العالم لعام 2011 عن الصراع والأمن والتنمية الذي دعا إلى تعزيز الريادة والمسؤولية القُطرية وإلى التعاون بين الجهات الفاعلة في مجالات الإغاثة الإنسانية والتنمية والسلام والأمن. لقد حان الوقت لتقييم عناصر النجاح في تحقيق هذه الأهداف، وكذلك تحديد المجالات التي يمكن فيها، نحن المجتمع الدولي، أن نفعل ما هو أفضل لإقامة نظام دولي قادر على التصدي لمخاطر القرن الحادي والعشرين.
وستدور المناقشات والجلسات في المنتدى حول أربعة محاور رئيسية هي:
- معالجة المخاطر المتفاقمة وتعزيز القدرة على التكيف في بيئات الهشاشة والصراع والعنف مع وعي كامل ومتعدد الأبعاد لكيفية تفاعل وتشابك تلك المخاطر.
- تغيير المسار الاقتصادي في بيئات الهشاشة والصراع والعنف: من خلال تسليط الضوء على الأدوات والنُهج الجديدة المطلوبة للمساهمة في إحداث التحول الاقتصادي وخلق الفرص، وتوفير الوظائف، وبناء قدرة القطاع المالي على الصمود، والربط الإلكتروني الشامل للجميع، والتنمية التكنولوجية/الرقمية.
- إعادة النظر في الصلة بين التنمية والأمن: من خلال نقاشات حول تجارب ملموسة في مجال تنسيق الجهود وتكاملها لبلوغ أهداف التنمية والسلام، والدروس المستفادة، وتجارب النجاح والفشل في جهود التعاون، وغير ذلك.
- التحديات والحقائق في مجال الحوكمة وبناء المؤسسات في بيئات الهشاشة والصراع والعنف: من خلال مناقشات تدعو إلى إلقاء نظرة عميقة وصادقة على حقائق وتحديات بناء الدولة والمؤسسات، وخاصة في ضوء الدروس والخبرات المستفادة خلال العام الماضي في ميانمار وأفغانستان ومنطقة الساحل والقرن الأفريقي وغيرها.
وسيقدم المنتدى جدول أعمال حافلاً من أكثر من 60 جلسة تعقد عبر الإنترنت. وسيتضمن ذلك حلقات نقاش، وورش عمل، ومدونات صوتية تركز على قضايا منها على سبيل المثال لا الحصر: تغير المناخ والصراع، والحوكمة والمؤسسات، والحد من العنف في المناطق الحضرية، ومؤسسات الأمن والعدالة، وإشراك القطاع الخاص، أو الجيل القادم من الأمن البشري.
ونحن نحرص على عقد هذه المحادثات المهمة مع شركائنا المتعددين في هذا المجال، وعلى القيام بذلك في أعقاب الموافقة الأخيرة على العملية العشرين لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية. وتضاعف تمويل المؤسسة الدولية للتنمية للدول الهشة والمتأثرة بالصراعات إلى ثلاثة أمثاله تقريبا في السنوات الخمس الماضية. ومع المستوى القياسي من التمويل الذي تقدمه المؤسسة لأفقر 74 بلدا في العالم، وتركيزها المستمر على أوضاع الهشاشة والصراع والعنف، والقضية المشتركة الجديدة بشأن التأهب لمواجهة الأزمات التي أضيفت إلى جدول أعمالها ، ستظل العملية العشرين أداة رئيسية للتمويل والسياسات لا تستهدف فقط تحسين حياة أكثر الفئات احتياجاً في بيئات الهشاشة والصراع والعنف، بل أيضا لدعم آليات الدفاع والوقاية. وتحتل معالجة أوضاع الهشاشة مركز الصدارة في رسالة البنك الدولي المعنية بإنهاء الفقر.
ومع تفاقم أوضاع الهشاشة في العديد من مناطق العالم، تتزايد التحديات الماثلة أمامنا على نحو هائل. ونحن نتطلع إلى الاجتماع مع الأطراف المتعاملة مع أوضاع الهشاشة والصراع والعنف مرة أخرى وإجراء هذه المحادثات الصعبة التي تمس الحاجة إليها. ونحن واثقون بأنكم تواقون أيضا إلى التفكير وإعادة النظر وتعديل أفكاركم ومقترحاتكم وكلكم عزم على المضي قدما مدفوعين بالدروس والابتكارات التي سنعرضها في هذه الفعالية.
باب التسجيل في منتدى أوضاع الهشاشة 2022 مفتوح الآن ونرحب بتعليقاتكم هنا أو بالاتصال بنا عبر البريد الإلكتروني: fragilityforum@worldbank.org
نراكم في مارس/آذار!
انضم إلى النقاش