نشر في أصوات

فتح الأبواب: إزالة القيود على عمل المرأة لتعزيز التمكين الاقتصادي لها

الصفحة متوفرة باللغة:
مراجعة التقدم المحرز والجودة في سد قيد الإنشاء في سري لانكا. | © لاكشمان ناداراجا/البنك الدولي ضمان تكافؤ الفرص الاقتصادية للمرأة يصب في مصلحة الجميع. | © لاكشمان ناداراجا/البنك الدولي

في أوائل القرن الواحد والعشرين، بدا العالم وكأنه يستعد لعصر ذهبي - عصر يمكن فيه القضاء على الفقر، وترتفع فيه مستويات المعيشة، ويصبح فيه الكوكب الصالح للعيش في متناول اليد. ومنذ ذلك الحين، أُحرِزَ تقدم كبير من أجل مستقبل أكثر إنصافاً. ومع ذلك، لا تزال هناك حواجز مستمرة تعترض مشاركة المرأة في سوق العمل ومساهمتها الكاملة في التنمية الاقتصادية.

على الرغم من اعتماد العديد من المعايير القانونية الدولية، مثل الاتفاقية رقم 111 لمنظمة العمل الدولية بشأن حظر الفصل المهني، وعلى الرغم من زيادة التركيز على إجراءات الصحة والسلامة المهنية بدلاً من القيود الصريحة، لا تزال النساء في 59 من أصل 190 اقتصاداً شملتها الدراسة الاستقصائية التي أجراها فريق إعداد تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون الصادر عن البنك الدولي، تواجه عوائق قانونية ونظامية تحول دون التحاقهن ببعض الوظائف في العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل التعدين والمصانع والبناء والتشييد والطاقة والمياه والزراعة والنقل (انظر الشكل 1).  

ولا تُعد هذه القيود ظلماً أخلاقياً فحسب، بل هي أيضاً عبء اقتصادي. والواقع أن الفصل المهني بين الجنسين يؤدي إلى انعدام كفاءة سوق العمل، ويقلل من المرونة الاقتصادية، ويساهم في زيادة البطالة وفجوات المهارات عن طريق الحد من التنقل بين المهن القائمة على نوع الجنس.  

ويُعد قطاع التعدين الأكثر تقييداً، حيث يحد حوالي ربع الاقتصادات المشمولة بالدراسة وعددها 190 اقتصاداً من توظيف المرأة في هذا القطاع. كما توجد معوقات كبيرة في قطاع البناء والتشييد وقطاع المصانع، في حين أن قطاعات النقل والزراعة والطاقة والمياه أقل تقييداً ولكنها لا تزال محدودة (الشكل 1). وتقلل هذه الأنواع من القيود من خيارات عمل المرأة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في الاقتصادات التي تشكل فيها القطاعات الصناعية العمودَ الفقري للاقتصاد وتلتحق بها غالبية القوى العاملة. ففي بابوا غينيا الجديدة، على سبيل المثال، يهيمن قطاعا المعادن واستخراج الطاقة على عائدات التصدير، حيث يشكلان معاً أكثر من 25% من إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد كل عام. ومع ذلك، تُمنع النساء من العمل في هذين القطاعين، مما يعرقل وصولهن إلى بعض القطاعات الأكثر ربحاً في البلاد، حيث يتم إقصاؤهن وإلحاقهن بوظائف منخفضة الأجر..

 

الشكل 2: القيود على عمل المرأة في المناطق وفئات الدخل

المصدر: قاعدة بيانات تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2024.

تختلف القيود على عمل المرأة بشكلٍ كبيرٍ بين المناطق وفئات الدخل (الشكل 2). وتأتي منطقة جنوب آسيا في الصدارة، حيث تفرض 62.5% من بلدانها قيوداً على عمل المرأة، تليها أوروبا وآسيا الوسطى بنسبة 39%. وتشهد الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل والبلدان منخفضة الدخل أعلى معدلات الانتشار، ولكن ما يقرب من 30% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل تفرض قيوداً خانقة على خيارات توظيف المرأة. وترسم هذه النتائج صورة قاتمة لعدم المساواة بين الجنسين على مستوى العالم في الالتحاق بسوق العمل. فالنمو الاقتصادي وحده لا يكفي لتفكيك القيود الراسخة؛ ويجب بذل المزيد من الجهود لتحدي الأعراف والتحيزات الاجتماعية التي تحول دون المشاركة الاقتصادية للمرأة والتغلب عليها.

ومع ذلك، فالصورة ليست قاتمة على نحوٍ مطلق؛ ففي عام 2023، رفعت خمسة اقتصادات القيودَ المفروضة على عمل المرأة في مختلف القطاعات الاقتصادية. قامت أذربيجان بإزالة القيود المفروضة على أكثر من 600 مهنة ووظيفة. وألغت سيراليون القيود في جميع القطاعات الاقتصادية ، بينما ألغت أوزبكستان القيود المفروضة في قطاع التعدين. وألغت ماليزيا الحظر المفروض على عمل المرأة في النوبات الليلية في البيئات الصناعية، ويقصر الأردن الآن بعض الوظائف على الحوامل والمرضعات فقط، مما يخلق المزيد من الفرص في مختلف القطاعات.

هناك مثل يقول: "لا يمكنك إصلاح ما لا يمكن قياسه"، لذلك يجب أن تكون الأطر القانونية مدعومة بالبيانات للوصول إلى فهم أفضل وأوضح. ومع ذلك، لم ينشر سوى 90 اقتصاداً من أصل 190 بيانات مصنفة حسب نوع الجنس حول عمل المرأة حسب القطاع في السنوات الثلاث الماضية. ولا يتم الإبلاغ عن قطاع التعدين، وهو القطاع الأكثر تقييداً، حيث تم الحصول على بياناتٍ من 80 اقتصاداً فقط، في حين نشر 92 اقتصاداً مثل هذه البيانات عن قطاع النقل الأقل تقييداً (الشكل 3). ويسلط هذا التناقض الضوءَ على حقيقةٍ مثيرةٍ للقلق: فالقطاعات التي تعاني المعوقات الأكثر رسوخاً بين الجنسين في سوق العمل ليست بالضرورة هي القطاعات التي تخضع لأكبر قدر من التدقيق.

يصب ضمان تكافؤ الفرص الاقتصادية للمرأة في مصلحة الجميع، وهذا يتطلب نهجاً ثلاثي المحاور: القياس المناسب، وإصلاح القوانين، والتعاون الدولي القوي والمساءلة. ويمكن الاسترشاد بجمع وتحليل البيانات المصنفة حسب نوع الجنس في عملية وضع السياسات القائمة على الشواهد والأدلة. وتعتبر الإصلاحات القانونية والسياسية التي تزيل القيود المفروضة على خيارات التوظيف وتعزز المساواة بين الجنسين في مكان العمل أمراً بالغ الأهمية لإتاحة الفرص الاقتصادية للمرأة. وأخيراً، يشكل تعزيز التعاون الدولي ومساءلة البلدان ضرورة لا غنى عنها لضمان الوفاء بالالتزامات الرامية إلى النهوض بالحقوق الاقتصادية للمرأة.

ويمكن للحكومات وواضعي السياسات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد الاستفادة من البيانات والنتائج التي يشتمل عليها تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون لتقييم البيئة القانونية والتنظيمية في بلدانهم، وتعزيز الإصلاحات التي تيسر وصول المرأة إلى سوق العمل، والمساهمة في تعزيز الرخاء المشترك وتكافؤ الفرص الاقتصادية للجميع. 


جايا بشارة

متدربة سابقة، فريق إعداد تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000